رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحبة الزرقاء شفاء من كل داء درس من هذا العام، الذكرى العشرون لبزوغ الفجر بعد الظلام! حيث أنهت حبة الفياجرا الزرقاء ليالى العجز السوداء! وأرجعت الشيخ إلى صباه فأصبح هو والشاب سواء! وأضحت تلك الحبة العجيبة كالمرأة الجميلة يعشقها الرجال وتتوجس منها النساء! ولكن هل أصبحت تلك الحبة حلا سحريا وشفاء من كل داء؟ تعالوا معا لنحكى القصة من البدء حتى الانتهاء! هذه ليست عبارة عاطفية إنشائية بل حقيقة واقعة تاريخية! فقد كان المصريون القدماء هم أول من وصف الضعف الجنسى عند الرجال وسجلت لنا بردياتهم المجيدة وصفهم الدقيق للضعف الجنسى حيث قسموه إلى نوعين: الأول ضعف جنسى طبيعى الذى يحدث مع تقدم العمر (وهو ما يفسر الآن بارتفاع الضغط أو السكر أو الكوليسترول بحكم السن أى الأسباب العضوية) والنوع الثانى ضعف جنسى غير طبيعى الذى يحدث فى عمر صغير نسبيا (وفسروه بالقوى المجهولة والأرواح الشريرة، أى ما يفسر الآن بالأسباب النفسية)! وبعد مرور آلاف السنوات سجلت المجلة البريطانية للجراحة عام ١٩٦٦ بحروف من نور أول علاج جراحى للضعف الجنسى عن طريق زرع دعامة داخلية قام بها العبقرى المصرى الراحل وأستاذ أساتذة الجراحة فى كلية الطب جامعة القاهرة، الدكتور جمال بحيرى، ومازالت تلك العملية هى أهم علاج جراحى للضعف الجنسى حتى الآن فى مصر والعالم كله! وبالرغم من ذلك ظل العلاج الدوائى للضعف الجنسى حلما سعيدا بعيد المنال! ولكن متى كان العلم يعرف الحدود أو يعترف بالمحال؟. معمل طبى علاج الضعف الجنسى بين الشرق والغرب كما أتى العلاج الجراحى للضعف الجنسى من مصر، أى من الشرق، فإن العلاج الدوائى له أتى تلك المرة من الغرب وإن قصة ذلك الاكتشاف تظهر لنا بوضوح وجلاء الفجوة العلمية الواسعة التى أصبحت تفصلنا عن الغرب والتى طالما حذرنا منها علماؤنا الخالدون الراحل منهم مثل زويل والباقى مثل الباز، الذى نرجو أن يشهد معنا عبور تلك الفجوة بإذن الله! بدأت القصة بأبحاث مضنية قام بها ثلاثة من العلماء فى العلوم الأساسية مثل الكيمياء ووظائف الأعضاء وقد استمرت سنوات ولكنها أثمرت أجمل الثمرات إذ اكتشفوا مادة أكسيد النيتريك ودورها فى توسيع الشرايين وبالتالى زيادة ضخ الدم فى القلب والرئتين والأعضاء التناسلية وقد نالوا بها عن جدارة جائزة نوبل فى الطب، والتى من قواعدها أنها تمنح للعلماء المتجردين فى معاملهم وليس للأطباء العاملين فى مستشفياتهم، والفكرة من وراء ذلك هى تعويض هؤلاء العلماء فى معاملهم ماديا ومعنويا مما يسهم فى النهاية فى تقدم العلم والطب معا، وما لبث الأطباء أن استغلوا ذلك الاكتشاف العلمى فى إيجاد أول علاج دوائى للضعف الجنسى! ولكن الأهم من ذلك هو المبادئ والقواعد التى استند عليها، وعلينا جميعا أن نتبعها لنعبر الفجوة المستعصية من الجهل إلى العلم ومن النصب