منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 21 - 02 - 2021, 05:51 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

يونان والنوتية

يونان والنوتية



"فقالوا له: أخبرنا بسبب من هذه المُصيبة علينا؟ ما هو عملك؟ ومن أين أتيت؟ وما هي أرضك؟ ومن أي شعب أنت؟ فقال لهم: أنا عبراني وأنا خائف من الرب إله السماء الذي صنع البحر والبر" [٨-٩].

وفي وسط التيارات العنيفة والنوء الشديد والخطر المحدق كنا نتوقع في النوتية أن يفقدوا سلامهم وهدوءهم، لكنهم أثبتوا أنهم حكماء، فإذ رأوا في يونان سرًا صاروا يسألونه عن كل حياته بالتفصيل... طالبين المعرفة الحقة. فكانت أسئلتهم توبيخًا لطيفًا إستخدمه الله لإصلاح يونان نفسه، ففيما هم يسألون كان يليق بيونان أن يُراجع نفسه في تصرفاته. وكما قال القديس چيروم: [كان هدف القرعة أن يضغط النوتية عليه ليعترف بلسانه عن سبب هذا النوء وعلة غضب الله]. أي ليعترف بعصيانه للرب وهروبه من ذاك الذي خلق البحر والبر.

وقد جاءت الأسئلة بالنتيجة المرجوة إذ إعترف قائلاً: "أنا عبراني، وأنا خائف من الرب إله السماء الذي صنع البحر والبر". وكما يقول القديس چيروم: [إنه لم يقل "أنا عبراني" قاصدًا اللقب الخاص بشعبه الذي ينتمي إلى أحد أسباطه، إنما قصد أنه عابر كإبراهيم، وكأنه يقول: أنا ضعيف وراحل كسائر آبائي، وكما جاء في المزمور: "عبروا من مدينة إلى أخرى ومن مملكة إلى شعب آخر... إنني خائف من الرب إله السماء وليس من الآلهة التي تضرعون إليها العاجزة عن الخلاص. إنني أتضرع إلى إله السماء الذي صنع البحر والبر، البحر الذي أهرب إليه، والبر الذي أهرب منه!].

اعترف يونان بخطئه فتعرف البحارة على الله المخوف بحق، إذ قيل: "فخاف الرجال خوفًا عظيمًا، وقالو له: لماذا فعلت هذا؟! فإن الرجال عرفوا أنه هارب من وجه الرب لأنه أخبرهم" [١٠]. أدركوا أنه إنسان مقدس هارب من الله القدوس لذا سألوه لا توبيخًا له وإنما كما يقول القديس چيروم: [استفسارًا عن سرّ تصرفه].

بعد تمتعهم بمعرفة الله سألوا يونان: "ماذا نصنع بك ليسكن البحر عنا؟ لأن البحر كان يزداد اضطرابًا" [١١].

يقول القديس چيروم: [كأنهم يقولون: إنك تقول بأنه بسببك صار الريح والأمواج والبحر في هياج. لقد كشفت لنا عن سبب المرض فافصح عن الدواء. هوذا البحر يرتفع ضدنا، وعرفنا أننا صرنا موضع غضب لأننا أخذناك. أخطأنا إذ إستضفناك، فماذا نفعل حتى يسكن غضب الله علينا؟ ماذا نفعل بك؟ هل نقتلك؟ لكنك من مؤمني الرب! هل نحتفظ بك؟ إنك هارب من الله! الآن ليس لنا إلاَّ أن نُنفذ أمرك، فلتأمر حتى يهدأ البحر، فإن إضطرابه يشهد عن غضب الخالق... لا يمكن التأجيل بعد، أمام إنتقام الخالق؟].

"فقال لهم: خذوني واطرحوني في البحر فيسكن البحر عنكم، لأنني عالم أنه بسببي هذا النوء العظيم عليكم" [١٢].

قدم يونان العلاج وهو طرحه في البحر الهائج فيسكن النوء العظيم، فقد كان هذا النوء بسبب عصيانه للرب فلا يهدأ إلاَّ بإلقائه في المياه لتوبته، ومن ناحية أخرى فإن يونان كممثل للسيد المسيح حامل خطايا العالم كان لابد أن يُلقى به على الصليب ويُسلم للقبر لينعم المؤمنون به بالمصالحة مع الآب ويدخلون إلى سلامه الأبدي.

يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [توقع يونان أن يهرب بواسطة السفينة، فإذا بالسفينة تكون له قيودًا[12]]. ظن أنه قادر على الهرب من إله البحر خلال سفينة فأمسك به وسط المياه الثائرة داخل السفينة ليحصره وسط الضيق ويدخل به إلى التوبة. إستخدم الله ذات الوسيلة التي ظنها يونان لهربه من يد الله لكي يمسك به ويرده إليه. ما أجمل العبارة التي قالها القديس يوحنا الذهبي الفم: [لم تكن هناك حاجة إلى أيام كثيرة ولا إلى نصائح مستمرة لكن في بساطة نقول كانت الحاجة أن يقوده كل شيء إلى التوبة (أي يستخدم الله كل الظروف لخلاصه). فالله لم يقده من السفينة إلى المدينة مباشرة، وإنما سلمه البحارة للبحر، والبحر للحوت، والحوت لله، والله لأهل نينوى، وخلال هذه الدائرة الطويلة ردّ الشارد حتى يعرف الكل أنه لن يمكن الهروب من يد الله[13]].

يُعلق القديس چيروم على الكلمات التي نطق بها يونان مع البحارة، قائلاً: [إن هذا النوء يبحث عني، يُهددكم بالغرق لكي تمسكوا بيّ وبموتي تحيون! إنني أعرف بالحقيقة أن هذا النوء العظيم هو بسبي... هوذا الأمواج تأمركم أن تلقونيّ في البحر فتجدون هدوءًا... لنلاحظ هنا عظمة الهارب فإنه لا يراوغ ولا يكتم الأمر ولا ينكر بعدما اعترف بهروبه من الله، وإنما يتقبل العقاب بقلب متسع. يُريد أن يموت ولا يتحطم الآخرون بسببه].

وللقديس چيروم أيضًا تعليق جميل على كلمات يونان هذه بكونها نبوة عن عمل السيد المسيح – يوناننا الحقيقي – الذي قَبِلَ أن يموت ليفدي الشعب كله، إذ يقول: [يوناننا يقول: إنني بالحقيقة أعرف أن هذا النوء العظيم عليكم هو بسببي، فإذ تراني الرياح مبحرًا معكم إلى ترشيش أي إلى "التأمل المفرح"، أقودكم إلى المجد، حتى حيث أوجد أنا هناك تكونون أنتم أيضًا عند الآب، لهذا يحدث غضب. العالم يبكي والطبيعة تضطرب! الموت يُريد أن يبتلعني لكي يقتلكم في نفس الوقت وهو لا يدرك أنه يأخذني كطعم، فبموتي يموت هو! خذوني إذن واطرحوني في البحر!].
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
يونان النبي | وقد كان يونان أحد أنبياء إسرائيل (يونان 1:1)
لماذا صوم يونان قبل الصوم الكبير ؟| صوم يونان النبى | عظات الانبا رافائيل
إذكر يا رب كل يونان وكل نينوى - صلاة صوم يونان أبونا داود لمعي
يونان و صوم نينوي _ كيف اتوب _ بمناسبة صوم يونان _ عظة للبابا شنوده الثالث
صـوم يونان (دروس من حياة يونان) - القس مرقس ميلاد


الساعة الآن 02:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024