وُلدت الأم ماريا في عام 1334 بأشبيلية بأسبانيا وقد حباها الله منذ ميلادها جمالاً باهراً ونضارة وحيوية وفي الخامسة عشر من عمرها تزوجت من الدون خوان دي لا سيردا ... وفي ذلك الوقت كان الملك بيدرو الأول ملك قشتالة والذي كان معروفاً بقساوته وبطشه وعدم الضمير فعندما رأى ماريا وما لها من جمال تعلق قلبه بها فبدأ بمضايقتها ومحاصرتها في كل مكان وكانت ماريا تتجنبه بقدر الإمكان حتى أنها قررت ترك البلاط الملكي ومغادرته ...
وبعد عام بدأت حرباً أهلية بين الملك بيدرو وشقيقه بطرس دون أنريكي وكان الدون خوان دي لا سيردا يعمل في خدمة الدون بطرس وللحظ السيئ سقط الدون خوان سجيناً وحُكم عليه بالإعدام وتم اقتياده إلى القلعة في انتظار اعدامه كما نصت القوانين في حالات التمرد وكان كل شيء جاهزاً لهذا الحدث في انتظار تنفيذ حُكم الملك الذي كان في ذلك الوقت موجوداً في تاراجونا ...
ولما علمت ماريا بهذه الأخبار المأساوية ذهبت على الفور إلى الملك ملتمسة عفوه وانتقلت إلى تاراجونا في غضون ثلاث أسابيع ولكن خلال هذا الوقت تم تنفيذ الحكم على زوجها وأعدم بقطع الرأس فأخفى بيدرو هذا الخبر عن ماريا وأخبرها أنه قد صفح عن زوجها ولكن بعد وقت قليل علمت ماريا بهذه الخدعة فاصيبت بخيبة الأمل وعادت مرة أخرى إلى أشبيلية ثم أمر الملك بمصادرة كل ممتلكاتها ليجبرها على تلبية نواياه وأصبحت ماريا أرملة فقيرة تعيش في حدادها ....
ومع ذلك لم تتزحزح ماريا عن عزمها بالرغم من محاولات الملك بيدرو المستمرة فقررت اللجوء إلى دير القديسة كلارا حيث تمت رسامتها راهبة في 1360م ولكن الملك بيدرو لم يستسلم بعد وكان عازماً على الحصول على ماريا فذهب بنفسه إلى الدير ليأخذها بالقوة فخرجت له ماريا وهي تحمل بيدها وعاءً من الزيت المغلي وقالت له : (( إذا كان جمالي هو السبب في عثرتي فها هو أخفيه عنك إلى الأبد ولن تستطيع إرجاعه )) وسكبت الوعاء على وجهها وتسبب في حروق خطيرة جدا في وجهها وتشوهه بالكامل ...
فخجل الملك من شجاعة هذه المرأة القديسة واعجب بجرأتها وثباتها وأغدق عليها بالهدايا والهبات للدير ولكنه مع ذلك لم يرد لها ممتلكاتها وبعد تولي شقيقه بطرس الحكم أمر بإعادة هذه الممتلكات لها ومنها إحدى القلاع التي حولتها الأم ماريا إلى دير على اسم القديسة الشهيدة أجنس حيث انتقلت إليه هي وأربعون راهبة أخرى إلى أن تنيحت بسلام الرب في 2 ديسمبر عام 1411م ودُفن جسدها تحت مذبح كنيسة الدير وبعد مرور 215 عام على نياحتها وفي عام 1626 كان لا بد من تحريك الجسد فوُجد ثقيلاً وعندما كشفوا الجسد وجدوه سليماً تماماً حتى من الحروق التي كانت في وجهها ...
وقد حدث عندما تم نقل الجسد في نعش جديد كان النعش صغيراً بحيث لا يمكنه احتواء الجسد فانكمش الجسد بطريقة عجائبية ليكون مناسباً تماماً للنعش الجديد ...
بركة صلواتها وشفاعتها فلتكن معنا ومعكم يا آبائي وإخوتي . آمين