تحت جناحيه
يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المُرسلين إليها:
كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة
فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا
( لو 13: 34 )
"تحت جناحيه" .. تُستخدم هذه الصورة البليغة المُقتبسة من مملكة الطيور، للتعبير عن مكان الأمان والراحة والحماية الذي هو من نصيب المؤمن في الله.
يقول بوعز عن راعوث إنها قد جاءت لكي تحتمي تحت جناحي الرب ( را 2: 12 ). ويقول داود "ما أكرم رحمتك يا الله. فبنو البشر في ظل جناحيك يحتمون" ( مز 36: 7 ). وعندما كان في خطر، صلى قائلاً: "بظل جناحيك استرني" ( مز 17: 8 ). وفي مناسبة أخرى قال: "لأنك كنت ملجأ لي. برج قوة من وجه العدو .... أحتمي بستر جناحيك" ( مز 61: 3 ،4). ثم نرى مزمور91 يعطي وعداً للذي يسكن في ستر العلي قائلاً له: "بخوافيه يظللك، وتحت أجنحته تحتمي".
فعندما يدنو الخطر تدعو الدجاجة صغارها، فتجري جميعها للاحتماء تحت جناحيها، وهناك تستريح الصغار في أمان وثقة. ربما لم ترَ الفراخ الخطر أو تتحقق الموقف الخطير، ولكنها تسمع نداء الأم التي تحذرها، ذلك النداء الصادر عن مشغولية المحبة، يدعو الصغار للمجيء تحت جناحيها للأمان، وهي تطيع نداء الأم. وهناك تحت جناحيها القويين المظللين، تكون الصغار آمنة، إذ أنه قبل أن يلمسها العدو، عليه أن يخترق جناحي المحبة والقوة.
والصغار تحت جناحي الأم لا ترى العدو، بل إن جناحي الأم الساترين هما كل ما تراه الصغار وتشعر به، فتتمتع بالراحة والأمن والفرح في هذا الملجأ وسط الخطر. وعندما يأتي ظلام الليل وبرودته، تلجأ الصغار عادة إلى نفس تلك الأجنحة وتستريح في دفئها وتحت غطائها.
ونحن الآن نعيش في أوقات مُظلمة باردة خطيرة، فماذا نفعل؟ علينا أن نصغي إلى صوت مخلصنا وحامينا العظيم يدعونا في لحظات الخطر لكي نأتي ونحتمي بظل جناحيه القويين. فلنصغِ إلى ندائه ونستقر هناك في عناية المحبة، ناظرين إياه فقط، وله جناحا الحنان والقوة، متذكرين أن ما يهددنا يجب أولاً أن يخترق جناحيه الحارسين قبل أن يدركنا. وليتنا ندرك قيمة التعود على الاستقرار تحت جناحيه يومياً، وحيث نجد الدفء والفرح عندما تعبر على نفوسنا الظلمة والبرودة، وعندئذ نستطيع أن نرنم فرحين.