4- لأنه طالما أن الجميع ضلوا واضطربت نفوسهم بسبب غواية الأرواح الشريرة وأباطيل الأوثان, فكيف كان ممكنًا لهم أن يغيّروا نفوس البشر وعقولهم وهم أنفسهم عاجزون عن رؤية النفس والعقل؟ وكيف يمكن لأى كائن أن يغيّر النفس وهو لا يراها أو يعرفها؟
5- وقد يقول أحد إن الخليقة كانت كافية. لكن لو كانت الخليقة كافية لما حدثت كل هذه الشرور الفظيعة، لأن الخليقة كانت موجودة بالفعل ومع ذلك كان البشر يسقطون في نفس الضلال عن الله.
6- فإلى من إذن كانت الحاجة الاّ إلى كلمة الله الذي يبصر النفس والعقل، وهو المحرك لكل ما في الخليقة، والتي من خلالها يجعل الآب معروفًا؟ لأن ذلك الذى بأعمال عنايته وتدبيره لكل الأشياء يعلّم عن الآب, أنه من يستطيع أيضًا أن يجدّد ذلك التعليم عينه.
8- وكيف كان ممكنًا أن يحدث هذا؟ ربما قال امرء بأن هذا كان ممكنًا أن يحدث بنفس الطريقة السابقة، حتى أنه مرة أخرى, عن طريق أعمال الخليقة, يمكن أن يعلن معرفة الآب. لكن هذه الوسيلة لم تعد مضمونة، وبالتأكيد هى غير مضمونة، لأن البشر قد أهملوها سابقًا، بل أنهم لم يعودوا يرفعون أعينهم إلى فوق, بل صاروا يشخصون إلى أسفل.
9- ولهذا كان من الصواب، إذ أراد منفعة البشر، أن يأتى الينا كإنسان آخذًا لنفسه جسدًا شبيهًا بجسدهم من أسفل. حتى يستطيع الذين لا يريدون أن يعترفوا به، من خلال أعمال عنايته وسلطانه على كل الأشياء، أن يبصروا الأعمال التي عملها بجسده هنا على الأرض, ويعرفوا كلمة الله الحال في الجسد, ومن خلال الكلمة المتجسد يعرفون الآب.