إلى الطب! فما هى تلك القواعد؟! مبادئ وقواعد البحث الطبى: أولى قواعد البحث أنه تم بناء على أساس حقيقة علمية وتجربة عملية وهو ما يجب أن ينهى إلى الأبد دور الأدعياء الذين يدعون كذبا إعجازا نبويا فى الشفاء من غرفة عسل أو شربة ماء والدين والعلم منهم براء! بناء على الحقيقة العلمية الراسخة بدأ المئات من العلماء تجارب الدواء على آلاف المرضى فى أنحاء العالم وقد تم تقسيمهم إلى مجموعتين، الأولى تناولوا دواء الفياجرا، والثانية تناولوا مادة خاملة ولكن لها نفس شكل ولون حبوب الفياجرا تماما، والهدف من ذلك هو استبعاد أن يكون تأثير الفياجرا هو مجرد تأثير نفسى وهمى وليس علاجا حقيقيا! ثم استمرت الأبحاث المضنية سنوات حتى كللت بالنجاح ونالت موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية وهى الهيئة الوحيدة على مستوى العالم التى تملك حق الترخيص لأى دواء بعد التأكد التام من تأثيره الإيجابى المبنى على العلم وعدم وجود آثار جانبية خطيرة له! وتعتبر موافقتها على الدواء مثل الدمغة على الذهب ولكن كل هذا ذهب مع الريح وأتت الريح بما لا تشتهى السفن فى رحلة الفياجرا إلى مصر فكيف كان ذلك؟! الفياجرا المظلومة فى مصر المظلومة: حدث ما لم يكن فى الحسبان فقد امتنع وزير الصحة الأسبق لأسباب غير مفهومة حتى الآن عن تسجيل الفياجرا فى مصر، ثم سمح فجأة بتسجيلها، فمرت فترة على مصر كانت لا تدخل إلا عن طريق التهريب مثلها مثل الحشيش أو البانجو وسائر المخدرات، وأنزلناها فى مصر من خانة الأدوية والعلاجات إلى خانة المنشطات والممنوعات، وامتلأت الجرائد والمجلات بأخبار المضبوطات من مخدرات ذهنية ومنشطات جنسية، وضاعت فى الهواء كل الأبحاث العلمية والتجارب العملية والأبحاث الطبية!. الفياجرا وماذا بعد لم ولن يتوقف العلم يوما واحدا بعد شاطئ الفياجرا فدائما إلى المستحيل. لا تصلح الفياجرا فى جميع الأحوال كما سبق، خاصة حالات السكر غير المنضبط والتدخين بشراهة، كما أنها تتأثر سلبيا بمدى امتلاء المعدة أو وجود ضعف فى الامتصاص فى القناة الهضمية فيتأخر تأثيرها العلاجى بعد القرص فيشكو المريض من ضعف الأداء لو تعجل فى إتمام العلاقة الزوجية بعد القرص، أضف إلى ذلك المحدودية الزمنية لتأثيرها الفعال، والتى لا تتعدى ساعات قليلة، مما يشكل عبئا نفسيا على كلا الزوجين ناتجا عن الحاجة إلى إتمام العلاقة فى وقت محدد قصير نسبيا، وقد تكون الاستجابة ضعيفة أيضا إذا كانت المعدة ممتلئة!. ومن أجل ذلك ظهرت بعض البدائل مثل مادة التادالافيل التى يتم امتصاصها بنفس الكفاءة سواء كانت المعدة خالية أو ممتلئة، كما أن تأثير الحبة الفعال قد يمتد إلى حوالى ٣٦ ساعة مما يقلل العبء النفسى على الزوجين ويسمح لهما بحرية نسبية فى توقيت أداء العلاقة بعد أخذ الحبة، وفى جميع الأحوال تظل القاعدة الأساسية سارية وهى أنه لا دواء بدون الطبيب