تأملات فى صوم الميلاد المجيد
صوم الميلاد هو رحلة استعداد.. أذ تستعد الكنيسة وتهيئ وتعد مؤمنيها لاستقبال الكلمة المتجسد ليحل بالإيمان فى قلوبنا وندرك عظمة هذا السر، سر استعلان الله فى جسد إنسان { عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد}(1تي 3 : 16). وكما صام موسي النبي قديما أربعين يوما وأربعين ليلة ليستضئ فكره وقلبه وروحه لاستلام لوحى العهد المكتوبة بإصبع الله { وقال الرب لموسى اكتب لنفسك هذه الكلمات لانني بحسب هذه الكلمات قطعت عهدا معك ومع اسرائيل. وكان هناك عند الرب اربعين نهارا واربعين ليلة لم ياكل خبزا ولم يشرب ماء فكتب على اللوحين كلمات العهد الكلمات العشر. وكان لما نزل موسى من جبل سيناء ولوحا الشهادة في يد موسى عند نزوله من الجبل ان موسى لم يعلم ان جلد وجهه صار يلمع في كلامه معه. فنظر هرون وجميع بني اسرائيل موسى واذا جلد وجهه يلمع} (خر27:34-30). فاننا نصوم فى رحلة مقدسه لاربعين يوم لنستطيع ان نفهم ونعيش فرحة التجسد الالهي والخلاص والتحرر من عبودية إبليس وثقل الإنسان العتيق فيستحيل على الإنسان الطبيعي المنغمس فى لذة الأكل والشرب وملاهي العالم أن يؤمن ويثق ويحيا بالروح والحق ويدرك أبعاد التجسد الالهي لتواضع ووداعة وعمق محبة الله الآب الذى أرسل ابنه الوحيد الى العالم لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. الكنيسة بالصوم تعدنا روحيا لنحيا أفراح ميلاد المسيح الذى إنتظرته الأجيال في ترقب وبالصوم نتقدس بالتوبة ويتقدس الجسد والفكر والروح.
الاستعداد للميلاد بالتوبة.. الرجوع الى الله من كل القلب هو صميم دعوة الرب يسوع المسيح { من ذلك الزمان ابتدا يسوع يكرز ويقول توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات (مت 4:17). الصوم عن الطعام هو ضبط للجسد والاهواء فالبطن سيدة الأوجاع من يستطيع ان يضبطها يسير فى طريق الكمال ويقدر أن يضبط الجسد كله { الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء والشهوات} (غل 5 : 24). لابد ان يصحب الصوم عن الطعام لفترة من الزمن الأكل النباتي الخفيف فى إعتدال ليصح الجسد وتصفو النفس وتقوى الروح يرافقه صوم الحواس عن الطياشة فيما لا يفيد، وصوم اللسان عن الكلام غير النافع وضبط الفكر عن التجوال في الارضيات وهموم وغرور العالم ليرتفع ويشبع بالله فى تأمل فى كلامه المشبع { ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله }(مت 4 : 4). الصوم الروحي يعنى الشبع بالصلاة وكلمة الله المحيية والخلوة الروحية لمحاسبة الذات ومعاتبتها أو معاقبتها لترجع الى الله وتعترف بخطاياها وأخطائها وتقلع عنها وتكتسب العادات الإيجابية التي تقربها من الله وتتقدس بالاسرار المحيية وتتهيأ لحلول المسيح بالإيمان فيها
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى