|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحق والباطل بقلم قداسة البابا شنوده الثالث جريدة الأهرام منذ بداية الخليقة وهناك الحق والباطل. الحق في الملائكة الأطهار، والباطل في الشيطان وأعوانه الأشرار. الحق في هابيل البار ابن أبينا آدم، والباطل في أخيه الذي قتله ... ومرت العصور والحق والباطل موجودان. والعجيب أن الباطل انتشر انتشاراً كبيراً في الوثنية، وتعدد الإلهة، وعبادة الشمس، وعبادة الأرواح. كما انتشر الباطل في الفساد بألوانه وأنواعه... بينما انزوى الحق بين قِلّة تعبد اللَّه الحق، وتتمسَّك بالإيمان والفضيلة والعمل الصالح... وظل الحق والباطل يتصارعان على مدى العصور. ?? وكثيراً ما كان الباطل ينتصر، لأن وسائله أكثر ... الباطل يستطيع أن يكذب ويغش ويخدع، والحق لا يستطيع ذلك. الباطل يمكنه أن يقسو ويبطش ويقتل ويغدر. والحق لا يستطيع أن يفعل ذلك. الباطل يلجأ إلى حبك المؤامرات وتدبير الحيل المهلكة، وتغطية أعماله الخاطئة بخدع، بينما الحق لا يسمح له ضميره بفعل شيء من هذا كله. الباطل يُقدِّم لأتباعه المغريات والنجاسات التي ترضي غرائزه المنحرفة، والحق يرتفع عن هذا المستوى ... كما أن الحق مُقيِّد بقيم ومبادئ ووصايا إلهية، لا يستطيع أن يخرج عن طاعتها. بينما الباطل مُتسيب يفعل ما يشاء، ويسلك حسب هواه بلا ضابط. لذلك فكل الوسائل متاحة أمامه، والباب مفتوح له في أي طريق يسلكه! ?? لذلك فالباطل له أنصاره وأتباعه والكثيرون، لأنه يوصلهم إلى اغراضهم بشتَّى الطرق والحيل والأساليب ... يوصلهم بالإدعاء أو بالرشوة، أو بالتزوير والتزييف، أو بالاتصال بمراكز القوى وأصحاب القرار فينالون ما يشتهون! أمَّا الحق طرقه ضيقة ومحدودة. يقول لِمَن يتبعونه: هذا ضد الدين، وهذا ضد القانون، وهذا ضد الأخلاق، هذا لا يليق، وهذا لا يجوز ... لذلك يبعد الناس عن الحق أحياناً، ويتهمونه بأنه يُعقِّد الأمرو، بينما الباطل يسهلها! وبهذا يصبح أصحاب الباطل أكثر وينتشر الفساد. ?? والباطل يُسمِّي الأخطاء بغير أسمائها، وكأنها حق!! يُسمِّي التحايل بأنه لون من الذكاء. ويُسمِّي القسوة بأنها شيء من الحزم. ويُسمِّي البُخل بأنه حكمة في التدبير. ويُسمِّي العلاقات الشبابية الخاطئة بِاسم الحب. كما يُسمِّي المغريات من وسائل اللهو بِاسم الفن. ويعتبر سلوك كل إنسان حسب هواه بأن هذه هى الحرية. ويُسمِّي السب والقذف في الجرائد والمجلات بأنه حرية النشر والتعبير!! وكل خطأ من الأخطاء له عند الباطل اسم جميل يجلب الناس إليه أو سبب معقول يبررهم. ?? على أن الباطل إن انتصر أولاً، فإن الحق ينتصر أخيراً. ولو بكثير من الاحتمال. لقد قال المُصلِّي: " لماذا يارب تنجح طريق الأشرار؟! اطمئن كل الغادرين غدراً! " وأجاب القديس أغسطينوس على ذلك فقال: " إن الباطل المنتصر يشبه الدخان الذي يرتفع إلى فوق، وتتسع دائرته ولكنه في كل ذلك يتبدد ". إن الاستعمار هجم على كثير من البلاد التي هى أضعف منه. وبرَّر