والمتابعة المستمرة حتى لا يقع المريض فيما يسمى بمصيدة الفياجرا وأخواتها، والتى تتلخص فى أن المريض يأخذها دون إشراف طبى فتُحدث أثرا ممتازا أول الأمر فلا يرى حاجة لأن يزور الطبيب المختص، ويظل الحال على ما هو عليه إذا كان مدخنا أو ذو وزن زائد أو مصابا بارتفاع السكر أو الكوليسترول، فيبدأ أثر الفياجرا وأخواتها فى الضعف تدريجيا حتى تفقد تأثيرها تماما فى النهاية ويصبح ليس هناك أى بديل سوى إجراء جراحة زرع الدعامة، ولذلك فلا بديل عن المتابعة المستمرة الطبية للمريض لأننا يجب أن نعالج المريض وليس فقط العلاقة الزوجية! كما ظهر أخيرا بعض الحبوب التى لا تبلع ولكن توضع تحت اللسان، حيث يتم امتصاصها ودخولها إلى تيار الدم مباشرة فتعمل فى خلال دقائق وتتجنب مشاكل واضطرابات الامتصاص من المعدة. ويبقى سؤال: هل تؤدى الفياجرا فعلا فى بعض الأحيان إلى الموت؟ لم يحدث ذلك من قبل إلا فى حالة واحدة فقط وهى أن يتناول المريض معها مادة تحتوى على مادة النيترات التى تستعمل فى علاج أمراض القلب وذلك يبين لنا لماذا يجب أن تكون الفياجرا تحت إشراف طبى دقيق، كما أنه لا يجب استعمالها فى بعض أمراض شبكية العيون! ولن يتوقف العلم عن التطور بعد الفياجرا، فالأبحاث مازالت تجرى على قدم وساق من أجل تطوير العلاج بالجينات وهو نوع جديد من العلاج سيكون هو الأساس فى المستقبل حيث لا يكتفى بعلاج الأعراض فقط مثل الفياجرا وأخواتها وعملية الدعامة بأنواعها، ولكن يغير فى تركيب الأنسجة فى الأعضاء التناسلية نفسها بحيث تشفى من المرض نفسه ولا تعالج الأعراض فقط، وهكذا مهدت الفياجرا الطريق إلى أداء جنسى أفضل، وسيجعله العلاج الجينى أفضل ولكن كل تلك العلاجات وحتى الجراحات لن تحل محل العلاقة الإنسانية السوية بين الزوجين، ولن تصلح ما بينهما من مشاكل نفسية وعاطفية ولن تصبح الحبة الزرقاء شفاء لكل داء!. اسألوا أهل الطب: يقول أهل الطب إن الدورة الجنسية الطبيعية بين الزوجين تمر بعدة أطوار أو مراحل أو محطات: الأولى مرحلة الرغبة، والتى تحفز كلا الزوجين على أداء العلاقة الزوجية وهذه تعتمد بشكل أساسى على توازن هرمونى دقيق عند كل منهما بحيث لو اختل ذلك التوازن بأى زيادة أو نقص فى هرمونات معينة تفتر الرغبة تماما فى ممارسة العلاقة الزوجية، وهنا ينعدم تماما أى دور للفياجرا فى علاج أى اضطرابات فى تلك المرحلة. أما المرحلة الثانية فهى مرحلة الممارسة وتلك هى المرحلة الوحيدة التى تصلح فيها الفياجرا ما أفسده الدهر عن طريق زيادة ضخ الدم فى المنطقة التناسلية ولكن بشرط أساسى هو علاج أى أمراض مصاحبة مثل ارتفاع السكر أو الكوليسترول أو الضغط وأيضا السمنة بالإضافة إلى الامتناع عن التدخين. تأتى بعد ذلك المرحلة الثالثة، وهى وصول الزوجين إلى مرحلة النشوة وقد يصلها الزوج مبكرا عن زوجته مما يتسبب لها فى إحباط نفسى وتعب بدنى وهذه المشكلة المرضية