وبالرجوع لكلمة (أَرَادَ) فأننا نجد أن هذه الكلمة التي نطق بها شخص المسيح الرب في الإنجيل أتت في اليوناني بكلمة θέλει والكلمة هنا من الفعل θέλωوتعني (desire): إبْتَغَى؛ أَرَادَ؛ أرَادَه؛ إشْتاق؛ إشْتاق إلى؛ إشْتاق لِ؛ إشْتَهَى؛ تاق، وهي تُعبِّر عن رغبة داخلية حُرة مسئولة، ولذلك فأن العبارة (إِنْ أَرَادَ) هي عبارة شرطية، تأتي هنا لتوضيح وإظهار شرط التبعية حسب قصد الرب: إن أراد أحد يأتي ورائي (فأن عليه الآتي) ينكر نفسه.
لأن من يسكن في مجد الابن الوحيد لا بُدَّ من أن يحمل نفس ذات الطبيعة السماوية لأنه مولود من فوق [اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ – يوحنا 3: 6]، والمولد من فوق صارت لهُ طبيعة البرّ والنور، وبالتالي يستطيع أن يسكن في وطن النور، لأن الله قدوس، نور وساكن في النور، فكيف للظلمة أن تعيش في النور، لذلك فأنه بدون موت وقيامة مع المسيح فأننا لن نلبس المسيح، وأن لم نلبس المسيح ونصير خليقة جديدة طبعها طبع سماوي، كيف نتواجد في حضن الآب، لأن كيف نحتمل نور المجد السماوي ونحن عراه من المسيح الرب النور والقيامة والحياة، لذلك يقول الرسول: لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ (εἰς = into) قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ (والمعنى هنا القصد منه المشاركة أي اعتمدتم في المسيح فلبستم، أي الدخول في المسيح للبس المسيح)؛ وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ. (غلاطية 3: 27؛ كولوسي 3: 10)
+ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضاً يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ. (يوحنا 12: 26)
فطريق الحق للحياة مع المسيح وتبعيته بإخلاص، يبدأ بإنكار النفس والتخلي (من جهة الاتكال) عن معارفها الروحية واللاهوتية الفلسفية وحتى الانفعالية النفسية، ونسيان كل لذاتها ورغباتها وكل ما تشتهيه في هذا العالم الحاضر الشرير، وذلك بكونها أحبت المسيح الرب الذي دعاها بالمجد والفضيلة لتكون قدساً خاصاً به، لتدخل في شركة الطبيعة الإلهية هاربة من الفساد الذي في العلم بالشهوة. (2بطرس 1: 3 – 4)