رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ونحن ما زلنا على هذه الأرض، نحيا في وسط عالم وُضِعَ في الشرير، عالمين أنّه سيكون لنا ضيق كما سبق للرب ونبّهنا، ينبغي علينا أن نكون محصّنين ضد كل هموم هذا العالم، وضد كل هجمات الشيطان، لكي نحيا الحياة الرائعة التي أعدّها لنا الرب.. واليوم سوف نتأمّل بموضوع هام للغاية، وهو أحد أهم ركائز الحصانة التي ذكرناها: " الشعور بالأمان "، أي أن نكون مطمئنين على الدوام، مهما كانت الظروف المحيطة بنا !!! لأنّه كثيراً ما نرى في وسط المؤمنين، خيبات أمل، فشل، إحباط، ومخاوف كثيرة... فحياتنا تراها متذبذبة، أحياناً في الأرتفاع، وأحياناً أخرى وكثيرة في الإنحدار.. والسبب الرئيسي لذلك، أننا بنينا أماننا وطمأنينتنا على أسس عرضة للإنهيار أغلب الأحيان.. وهي شبيهة بما قاله الرب: " وكل من يسمع أقوالي هذه ولا يعمل بها، يُشبّه برجل جاهل بنى بيته على الرمل، فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبّت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط. وكان سقوطه عظيما " (متى 7 : 26 – 27). نعم.. كل من يبني أمانه وطمأنينته على الرمل، أي على أسس ليست متينة، فعندما تهب عليها الرياح المعاكسة، ستسقط وسيكون السقوط عظيم.. وبلغة أوضح.. عندما تستمد أمانك في مجال العمل على ذكائك ومهاراتك الذاتية، ومعرفتك برب العمل أو بأصحاب نفوذ ومراكز.. أو تستمد أمانك في مجال الإحتياجات المادية على ما تمتلك حالياً من أموال.. أو تستمد أمانك في مجال الصحة على معرفتك العلمية أو معرفتك بأطباء ناجحين.. أو تستمد أمانك في دائرة العلاقات من خلال إحاطة نفسك بعدد كبير من الأصدقاء.. أو تستمد أمانك في دائرة العائلة من خلال اتكالك على مراقبتك الدائمة والدقيقة لأولادك وتصرفاتهم.. وما إلى ما هنالك من أسس أخرى وضعتها لنفسك.. فأنت عرضة لخيبات أمل كثيرة واهتزازات، قد تكون عنيفة أغلب الأحيان.. ففي اللحظة التي تسوء علاقتك برب عملك أو يتم استبداله بآخر، فستجد نفسك قلقاً وحائراً.. وفي اللحظة التي تتردّى فيها الأوضاع الإقتصادية، ستجد نفسك مضطرباً وقلقاً على الغد.. وفي اللحظة التي تسوء فيها صحتك أو صحة أحد أفراد عائلتك، ولا تجد العلاج من خلال معلوماتك الطبية أو من خلال الأطباء، فسترى نفسك مرتعباً.. وفي اللحظة التي يغدر بك أحد الأصدقاء، فستجد نفسك محبطاً، تشعر بالمرارة أو بالرفض.. وفي اللحظة التي تكتشف فيها أن أحد أولادك لديه بعض الأمور السيئة في الخفاء، فسوف تنهار ربما.. وكل هذا ستتعرض له، لأنك بنيت كل أسس الأمان المتعلقة بك على الرمل.. فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبّت الرياح، وصدمت تلك الأسس فسقطت، وكان سقوطها عظيماً.. بينما الحل الراسخ هو ما قاله الرب في المقطع نفسه: " فكل من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها، أشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر، فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت، فلم يسقط، لأنه كان مؤسساً على الصخر " (متى 7 : 24 – 25). نعم.. إنّ أسس أماننا وطمأنينتنا ينبغي أن تكون مبنية على صخر الدهور.. على الرب يسوع وعلى كلمته ووعوده الثابتة لنا، والتي لا تتغيّر ولا تتأثّر، مهما هبّت عليها الرياح والعواصف.. نعم.. الرب سيعطينا نعمة في عيون الذين يُمسكون بأمورنا.. وهو من أعطانا مهارات، وهو من وضع في وسطنا أطباء ماهرين، وهو من يمنحنا أصدقاء، وهو طلب منّا أن نربّي أولادنا ونراقبهم.. لكــن.. ونحن محاطون بكل هذه الأمور، ونقوم بالدور المطلوب منّا في شتّى المجالات، ينبغي أن تكون عيوننا مركّزة على المانح والضامن، وليس على الأشياء الممنوحة.. فكلمته تقول: " تعالى الرب لأنّه ساكن في العلاء.. فيكون أمان أوقاتك (أو) هو ضمان