أيضا لا تعالجها الفياجرا، بل تعالج بأدوية أخرى أو بعض العمليات البسيطة، كما قد تحدث للزوجة أيضا آلام أو تشنجات مستمرة فى عضلات الحوض تجعل من العلاقة الزوجية عبئا ثقيلا لا يحتمل، وهذه أيضا لا تسمن فيها الفياجرا ولا تغنى من جوع، ولكن علاجها ببعض الحقن الموضعية من أجل ارتخاء العضلات المتقلصة المؤلمة. كل ذلك طبعا لا يجب أن نغفل فيه بعض الأسباب الأخرى، خاصة النفسية منها بالإضافة إلى جريمة البتر التناسلى للأناث أو ما تعرف بالخطأ باسم ختان الإناث، وطبعا لا يوجد أى دور للفياجرا فى كل تلك الحالات، فهل نحبط ونصاب بخيبة الأمل لأن هناك الكثير من الاضطرابات الزوجية لا تصلحها الفياجرا؟ الإجابة بالنفى طبعا، فمازالت الفياجرا وستظل عمودا فقريا لأى طبيب يتعامل مع اضطرابات العلاقة الزوجية بشرط علاج الأمراض المصاحبة، التى أدت إلى الضعف الجنسى مثل ارتفاع الضغط أو السكر أو الكوليسترول أو السمنة أوالتدخين وإلا وصلنا إلى المأساة المتكررة وهى ما يمر بها الكثير من المرضى الذين يتعاملون معها كمجرد منشط دون الذهاب للطبيب المختص فتفقد تأثيرها العلاجى تدريجيا حتى يختفى تماما، فهى بالطبع ليست حبة سحرية ولا شفاء من كل داء بل هى دواء طبى يستخدم بجرعات مقننة فى حالات محددة لعلاج مرحلة معينة فى العلاقة الزوجية ولكن كيف؟ ومتى؟. الجنس علم وليس عيبا وطب وليس نصبا: لا يوجد طبيا أو علميا ما يعرف باسم منشط جنسى ولابد من مناقشة كل مشاكل واضطرابات العلاقة الزوجية بوضوح وصراحة مع الطبيب المختص، ولا وجود لخرافات الدجل والسحر والربط بل يوجد فقط العلم والضبط والربط، وعندما يعانى الزوج أو الزوجة أو كلاهما من أى اضطراب جنسى فى مرحلة معينة من العلاقة الزوجية ويطلبان الشفاء، فمن خلال مقابلة الزوجين معا مع بعض الفحوصات يمكن تشخيص سبب الداء، وتحديد العلاج سواء كان جراحيا أو بالدواء، والدواء ليس دائما حبة زرقاء، ففى بعض الأمراض أو مع تناول بعض أدوية القلب تكون هى أصل الداء، ولنتذكر دائما أن للشفاء طريقا واحدا يمر من عيادات الأطباء!. السحر والربط والضلال: كما تميزت مصر تاريخيا فى وصف الضعف الجنسى وعلاجه الجراحى فإنها نكبت بحرمانها من أول وأهم علاج دوائى له لسنوات وليس ذلك فقط بل إن نكبتها مضاعفة أصلا، حيث تنتشر بها خرافات وخزعبلات راسخة كالجبال تعزو الضعف الجنسى إلى السحر والربط والأعمال، وهذه الخرافات عابرة لكل الحدود والمستويات، فيؤمن بها كل أهل المدن وحتى القرى النائية، ويجتمع على حقيقتها أتباع الإسلام والمسيحية، ويقسم لك عليها كل من حامل الدكتوراة وراسب الابتدائية، فكلنا فى الهم شرق وكلنا فى السحر مصر، وهكذا تم حصار المريض المصرى المبتلى بالضعف الجنسى بين مطرقة الشعوذة والخرافات وسندان المنشطات والممنوعات، ولكن أين دور الطب والعلاجات؟! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|