تداريب الصوم من جهة الاعتكاف والصمت
يقول الكتاب " قدسوا صوماً، نادوا باعتكاف
"(يوئيل 1:14).
ضع هذه الآية أمامك ودرب نفسك علي الاعتكاف.
والمقصود بالاعتكاف، أنه اعتكاف مع الله.
لأن هناك من يعتكفون في بيوتهم، دون أي عمل روحي،
بل قد يعتكفون مع الراديو أو التلفزيون أو المجلات،
أو في أحاديث مع أهل البيت..! أو يعتكفون
مع الأفكار الخاطئة،
ليس هذه هو الاعتكاف. إنما الاعتكاف يكون
من أجل عمل روحي
تعمله في مخدعك عليك مع الله. تعتكف مع الكتاب،
مع سير القديسين، مع المطانيات، مع الصلاة.
إن كان لك برنامج روحي، ستحب الاعتكاف.
أناستفدت فائدة روحية من اعتكافك،
ستستمر في هذا الاعتكاف،
وتشعر أنه بركة لك من الله. لذلك اجلس إلي نفسك.
وضع هذا البرنامج، واعتكف لأجل تنفيذه. وحاول أن
تستغني عن صداقاتك وترفيهاتك
خلال هذه الفترة، التي سيكون
فيها الله هو صديقك الحقيقي
. درب نفسك أنك تستغني عن الحكايات والدردشة والكلام
الذي لا يفيد، وحينئذ ستقدر أن تعتكف وتعمل مع الله.
وإن لم تستطيع أن تعتكف طول الصوم، فهناك حلول أسهل:
أستخدم تدريب "بعض الأيام المغلقة".
أي حدد لنفسك أياما معينة لا تخرج فيها من بيتك،
وتكون قد نظمت مشغولياتك وزياراتك، بحيث تعتكف في
هذه الأيام المغلقة. ويمكن ان تبدأ بيوم واحد مغلق في الأسبوع،
ثم يومين، ثم تنمو أكثر.. ولكن ماذا تفعل إن لم
تستطيع أن تغلق علي نفسك مع الله؟
إن لم تستطيعوا أن تغلقوا أبوابكم خلال الصوم، فعلي
الأقل إغلقوا أفواهكم عن الكلام الباطل.
فحديثنا مع الناس، ما أسهل ان يعطل حديثنا مع الله. وكما قال
أحد الآباء "الإنسان الكثير الكلام، إعلم أنه فارغ من الداخل"
… أي فارغ من العمل الروحي داخل القلب، فلا صلاة
ولا تأمل ولا تلاوات روحية.. إن تدريب الخلوة والإعتكاف،
سيساعدكم علي الصمت. والصمت سيخلصكم من أخطاء السان،
كما أنه يعطيكم فرصة للعمل الداخلي، عمل الروح..
ولكن ماذا إذن، أن كان الصائم لا يستطيع الاعتكاف الكامل،
ولا الأيام المغلقة، ماذا يفعل؟
هناك تدريب آخر هو:
تدريب مقاومة الوقت الضائع:
هناك إنسان مشكلته الأولي ضياع وقته.
وقته تافه في عينيه. يضيع أوقاته دون أن يستفيد.
هذه هي خطيته الأولي. ونتيجة لإضاعة الوقت، لا صلاة،
ولا قراءة،ولا أي فكر روحي. ونتيجة لهذا أيضاً: الفتور الروحي،
وربما الوقوع في الخطية. هذا يقول لنفسه: أريد خلال الصوم أن أدرب
نفسي علي مقاومة الوقت الضائع، وعلي الاستفادة من وقتي. وكيف ذلك؟
توفر الوقت الضائع في الكلام مع الناس،
والوقت الضائع في المقابلات والزيارات، وفي المناقشات
التي لا تفيد، والوقت الضائع في قراءة الجرائد والمجلات
و التعليق علي ما فيها. وكذلك الضائع في الاستماع
إلي الراديو و التلفزيون،
وفي سائر الترفيهات التي يمكن الاستغناء عنها، وتحويل وقتها إلي
عمل روحي مع الله كل إنسان يعرف أين يضيع وقته.
ويعرف بالتالي كيف يمكن أن ينقذ هذا الوقت كجزء
من حياته، ويستفيد به. ليكن هذا تدريباً لنا خلال الصوم بإذن الله..
وهذا التدريب يساعدنا علي تدريب آخر هو: صوم اللسان.
قال ماراسحق " صوم اللسان خير من صوم الفم
". إن عرفت هذا درب نفسك علي الصمت علي
قدر إمكانك. وإن لم تستطيع، استخدم هذه التداريب الثلاثة:
أ- عدم البدء بالحديث إلا لضرورة.
ب- الإجابة المختصرة.
ج- إشغل فكرك بعمل روحي، يساعدك علي الصمت.
++++
تداريب الانسحاق والتذلُّل وقت الصوم
أيام الصوم هي أيام انسحاق وتذلل أمام الله،
لذلك درب نفسك علي ذلك حتى تصل نفسك إلي
التراب والرماد. وذلك عن طريق التداريب الآتية:
أ- أبعد عن محبة المديح، وعن كلام الافتخار
ومديح النفس.
ب- أستخدم كلام الانسحاق في صلواتك،
مثل ترديدك لمزمور
" يارب لا تبكتني بغضبك، ولا تؤدبني بسخطك "(مز 6).
ج- إذا جعت، أو جلست لتأكل، قبل لنفسك
" أنا لا أستحق الطعام بسبب خطاياي، لأني فعلت كذا كذا.
. أنا لست أصوم عن قداسة، وإنما عن مذلة داخل نفسي
". حاق، مهما وضعوا أمامه من مشتهيات، لا يجد رغبة في الأكل
. وأن ضغط عليه الجوع، يقول لنفسه: تب أولاً، حينئذ يمكنك
أن تأكل.. وان وجد نفسه ما يزال في خطأ، يبكت ذاته
قائلاً:
هل هذا هو الصوم مقبول أمام الله؟! هل هذا تقديس للصوم؟!
د- أيام الصوم فرصة صالحة للأعتراف وتبكيت الذات
أمام الله، وأمام أب الاعتراف. وداخل نفسك.
إنها فترة صراحة مع النفس، ومحاسبة للنفس،
وتوبيخ وتأديب لها. أحرص فيها أن تجلب اللوم علي ذاتك.
وأهرب من كل تبرير للنفس في أية خطية، مهما سهلت التبريرات.
ه - أدخل في تداريب الإتضاع، وهي كثيرة جداً..
تابع