وبينما انا اتلفت لأبحث عن مصدر هذه الاصوات
سمعت صوت هادى رزين يقول لى
(كلاهما قد دين)
فتلفت لابحث عن كل هذه الاصوات وإذ بكاهن يظهر لى من وسط المقابر
ويكرر نفس العبارة حتى وصل إلى وقال لى ...
انظر إلى الغرب ... فوجدت شاب وشابة فى وضع مخجل للغاية يمارسان الخطيئة فى وسط المقابر
فقلت : استر يارب ليه الخطية ليه ..؟؟
فاجابنى الكاهن قائلا .. ياآبانا إن هذان قد فعلا هذا الامر منذ زمن بعيد
وكان الفتى ابن زوج هذه المرأة.
وعندما انكشفا امرهما هربا الى هذه المنطقة (منطقة المقابر ) وكانا يصنعان الخطية مع بعضهما
حتى وجدهما خفير المقابر فى صباح احد الايام وقد فارقا الحياة وهما مضبوطان فى الخطية
وهما الأن يتعذبان بهذه الذكريات ويظهران من وقت للآخر يصنعان الخطية
بينما اصواتهم يتردد فيها ادانة كل منهما للآخر معتبرا إنه السبب فى كل ما حدث
ولكن لا فائدة من ذلك فقد صارا من اهل العذاب الأبدى
وبينما الكاهن يحدثنى تنبهت الى اننى لم اعرفه من هو..
فسالته : ومن انت يا ابى ومن اين عرفت قصة هذان الفاجران ؟
وبينما انا اسأله وجدت وجهه منيرا ولحيته البيضاء كأنها خطوط من الفضة
يتخللها ضوء صافى كانه الشمس فوقعت على وجهى من بهاء منظر هذا الكاهن
واصطدمت رجلى بالعظام فجرحتنى وسالت الدماء من جرحى ولكن ..
لم يشغلنى هذا الامر عن التفكير فى من عسى ان يكون ذلك الآب المهيب
وكنت اسمع صوته يحدثنى وانا خافض الرأس
فكان يقول لى : ياابانا انا راهب قسيس سكنت هذا الدير منذ زمن بعيد
وكانت الحياة قاسية جدا فى هذا المكان وكانت الخدمة شاقة ولكن كانت الحياة مع المسيح هدفا لى
فلم اعبأ بكل مشكلات هذه الدنيا وتحملتها بصبر وهبنى الله إياه وكنت احب الشعب
واحب ان ادبر له احتياجاته وما كنت أتاخر عن احد فى أموال أو زيارات أوتدخل من اجل حل مشكلاتهم
وعندما اراد الله ان يريحنى من اتعاب هذا العالم الزائل
دبرت عنايته أن اصاب بعدوى الكوليرا التى لم يكن لها علاج فى ايامنا
وكنت امر بين المرضى لأتفقدهم وأُصلى لهم واتقبل اعترافاتهم حيث انتابنى اعراض المرض الخطير
وكنت على الآلام المرض صابراً عالما ان الله انما يريد راحتى فى كل الاحوال
وبعد أيام من اتعاب هذا المرض وكنت طريح الفراش وإلى جوارى أخ شماس
كان يرعانى فى مرضى وفى يوم كنت نائما فشعرت كما لو كان لكزنى احد لأستيقظ ..
فظننت انه الشماس يريد ان يقدم لى شىء ففتحت عينى بتثاقل وانا أتمتم
واقول له لست أريد شيئا من هذا العالم لى اشتهاء ان انطلق واكون مع المسيح
وعندما تنبهت لما يدور حولى وجدت اننى منفردا حيث كان الشماس نائما فى مكان اخر
فتساءلت من الذى ايقظنى إذاً...؟؟
وبينما انا متحير سمعت اصواتا هادئة ولما اصغت السمع وجدت انها اصوات تسابيح جميلة للغاية
ولكننى لم اعرف مصدرها
حتى ظهر لى ما اسعدنى كثيرا لقد جائنى ملاك الله
يبشرنى بالرحيل إلى عالم الخلود ثم اختفى....
فايقظت الشماس وقصصت عليه ما حدث كامر الملاك ثم نمت ثانية
فجائنى من ايقظنى ايضا ولكن كان جمهور كبير فى هذه المرة واقترب منى ثلاثة ملائكة من نور
ووقف احداهما بجوار راسى والاخر عند قدمى ودهنى بزيت ثم جاء الملاك الثالث
وبسط على ثوبا روحيا واسعا فاحسست اننى اتثائب واخرج بروحى من جسدى
لأدخل فى ذلك الثوب الروحى الجميل ثم حملنى الملاكان فى ذلك الثوب
بينما اخذ الملاك الثالث يرتل امامى فكنا جميعا نرتفع نحو السماء من ناحية المشرق
ورايت المسكونة بأجمعها وجميع الخليقة فاعطيت المجد لله الخالق القادر
ثم آتى بى الملائكة الى مكان جميل جدا مملوء بارواح الأبرار وقال لى الملاك الذى يرتل :
ابق هنا حتى ياتى رب المجد يسوع ليصحبك الى الفرح الابدى
وما ان تأكدت من وصولى إلى الفردوس حتى وجدتنى اُسبح واُرنم لله كل حين فى فرحة غامرة
لا يستطيع القلب البشرى ان يحتملها او ان يستوعبها
وآما عن مجيىء اليوم إلى هنا فهو مهمة تعزية
ارسلنى فيها الله لكى اعزيك هنا فى وسط هذه المقابر التى تضم الاشرار والابرار
ولايعرف أن يميزهم احد من سكان هذا العالم الفانى
وهذه اليد المتيبسة ياابى ( اعطاها لى فى يدى ) هى ما تبقى من جسدى فى هذا المكان
فارجو ان تضعها فى جيبك حتى تصل الى كنيستنا .. فتناولت العظمة المباركة من يده
وما ان فعلت ذلك حتى وجدته قد اختفى من امامى فصحت انادى عليه واسأله عن اسمه
لاننى لم أكن قد عرفت بعد ماذا يكون أسم ذلك القديس
وبينما انا انادى عليه حدث امر مفزع....
إنتظروني غداً بمشيئة ربنا
والجزء الأخير من الخلوة الروحية