منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 27 - 03 - 2021, 03:58 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,286

نعمان والحاجة العظمى



نعمان والحاجة العظمى



كان نعمان - حسب الوصف الكتابى - رجلا عظيما ، والاسم " نعمان " يعنى " الجميـــــــــل " أو " البهيج " ، ويظن أن الرجل كان من مولده جميل المنظر بهيج الطلعة ، .. فهو رجل ولد على الشئ الكثير من الجمال ، وحلاوة المنظر ، .. وكان أكثر من ذلك ، قائد الجيش المنتصر المظفر .
كانت آرام بلاده واقعة بين آشور وإسرائيل ، وكانت بهذا الموقع درعاً حامية لإسرائيل ، وقد استخدمها اللّه ليدفع عن إسرائيل شر الأشوريين ويقال ، إن نعمان دخل مع أشور فى قتال عظيم ، والبعض يعتقد أن هذا كان بالتعاون مع الإسرائيليين ، وسواء كان قتالا بالتعاون أو بغيره ، فإن الرب عن يده أعطى خلاصاً عظيماً لبلاده ، وبالتالى لجيرانه ، من الغزو الأشورى الرهيب ، ... ومن المعتقد أنه كان بهذا المعنى قائداً عبقرياً جباراً ، ... ومثل هذا الرجل كان عظيم الخطوة عند سيده ومليكه الأرامى ، إذ كان صاحب الشخصية القوية ، الممتلئة من الشجاعة ، والقوة ، والوطنية ، وأصالة الرأى ، وصائب المشورة ، والبادى من الرواية الكتابية أنه كان الرجل الذى لا يملك أى إنسان إلا أن يحبه ، وهو لم يكن محبوباً من العظماء وحدهم ، بل كان محبوباً من عامة الناس أيضاً ، وحتى الفتاة الإسرائيلية الصغيرة المسبية كانت عواطفها نحو شفائه من المرض ، وخدمه الذين ساروا معه فى الرحلة إلى إسرائيل يصفونه بالقول : " يا أبانا " ويلحون عليه فى إطاعة طريق الشفاء ، مما يدل على أن الرجل كان مرفوع الرأس ، ليس عند الملك فحسب ، بل عند العامة والخاصة على حد سواء ... وكان الرجل فى بيته ، ولا شك ، رجلا سعيداً ، ثرياً ، بل على الأغلب ممتلئاً من الثروة ، له الخدم والحشم والجوارى والعبيد ، ... ولكن ... وآه من ولكن ... كان الرجل أبرص !! .
يقول ماكرتنى : " خلف كل مظهر براق وجميل ، كثيراً ما تكون هناك شوكة خفية فى الجسد أو الروح ، بعض الجراح أو المآسى الخفية " ... أجل !! وهذا حق ، فليست هناك حياة يمكن أن تخلو من التعبير : " ولكن " وصور نعمان فى الحياة قد تأخذ هذا اللون أو ذاك ، من ألوان العظمة والمجد ، " ولكن " ... فقد يكون " النعمان " غنياً ، ولكن له أولاد أغبياء !! ... وقد يكون قوياً ، ولكنه طاغية ... وقد يكون عالماً ولكنه أحدب ، ... وقد يرغب فى أعماق نفسه ، أن يتخلى عما يراه الناس من غنى ، وعظمة، ومجد وجلال ، وبهاء ، ... مقابل هذا البرص اللعين اللاصق به ، والتى يتمنى من قرارة قلبه أن يجد ، منه الخلاص !! ..
والبرص فى اللغة الكتابية رمز للخطية ، وذلك لأنه ليست هناك أمراض كثيرة يمكن أن تحدث قبحاً وتشويهاً فى شكل الإنسان كما يحدث البرص فهو عدو الجمال فى الإنسان ، والخطية هى سبب كل قبح وصل إليه الإنسان جسداً ونفساً وروحاً وحياة ، ... وكان من المستحيل على ذاك الذى خلقه اللّه على الصورة الرائعة الجميلة فى جنة عدن أن يمرض أو يمسخ مشكلة بالعوامل المختلفة المرضية أو الوراثية ، إلا بسبب الخطية ، ... إن الذين قرأوا القصة الرائعة التى كتبها أوسكار وايلد : " صورة دوريان جراى " يدركون هذه الحقيقة بكيفية مؤثرة رهيبة ، كان جراى شاباً يافعاً جميلا فى طراوة العمر ، ونضارة الحياة ، يعتز بجماله ، ويتمنى ألا تذهب به عوادى الأحداث والأيام ، وقد رآه أحد المصورين فأخذ له صورة فاتنة تنطق بعظمة ذلك الجمال وروعته على أن الشاب سقط فى الإثم ، وهوى فى الخطية ، وقد أرادنا وايلد أن نرى تأثير هذا عليه ، فكانت كل موبقة يرتكبها الشاب تظهر فى هيئة بقعة سوداء على صورته . وتزايدت البقع وتكاثرت بتزايد أثمة وتكاثره حتى أضحى شكلها بشعاً مريعاً، وقد راع الشاب أن يرى صورته بهذا المنظر الفظيع ، وأخذ منه الحنق والضيق كل مأخذ ، فطعنها بمديته ، ... ومن عجب أنه بعد هذه الطعنة عاد إلى الصورة جمالها الأول الرائع !! ... لقد صدق الروائى الإنجليزى كل الصدق فى قصته هذه ، إذ ليس هناك ما ينكل بالجمال كما تفعل الخطية ، ... وليس هناك من عودة للجمال إلى أصحابه، إلا فى ذاك الذى طعن بالحربة فى جنبه على خشبة الصليب !!
والبرص رمز للخطية أيضاً فى نموه وامتداده ، فهو قد يتناول بعض أجزاء الجسم ، أو يشمل الجسم كله ، وهو قد يتناول أجزاء يمكن تغطيتها بالثياب أو قد يصل إلى الوجه واليدين ، أى الأجزاء العارية التى لا يمكن أن تخفى ، ... وهو لذلك يمثل الخطية الظاهرة أو السرية ، المعروفة أو الخفية عن الناس ، غير أنه يمتد وينمو ، وقد ينمو ببطء أو بسرعة ، ولكنه يستشرى على أية حال ، كما تستشرى الخطية دون أن تقفل عند حد معين ، فإذا أمكن تغطية المرض إلى حين ، فإن إمتداده سيصل إلى أجزاء لا يمكن تغطيتها ، وهكذا قد يستطيع الإنسان أن يخفى خطية أو خطايا معينة ولكنه ليس خفى لا يظهر ولا مكتوم لا يعلم ويعلن ، فى الخير أو الشر على حد سواء ، ... وتفضح الخطية صاحبها إن آجلا أو عاجلا ، والبرص برص حتى ولو لبس صاحبه ثياب الملوك أو ثياب الصعاليك ، والخطية لا يمكن أن يغطيها لبس الحرير أو لبس الشعر الخشن ، .. ولكن الشئ العجيب الذى لاحظه ألكسندر هوايت ، أنك لست فى حاجة إلى الكياسة أو الحصافة ، لكى تعرف أنك أبرص ، وأنك تستطيع الوصول إلى هذه المعرفة من النظرة الأولى " ... لكنك فى حاجة كل الحاجة إلى النعمة والبصيرة الروحية ، لتكتشف أنك أبرص بالخطية والدنس والإثم ، ... وعندما وقف إشعياء فى بيت اللّه أمام الملك العظيم ، لم يكتشف برصه هو فقط ، بل اكتشف برص الأمة بأكملها ، وأنت وأنا إن لم نقف بنعمة اللّه ، أمام الإله القدوس ، وإن لم تفتح عيوننا الداخلية ، فلن تعرف أى عار وصلنا إليه ، وأية شناعة بلغناها ، وأى انحدار تردينا فيه!! ..
والبرص أكثر من هذا كله مؤلم تتزايد آلامه كلما استشرى ورخص فى جسم الإنسان ، ... والخطية مؤلمة وقاسية وشديدة ، ولا يمكن أن تريح أو تسعد صاحبها ، غن ما شئت لنعمان السريانى ، وحدثه عن معاركه ، عن مجده الوطنى ، غن الأموال التى تسيل بين يديه ، حدثه عن مركزه فى الأمة كلها !! ... وستكتشف الدموع المترقرقة فى عينيه وهو يسمع أناشيد المدح والتكريم والتعظيم ، ويكاد يبكى ويصرخ قائلا لك : حدثنى بالأولى حديث المرثاة والبكاء والنحيب ، حدثنى عن الجرح المفتوح فى قلبى والذي ينزف بوساً ويأساً ودماً !! ..


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
يعقوب والحاجة إلى طعام
موسى والحاجة إلى الشريعة
نمرود والحاجة للسلطة
حجى والحاجة إلى بيت اللّه
نعمان السرياني | نعمان الأبرص


الساعة الآن 01:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024