انتشاره بأسباب سياسية واقتصادية. ثم جاء الوقت الذي انتهى فيه الاستعمار، تأسَّست مكانه دول مستقلة. في وقت من الأوقات استعمرت إنجلترا الهند. ثم حدث أن الناسك الهندي العظيم المهاتما غاندي استطاع بهدوئه وسلامه أن يحصل على استقلال الهند وتخلَّصت من الاستعمار. ?? إن الحق عليه أن يحتمل بعض الوقت حتى ينتصر أخيراً. فسياسة البيض حكمت جنوب أفريقيا زمناً مضطهدة السود. ثم خرج واحد من المسجونين السود ليكون أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا. وهتلر دوَّخ العالم زمناً بقوة عجيبة، واستولى على بلاد عديدة، وصار رعباً في زمنه. ثم أتى الوقت الذي انتهى فيه هتلر وانتصر الحلفاء. كذلك الشيوعية سيطرت على روسيا سبعين عاماً ونشرت الإلحاد. ثم بعد ذلك عاد الإيمان إليهم وانتصر على الشيوعية ... حقاً إنه بعد كل ليلٍ مُظلمٍ دامس، يأتي الفجر ثم النهار الساطع النور. ?? الباطل قد يعتز بأساليبه وبنجاحه الأول، لكن ذلك لا يستمر. بالغش قد ينجح الطالب في الامتحان، ولكنه لا ينجح في حياته العملية. ونجاحه هو نجاح مؤقت، كالبخار يظهر قليلاً ثم يضمحل. والباطل قد يقول: إن الكذب يُنجِّي! ولكن ذلك ليس في كل حال. كما أن الكذب قد ينكشف فتكون النتيجة أسوأ ... والطغاة قد يبطشون بالضعفاء فيخضعون لهم إلى حين. ومع ذلك فالحال لا يستمر. فما أسهل أن يثور هؤلاء على الطُّغاة ويتخلَّصون من بطشهم. إن الأب القاسي قد يصور له الباطل أنه بالشدة والعنف يُربِّي بناته تربية سليمة. فيحبسهم في البيت، ويمنع عنهن كل صلة ... ورُبَّما تكون النتيجة عكسية، فيهرب البنات من سطوته إلى أي صدر حنون! ?? إن الحق والباطل قد يتصارعان حول المبادئ والقيم. وقد تختلف الموازين وتنعكس المفاهيم. فيحتار الناس أين الحق وأين الباطل؟! الكل يقول أنه على حق. حتى الباطل نفسه يدَّعي أنه هو الحق!! والمسألة تدور حول الخلاف في المفاهيم، أو الخلاف في الانتماء. وكل فريق ينتمي إلى مجموعة معينة يقول إنها على حق. وأحياناً يتوقف ميزان الحق على القوة. فدائماً يرى الفريق الأقوى أنه يُمثِّل الحق. وأن الحق هو مصدر قوته. وما أعمق كلمة الزعيم سعد زغلول حينما قال: " الحق فوق القوة ". ولعله لا يقصد كل قوة، إنما القوة التي هى ضد الحق. فهذه يكون الحق فوقها. ?? من أجل هذا أرسل اللَّه أنبياءوه ليعلمون ما هو الحق. وأعطانا وصاياه الإلهية تشرح لنا ما هو الحق. كما وهب لنا الضمير. والضمير الصالح دائماً يحكم بالحق. ولكن الباطل قد يغزو الضمير أيضاً فيُضلِّله وذلك إذا ما جعل الشهوة تنتصر على الضمير وتصور له بالباطل طريقاً آخر يسلكه ضد الحق. وأيضاً يتوه الحق إذا ما تعرَّض لمشورة خاطئة أو قيادة باطلة. وهكذا ورد في الكتاب المقدس قول الرب: " يا إسرائيل، مرشدوك مضلون ". |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
* حوار بين الحق والباطل * |
الحق ابلج والباطل لجج |
الحق والباطل |
الحق والباطل |
الحق والباطل |