قصة «دورات المشورة» قبل الزواج
عقب أقل من سنتين، على ترسيم البابا تواضروس الثانى بطريركا للكرازة المرقسية، فرض أنصار الطلاق، من أتباع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، المطالبين باستخراج تصاريح الزواج الثانى، أزمتهم على البابا «الجديد» الذى ورث تركة ثقيلة من مشاكل المجلس الإكليريكى المنوط به التعامل فى مشاكل الطلاق والزواج الثانى، فقد وصل بهم الأمر إلى التظاهر داخل الكنيسة، وتشكيل روابط وجماعات ذات صوت إعلامى ممتد، تطالب بحقوقهم. وبناء عليه، توصل المجمع المقدس للكنيسة، المكون من ١٢٠ مطرانا وأسقفا، برئاسة البابا تواضروس، فى ٢٠١٤، إلى حل يمنع الخلافات الأسرية التى قد تتسبب فى الطلاق، تمثل فى قرار إجبارى أصدره المجمع العام الحالى، بربط تصاريح الزواج الكنسى من المرة الأولى باجتياز دورة تدريبية، تعطيها الكنيسة للشباب المقبل على الزواج، بدءا من يوليو ٢٠١٧م، بالإضافة إلى الكشف الطبى العام، الذى يجريه المقبلون على الزواج للتأكد من الصحة العامة والقدرة على الإنجاب، لتزداد شروط استخراج شهادة «خلو الموانع» للشباب القبطى.
«الكورسات» تشمل ٣ محاور دينية ونفسية وجنسية
الدورات التدريبية التى لقبها الأقباط بـ«كورسات ما قبل الزواج»، بدأت بشكل اختيارى حيث كان أول من قدم تلك الخدمة هو معهد المشورة والإرشاد الكنسى بالمعادى، الذى يخضع لرئاسة الأنبا دانيال، أسقف المعادى وتوابعها، ورئيس المجلس الإكليريكى بالقاهرة، إلا أن التطبيق لم يقتصر على المعهد فقط، بل انتقل إلى الكنائس العادية، فبدأت معظم الكنائس فى إجراء اجتماع أسبوعى للمقبلين على الزواج، مثل اجتماع «نسمة حياة» بكنيسة الأنبا انطونيوس بحلوان، واجتماع كنيسة مار مرقس بالمعادى، واجتماع الكنيسة المرقسية الكبرى بالإسكندرية، إلا أن الأمر لم يكن إلزاميًا، وبناء عليه لم يشارك كل المقبلين على الزواج. وتهتم تلك الدورات التدريبية أو الكورسات، بثلاثة محاور هامة، المحور الأول هو الدعم الدينى، والثانى هو التأهيل النفسى، والثالث هو الثقافة الجنسية، ويتمثل المحور الأول «الدعم الدينى»، فى التأكد من أن الشباب المسيحى والمقبل على تكوين بيت مستقل، مؤتمن على تنشئة جيل جديد يحفظ الإيمان الكنسى ويتفهم العقيدة المسيحية، وعلى إثر ذلك لا تسمح الكنيسة لأى شاب أو شابة، بالزواج إلا بعد «تسميع» نص قانون الإيمان المسيحى النيقاوى القسطنطينى، والصلاة الربانية، ومن يفشل تحدد له مهلة للحفظ والعودة مجددًا. أما المحور الثانى وهو «التأهيل النفسى»، فهو تدريب عملى يعتمد على التأكد من أن الشاب والفتاة المقبلين على الزواج، لا يعانون من أى مشاكل نفسية، قد تعطل حياتهم الزوجية، وتأهيلهم للوصول إلى أكبر مراحل القبول بينهما، بفهم نفسية الطرف الآخر، بالإضافة الى التعامل مع المراحل العمرية لأبنائهم منذ الطفولة مرورًا بالمراهقة والأسئلة المحرجة. بينما يتمثل المحور الثالث «الثقافة الجنسية»، فى تصحيح كافة المفاهيم الجنسية الخاطئة، التى من الممكن أن تكون تكونت لدى الشباب، لاسيما الذى تربى فى مجتمعات منغلقة، التى تمنع الحديث عن العلاقة بين الرجل والمرأة، بالإضافة الى التحذير من الممارسات الجنسية الخاطئة بين الطرفين مثل الجنس الشرجى، وتناول المحرمات فى العلاقة، مثل إساءة تعامل طرف مع الآخر، وأضرار تناول الكحول والمخدرات والترامادول على العلاقة الجنسية، ويهدف ذلك المحور لمساعدة المتزوجين لإقامة علاقة حميمة مقدسة يخرج منها الطرفان وهما فى غاية السعادة، عبر أطباء متخصصين فى الشأن الجنسى والعلاقات الحميمة.
كنائس بـ«المهجر» تبدأ التطبيق وجرجس: خطوة إيجابية
يرى عياد جرجس، أستاذ علم النفس المسيحى والإرشاد النفسى، أن قرار إجبار المخطوبين على اجتياز دورات المشورة هو خطوة إيجابية لزواج مسيحى ناجح، مؤكدًا على أن كثيرا من الشباب المسيحى يختارون شريك حياتهم بشكل خاطئ والكورسات تمكنهم من كشف ذلك أثناء الخطوبة، حتى إن كثيرين ينفصلون خلال الدورة، بعد اكتشاف الخلافات، حتى لا يقعوا فى أزمة محاولة الانفصال بعد الزواج، غير المسموح فى المسيحية، إلا فى حالات استثنائية، أقرها الكتاب المقدس وهى «الخيانة فقط». وعلى الرغم من أن الكنيسة أعفت أقباط المهجر من دورات الزواج الإجبارية نظرا لعدم توافر مقرات لتدريسها لديهم، إلا أن أن بعض كنائس المهجر قررت تطبيق دورات المشورة الأسرية للمخطوبين، دون إجبار، من بينها كنائس كندا والكويت وأستراليا. وكشف مصدر كنسى أن كنائس الكويت، برعاية الأنبا أنطونيوس مطران القدس والشرق الأدنى، والأب أنجيليوس راعى الكنيسة بالكويت، بدأت فى تطبيق كورسات المشورة الأسرية، ابتداءً من الشهر الماضى، منذ إقرار المجمع المقدس. وأوضح أن تطبيق دورات المشورة بدأ فعليًا فى كاتدرائية مارمرقس بالكويت، خلال يونيو الماضى، وشارك فيها حوالى ٢٠٠ من الشباب القبطى وتستمر هذه الدورة حتى نهاية أغسطس المقبل. وبينما تبدأ كنيسة العذراء مونتريال بكندا، دورات المشورة ابتداءً من أغسطس، بدأت كنيسة السيدة العذراء والأنبا بيشوى بجنوب أستراليا تطبيق الكورسات فعليا قبل قرار المجمع المقدس تطبيقها، حيث أطلقت دورات المشورة ابتداء من مايو الماضى.
هذا الخبر منقول من : الدستور
12 - 07 - 2017, 09:19 AM
العرض العادي
