قيافا رئيس الكهنة

[Mary Naeem]

قيافا رئيس الكهنة







المتتبع لأحداث أسبوع الآلام يجد أن يهوذا سلّم الرب يسوع للجنود بقبلة غاشة ثم يخبرنا الكتاب المقدس أنه بعد القبض علي السيد المسيح في بستان جثسيماني أنهم مضوا به أولاً إلي حنّان ثم إلى قيافا : " ثُمَّ إِنَّ الْجُنْدَ وَالْقَائِدَ وَخُدَّامَ الْيَهُودِ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ وَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ إِلَى حَنَّانَ أَوَّلاً لأَنَّهُ كَانَ حَمَا قَيَافَا الَّذِي كَانَ رَئِيساً لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَكَانَ قَيَافَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى الْيَهُودِ أَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ " ( يو 18 : 12 – 14 ) ، ثم بعد ذلك " حَنَّانُ قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقاً إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ " ( يوحنا 18: 24).

" حنّان إسم عبري ، إختصار " حنانيا " ومعناه " الرب تحنن " وكان حنّان رئيس كهنة وزعيماً دينياً للحزب الكهنوتي في أورشليم في أيام السيد المسيح. وكان لحنان نفوذ واسع . وقد عيّنه " كيرينيوس " حاكم سوريا في السنة السابعة الميلادية رئيساً للكهنة حيث كان التعيين في هذا المركز والطرد منه ( في ذلك الوقت ) يتوقفان علي أهواء الولاة الرومانيين . وقد خلع " فاليرويوس جراتوس " حنّان فى السنة الخامسة عشر بعد الميلاد. ولكن رغم خلعه من رئاسة الكهنوت رسمياً ، ظل يمارس نفوذاً كبيراً ، كأعظم رأس في الكهنوت . وتبدو حنكته في أنه إستطاع أن يولّي خمسة من أبنائه تباعاً وصهره قيافا رئاسة الكهنوت . ومما يدل أيضاً علي إستمرار نفوذه القوي بعد زمن من خلعه من رياسة الكهنوت رسمياً أنه ظل يُطلق عليه لقب " رئيس الكهنة " كما أن الجند والكهنة مضوا بالرب يسوع إلي حنّان أولاً ثم إلى قيافا في حين أن قيافا هو رئيس الكهنة الرسمى لذا لا نجد غرابة فى إنجيل لوقا عندما نقرأ : " فِي أَيَّامِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ حَنَّانَ وَقَيَافَا " وكأنهما كانا شريكين في رئاسة الكهنوت ( لوقا 3 : 2 ) ويبدو أن التفسير الأرجح لذلك هو أن تقدم حنّان في السن وقوة شخصيته ونفوذه،جعلا منه رئيس الكهنة من الناحية الفعلية، بينما لم يكن لقيافا سوي اللقب من الناحية الرسمية.

لقد كان قيافا كرئيس الكهنة الرسمي رئيساً للسنهدريم الذي حكم علي الرب يسوع ، لكن حنّان العجوز الماكر هو الذي كان يوجّه الأحداث وقد قام حنّان بإستجواب " يَسُوعَ عَنْ تلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ " ( يو 18 : 19 ) ، لعل ذلك يرجع إلي أنه كان إستجواباً مبدئياً غير رسمي وله طبيعة خاصة إذ كان لجمع المعلومات للمحاكمة الرسمية وإذ فشل حنّان في الحصول من الرب يسوع علي معلومات لإدانته " أَرْسَلَهُ مُوثَقاً إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ "( يوحنا 18 : 24 ) وظل قيافا يشغل مركز" رَئِيسِ الْكَهَنَةِ " إلي أن خلعه " فيتليوس Vitellius " والي سورية.

وقيافا هذا ذُكر عنه في إنجيل يوحنا: " فَجَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ مَجْمَعاً وَقَالُوا: «مَاذَا نَصْنَعُ؟ فَإِنَّ هَذَا الإِنْسَانَ يَعْمَلُ آيَاتٍ كَثِيرَةً إِنْ تَرَكْنَاهُ هَكَذَا يُؤْمِنُ الْجَمِيعُ بِهِ فَيَأْتِي الرُّومَانِيُّونَ وَيَأْخُذُونَ مَوْضِعَنَا وَأُمَّتَنَا فَقَالَ لَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ قَيَافَا كَانَ رَئِيساً لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ شَيْئاً ولاَ تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا " ( يوحنا 11 : 47 - 50)فَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَشَاوَرُوا لِيَقْتُلُوهُ " ( يو 11: 53) وحتي الآن توجد تلّة تحمل إسم " جبل المشورة السيئة " وهي تقع في نهاية " وادي هنّوم " ، لأن هذه التلّة لا تبعد كثيراً عن بيت قيافا الذي نطق بهذه المشورة السيئة ( الآن يُقييم علي هذه التلّة ممثلون عن هيئة الأمم المتحدة ).