رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أيّوب البارّ والإنتصار على الألم الإنتصار على الألم: قوّة الإيمان يُخطئ من يظنّ بأنّ الذي يصلّي ويحفظ وصايا الله هو محمي من الألم والمحن في هذه الحياة، مكافأةً له من الربّ يسوع على تقواه ومحبّته لله. يذكر لنا الكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد أشخاصًا أبرارًا عرفوا الألم، كما يذكر تاريخ الكنيسة قصص آلاف القدّيسين والشّهداء الذين سفكوا دماءهم من أجل المسيح. يتعرّض الإنسان المؤمن وغير المؤمن للألم والمحن، لكنّ الفرق بينهما أنّ من بنى بيته على الصّخر يصمد أمام الكوارث ومن بنى بيته على الرّمال ينهار. يؤكّد الكتاب المقدّس أنّ صاحب الإيمان يجرّب ويمتحن ويتألّم. نقرأ في رسالة القدّيس يعقوب: "أنظروا يا إخوتي إلى ما يصيبكم من مختلف المحن نظركم إلى دواعي الفرح الخالص. فأنتم تعلمون أنّ امتحان إيمانكم يلد الثبات" (يع 1/ 2 - 3). ويقول القدّيس بطرس: "لا بدّ لكم من الإغتمام حينًا بما يصيبكم من مختلف المحن، فيمتحن بها إيمانكم وهو أثمن من الذهب الفاني الذي مع ذلك يمتحن بالنّار فيؤول إلى الحمد والمجد والتكرمة عند ظهور يسوع المسيح" (1 بط 1/ 6 - 7). ويزيد قائلاً: "إفرحوا بمقدار ما تشتركون في آلام المسيح حتّى تفرحوا أيضًا وتبتهجوا في تجلّي مجده" (1 بط 4/ 13). ويقول القدّيس بولس: "إنّ آلام هذا الدّهر لا تقاس بالمجد المزمع أن يتجلّى فينا" (روم 8/ 18). عندما نقول "لو كان الله صالحًا لما سمح بالألم"، يبيّن هذا التصريح بأنّ الألم غيرُ نافعٍ للإنسان. هل حقًّا أنّ الألم الذي نبغضه جميعًا ونرفضه هو غير نافع للإنسان؟ هل من الصّواب التفكير بأنّ الألم يُشير إلى عدم صلاح الله؟ هل يمكن أن نتصوّر إنسانًا خاليًا من الألم، كيف يتصرّف؟ وبأيّ أسلوب يتكلّم؟ وكيف يمشي؟ وعمّ يتكلّم؟ وكيف يُعامل غيره؟ هل الألم أو فكرة الألم تهذّب النّفس، وتُليّن حدّة اللّسان، وتُهيّئ الرّوح، وتُولّد تواضعًا، وخُلقـًا، وإبداعًا من أجل الآخر؟ صلاح الله نابعٌ من طبيعته. وكما يُعلنه لنا الكتاب المقدّس هو محبّة. فالله المحبّة هو صالح، ولأنّه محبّة يريد أن يشارك حياة الإنسان ويشركه في حياته. ليست المحبّة مشاعر جيّدةً وطيّبةً تُجاه الآخر فقط، إنّما رغبة صادقة لتقديم الخير المطلق للذي نُحبّ. تُسبّب محبّة الله الصادقة ألمًا في الإنسان الخاطئ. إن كنّا نظنّ بأنّ الله يرغب في أن يُبقي الإنسان كما هو في ضعفه وخطيئته فظنّنا يشير باطنيًّا إلى أنّ الله غيرُ محبٍّ. يريد الله ما هو أفضل لنا، وهو يعرف أكثر منّا. لو أنّ الله استجاب لكلّ الطلبات، فكيف يكون وضع الإنسان؟ نتألّم أحيانًا لأنّ الله يحبُّنا. يهمس الله في آذاننا وسط أفراحنا، ويتكلّم معنا من خلال ضمائرنا، ويصرخ بنا في آلامنا. يُزيل الألمُ الفرح الزائف ويجعلنا نتمسّك بالفرح الحقيقيّ. أحيانًا يكون الإنسان منحدرًا نحو الجحيم وضميره مُخدّرًا، وفجأة يوقظه الألم. قُدرة الله على كلّ شيء لا تعني أنّ الله يفعل أشياءَ بخلاف طبيعته وجوهره. الله القادر على كلّ شيء هو قدّوس، فلا يفعل الشرّ لأنّه قدّوس. يعيش الإنسان في عالم منظّمٍ خلقه الله، وكلّنا نخضع لهذا النّظام الذي وضعه. من يطلب ألاّ يتألّم فهو يطلب من الله أن يُغيّر كلّ الأنظمة لتتلاءم مع حاجته، فيهمل حاجة الآخرين. أن ترفض الألم يعني أن ترفض النّظام الذي وضعه الله. خلق الله عالمًا منظّمًا، فيه جبال وأودية، فرح وألم، لذلك لا نستطيع أن نطلب من الله أن يُغيّر نظام الكون، لكي لا نتألّم. خلق الله الإنسان وأعطاه الحريّة. يختار الإنسان ما يريد أن يفعل أو ما لا يريد أن يفعل. وبفعله أو عدمه يؤثّر سلبًا أو إيجابًا في الآخرين. فإمّا أن يكون الإنسان حرًّا أو لا يكون. لا نستطيع أن نقول يا ربّ لا تعطِ الحريّة للأشرار ولكن أعطها للأبرار فقط. أن يكون الإنسان غير حرٍّ، يعني أنّ الله سلبه إنسانيّته ومعنى وجوده. لا نستطيع أن نطلب من الله أن يعطي الإنسان الحريّة ويُسيّر أفكاره وآراءه. لم يخلق الله الإنسان كحجر شطرنج أو دُمية. لأنّ الإنسان حُرٌّ ومسؤول. قد يُخطئ تُجاه نفسه أو تُجاه الآخرين أو تُجاه الطبيعة فيتألّم. يبقى الله صالحًا وقادرًا على كلّ شيء حتّى ولو لم يتدخّل. لأنّ عدم تدخّله فعلٌ ينسجم مع طبيعته. فعوضًا عن لَوْم الله لنبحثْ عن الطريق والحقّ والعلاج لألمنا. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
علامة لقوة الله والإنتصار |
صلاة إلى الصليب المقدس لنيل القوة والإنتصار على الشر. عايلة قلب يسوع |
معاناة أيّوب: البارّ المتألّم |
الجمعة العظيمة: يوم الألم والإنتصار |
ذلك البارّ... متى 1 - 2 |