آدم أخطأ، ولم يطلب التوبة، ولا سعى إليها.. وإذا بالسيد المسيح، القدوس الذي هو وحده بلا خطية، يقف أمام المعمدان، كتائب، نائباً عن آدم وذريته، مقدماً عنهم جميعاً معمودية توبة في أسمى صوره.
حمل خطاياهم، ليس فقط أثناء صلبه، وإنما في حياته أيضاً كإبن للبشر. ولذلك سر الآب به وقال: "هذا هو إبنى الحبيب الذي به سررت"..
إن الله لا يسر بتبير الإنسان لذاته، وبأن يلتمس لنفسه الأعذار كما فعل آدم وحواء، اللذين بدلاً من أن يدينا نفسيهما أمام الله، أخذ كل منهما يلقى بالذنب على غيره.
أما السيد المسيح، فلم يلق ذنباً على غيره، وإنما أخذ ذنب الغير، وحمله نيابة عنه، وقدم عنه معمودية توبة، وأفرح بكل هذا قلب الآب، فقال: "هذا هو ابنى الحبيب الذي به سررت".
الذي بلا خطية، صار حامل خطية، من أجلنا..
لم يخجل من أن يتقدم وسط صفوف الخطاة، ليطلب العماد من يد عبده يوحنا. ولما استحى منه هذا النبي العظيم، أجابه فى وداعة " اسمح الآن، لأنه يليق بنا أن نكمل كل بر".. وأعطاناً بهذا درساً عملياً في حياتنا.
وأعطاناً درساً أن نحمل خطايا الغير..
وأن ندفع الثمن نيابة عنهم، بكل رضى.. وأن لا نقف مبررين لذواتنا، مهما كنا أبرياء . وأننا بهذا نكمل كل بر.. أتراك تستطيع أن تدرب نفسك على هذه الفضيلة؟
إن القديس يوحنا ذهبى الفم يقول:
إن لم تستطع أن تحمل خطايا غيرك وتنسبها إلى نفسك، فعلى الأقل لا تجلس وتدين غيرك وتحمله خطاياك..
إن لم نستطع أن نحمل خطايا الناس، فعلى الأقل فلنحتمل خطايا الناس من نحونا، ولنغفر لهم.. بهذا نشبه المسيح، بهذا نستحق أن ندعى أولاد الله. وبالحنان الذي نعامل الناس، يعاملنا الله..