رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تابع في بناء الخادم :ج2 4 - نير الخدمة رحمة وسخرة بآن واحد : أولاً : رحمة ، لأنه دعاك لتخدمه ، فوراء دعوته حتماً قصة أختيار وحب "وأنا أشكر المسيح يسوع ربنا الذى قواني أنه حسبني أميناً إذ جعلني للخدمة" (1تى 1 : 12) . كما أن وراء الدعوة خطة تبرير أكيد بل تمجيد "الذين سبق فعَّينهم فهؤلاء دعاهم أيضاً ، والذين دعاهم فهؤلاء برَّرهم أيضاً ، والذين برَّرهم فهؤلاء مجَّدهم أيضاً" (رو 8 : 30) . فالخدمة بهذا الحال دليل رحمة وطريق تبرير ، ليس أن الخادم يبرَّر نفسه ولا أن الناس يبررونه ، بل الذي يبرره هو الله ، فالله هو بر الخادم . أما الخادم فيظل غير مبرَّر في عيني ذاته وكلا شيء بالمرة ! لذلك يكمل بولس الرسول الآية السالفة يقوله : "فماذا نقول لهذا : إن كان الله معنا فمن علينا؟" (رو 8 : 31) ، أي أن تبرير الخادم وقوته وخلاصه من الدينونة هي بسبب انضمامه إلى الله لخدمته ، أو هي حالة ناتجة ومتوقفة على وجوده هو مع الله . إذن فالخدمة هي في حقيقتها دعوة رحمة ، وتبرير ، وتبعية لله ! ثانياً : سُخرة ، ولكنها سُخرة محبة ، لأني أنا الذي أقبلتُ عليها مسروراً كرامة للذي دعاني وقبلتُها مقهوراً ، مقهوراً من حبه ومن حبي ، لأنه هو سبقنى وقَبِلَ هذه السُّخرة نفسها عني حينما خدم خلاصي بدمه وغسل رجلى باتضاعه ، وبيع كعبد بثلاثين من الفضة ، وسُرَّ أن يموت ثمناً لحريتي . ولكني بعد أن سخَّرت نفسي لخدمة محبته ما عاد لي سلطان أن أستعفي أو أن أطلب أجرة !! "إذ الضرورة قد وُضعت عليَّ فويل لي إن كنت لا أبشر" (1كو 9 : 16) . هكذا صارت الخدمة مزيجاً من رحمة وسُخرة ، رحمة في بر يمنحه الله ، ولكن لا نستطيع أن نفتخر به ، وسُخرة محبة ننجذب إليها ، فلا نعود نستطيع أن نستعفي منها !! 5 – النير الخفيف الثقيل : حينما نكون في وضعنا الروحي النشيط نرى نير الخدمة خفيفاً غاية الخفة ، وحينما نتكاسل ونهمل ونتحلل من الوجبات نرتبك ويضيق الأفق الروحي أمامنا فنرتمي في أحضان العقل والتفكير وحينئذ يثقل علينا النير حتى لا يعود يُطاق !! ويتكرر الموقف وتتبادل الخفة مع الثقل على مدى الطريق ، بقدر ما يتبادل النشاط الروحي مع الإهمال ! لا مناصَ يا آبائي وإخوتي من الإقرار والاعتراف بأن كل ثقل يتراءى لنا في نير الخدمة هو من صنع إهمالنا أو من صنع كبريائنا ! فلا تلوموا أحداً قط على الثقل الذي أصابكم والذي تحسونه بمرارة . ولكن ابحثوا عن المنفذ ، فلا خلاص من ثقل النير إلا بمضاعفة الصلاة واللجوء إلى الاتضاع في الحال ، حينئذ تنقشع الغمامة ، وفي وسط الصلاة ومن على تراب الأرض يلمح الإنسان خفة النير من جديد ويفرح به ويرتضيه . والنير هو النير لم يتغير ولم يتبدَّل !! 6 – جعلتك آية : من وظائف الكاهن أو الخادم وظيفة يكاد لا يلمحها أحد أو يهتم بها مع أنها ذات أهمية كبيرة ، وهي أن يستخدمه الله كمَثَل أو نموذج أو آية للشعب . وطبعاً العهد القديم ملئ بهذه النماذج ، ومن أعجب هذه النماذج ، ما أوحى الله به لحزقيال النبي أن ينام على جنبه ثلاثمائة وتسعين يوماً ، وربطه الله بالصبر والثبات ليتمم النبوة ، على أن يأكل أثناءها خبزاً نجساً . وكل ذلك ليكون آية ونبوة لسقوط إسرائيل تحت خطاياها النجسة هذه المدة بعينها ، إنما بدل الأيام تكون سنيناً . ثم أمره أن يحلق شعر رأسه ولحيته ، ويقسمه ويذريه ، ويلقي ثُلْثه في النار كناية عن زوال رحمة الله وعنايته عن إسرائيل وتبديدهم في أقطار الأرض ووقوعهم تحت نار غضب الله ! ولكن في بولس الرسول نرى نموذجاً جديداً ، فهو يقول عن نفسه : "لكننى لهذا رُحمت ليُظهر يسوع المسيح فيَّ أنا أولاً كل أناة مثالاً للعتيدين أن يؤمنوا به للحياة الأبدية" (1تى 1 : 16) . وعلى هذا المنوال تعمل النعمة في كل كاهن مختار من الله وكل خادم ممتلئ من الروح القدس ؛ إذ تجعل من شكله وكلامه وسيرته آية للشعب دون أن يدري أو يحس . إذ تُركِّز النعمة عملها فيه في ناحية من النواحي فتكشف مَسْكنته أو بساطته أو بكاءه أو عطفه أو حنانه أو طهارته أو حلمه أو بذله المتناهي أو تسليمه لحياته . والنعمة ، لكي تُظهر ذلك فيه ، تستخدم أحياناً نار الممحِّص والتجارب والأحزان التي تكون بمثابة النار التي نشعلها تحت البخور فتفيح رائحته . والعجيب أنه في اللحظة التي يقرر فيها الكاهن أو الخادم أنه لم يعُدْ يصلح لشيء ولا لمزبلة ، معتقداً أن التجارب التي أحاطت به هي بسبب خطاياه ، ويظن أنها حتماً تخلية من الله ، تكون النعمة قد أكملت خطتها والتحمت النار بالبخور وأفاحت رائحة المسيح التي فيه !! وهكذا ومن الصفة الضعيفة ذاتها التي يكرهها الخادم في نفسه ، تخرج النعمة آية من آيات رحمة الله ! فلو انفتحت أذن الكاهن أو الخادم اليائس من خدمته بسبب ضعفه ، لتسمع رأي الله فيه ، لسمعت الآتي : وأنا من أجل هذا الضعف اخترتُك لتكون آية لرحمتي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|