سأل المجرم البابا يوحنا بولس الثاني: “لماذا لم تمت؟ فلقد صوبت الرصاصة جيدًا؟”. أجابه: “هنالك يد تطلق الرصاص، وهنالك يد أخرى توجهها”.
شجاعة الغفران… درس قبل 36 عامًا
قبل 36 سنة (أي عام 1981)، في الثامن والعشرين من شهر دسمبر، قام البابا القديس يوحنا بولس الثاني بزيارة إلى سجن ريبيبيا في روما، ليقابل الإرهابي محمد علي اقجا، التركي الذي حاول اغتياله في الثالث عشر من أيار من ذلك العام. حيث أعرب البابا عن صفحه الكامل لذلك الشخص الذي رمى جسد البابا بعدة رصاصات كادت أن تودي بحياته.
صورة تاريخية انطبعت في تاريخ العالم المعاصر، ورسالة فائقة الوصف في المسامحة الكاملة، في عصر التشنجات والرغبة في الانتقام، وعدم المقدرة على التسامح، حتى في داخل البيت الواحد.
وكان البابا فويتيلا البولندي قد صفح عن المجرم التركي، بعد 5 أيام في المستشفى، قائلاً: “لقد صفحت عن الرجل الذي حاول قتلي، من كل قلبي”. ولكن، وفي اليوم الثالث لعيد الميلاد في مثل هذا العام، كان الصفح وجهًا لوجه في السجن.
واليوم، يوحنا بولس الثاني قديس في السماء، والرصاصة التي استخرجت من جوار قلبه موضوعة على التاج المكلل لشخص السيدة العذراء في فاطيما – البرتغال، لأن محاولة الاغتيال تمت في يوم عيدها، وأما المجرم، فقد خرج على فترات من الحبس، في بلده تركيا، إلا أنه كان يعود إلى السجن، لعدة قضايا أخرى غير محاولة اغتيال البابا، ومن شب على شيء شاب عليه.
كم نحن بحاجة إلى من يبذرون مثل هذه البذار الصالحة: المغفرة والصفح عن القريب من كل القلب. ذلك أن الجبن يكمن في زرع الحقد وإشاعة التوتر في العالم، والرغبة في إفناء الآخر عن الوجود. أما الشجاعة فهي في الصفح والمغفرة وبذر بذور تثمر قداسة بعد عشرات السنين. ويبقى كل شيء في يدي الله الرحيم.
وقد سأل المجرم البابا في مثل هذا اليوم قبل 36 عامًا: “لماذا لم تمت؟ فلقد صوبت الرصاصة جيدًا؟”. أجابه: “هنالك يد تطلق الرصاص، وهنالك يد أخرى توجهها”.