أزمانك، ووفرة خلاص وحكمة ومعرفة ". (إشعياء 33 : 5 – 6). هو الضامن وحدهُ.. ولعلّ ما قاله نحميا يوضح لنا أكثر: " ... فوافق الملك على طلبي بفضل رعاية إلهي الصالحة لي " (نحميا 2 : 8). الملك هو من أعطى نحميا طلبته.. لكن نحميا كان مدركاً في قلبه، السبب الحقيقي الذي جعل الملك يعطيه طلبته، وهو رعاية الرب له.. وهذا ما ينبغي علينا فعله لكي نحيا بأمان وطمأنينة. تأمل معي في هذه الآيات لكي تدرك أكثر ما يقوله الروح لنا اليوم: " لأنّك أنت جذبتني من البطن. جعلتني مطمئناً على ثديي أمي " (مزمور 22 : 9). " عيناك تريان أورشليم مسكناً مطمئناً، خيمة لا تنتقل، لا تُقلع أوتادها " (إشعياء 33 : 20). " فيرجع يعقوب ويطمئن ويستريح ولا مخيف " (إرميا 46 : 27). " فلا يكونون بعد غنيمة للأمم ولا يأكلهم وحش الأرض، بل يسكنون آمنين ولا مخيف " (حزقيال 34 : 28). كل أسس الأمان في هذه المقاطع مبنية على الصخر، على كلمة الرب ووعوده.. ولذلك ستبقى ثابتة وراسخة، لا تتزحزح أو تنهار، مهما تغيّرت الظروف أو صَعُبَت.. مقاطع أخرى من كلمة الله: " طوبى للرجل المتّقي الرب، المسرور جداً بوصاياه... لأنّه لا يتزعزع إلى الدهر... لا يخشى من خبر سوء. قلبه ثابت، متكلاً على الرب . قلبه ممكّن، فلا يخاف " (مزمور 112). " إذا انقلبت الأعمدة (أو) إذا تقوّضت الأساسات، فالصديق ماذا يفعل؟ ما زال الرب في هيكله المقدّس، الرب في السماء عرشه " (مزمور 11). لا يخاف الصديق الذي بنى أسس أمانه وطمأنينته على الرب ولا يتزعزع، وهو أيضاً لا يخاف من خبر سوء.. ولا من أي متغيرات.. لا يخاف حتى لو انقلبت الأعمدة كلها، لأنه مدرك أنّ الرب دوماً على العرش، يتحكّم في كل الظروف والمتغيرات، ويجعلها تعمل لخيري، وهذا الإله الجالس على العرش هو أبي الذي يحبني محبة غير مشروطة، وهو نفسه من ضحّى بابنه الوحيد من أجلي حينما كنت خاطئاً، فكيف يتخلى عنّي الآن وأنا ابنه المحبوب جدّاً !!! والآن لنتأمل معاً في مقطع هام من كلمة الله يلقي الضوء أكثر على تأملنا هذا: القصة هي عن دانيال النبي في عهد داريوس الملك. وقد نال ذلك النبي مركزاً رفيعاً في المملكة، إذ كان بعد الملك مباشرةً، كما نال حظوةً عند الملك، الذي كان يحبه كثيراً، لكن دانيال كان رجل الله بكل معنى الكلمة، ولهذا السبب لم يستمد أمانه من مركزه أو من علاقته بالملك، ولا حتّى من حب الملك له، ولو فعل، لكان دفع ثمناً غالياً عندما حيكت ضدّه مؤامرة من قبل الوزراء الذين نجحوا في خداع الملك داريوس، وجعلوه يوقّع قراراً بإلقاء كل من يطلب طلبة من إله أو من إنسان غير الملك، في جب الأسود، عارفين أنّ دانيال يصلي دوماً لله، وسوف ينطبق عليه هذا القرار، تعال نقرأ معاً: " ... إن دانيال الذي من بني سبي يهوذا، لم يجعل لك أيها الملك اعتباراً، ولا للنهي الذي أمضيته، بل ثلاث مرات في اليوم يطلب طلبته. فلمّا سمع الملك هذا الكلام اغتاظ على نفسه جداً، وجعل قلبه على دانيال لينجيه، واجتهد إلى غروب الشمس لينقذه، فاجتمع أولئك الرجال إلى الملك وقالوا للملك: إعلم أيها الملك أنّ شريعة مادي وفارس هي أنّ كل نهي أوامر يضعه الملك لا يتغيّر. حينئذٍ أمرَ الملك فأحضروا دانيال وطرحوه في جب الأسود. أجاب الملك وقال لدانيال: إنّ إلهك الذي تعبده دائماً هو ينجيك... حينئذٍ مضى الملك إلى قصره وبات صائماً، ولم يؤتَ قدّامه بسراريه وطار عنه نومه. ثمّ قام الملك باكراً عند الفجر وذهب مسرعاً إلى جب الأسود. فلمّا اقترب إلى الجب، نادى دانيال بصوت أسيف، أجاب الملك وقال لدانيال: يا دانيال عبد الله الحي، هل إلهك الذي تعبده دائماً قَدِرَ على أن ينجّيك من الأسود. فتكلّم دانيال مع الملك: يا أيها الملك عش إلى الأبد، إلهي أرسل ملاكه وسدّ أفواه الأسود فلم تضرّني، لأنّي وُجدت بريئاً قدّامه وقدّامك أيضاً أيها الملك، لم أفعل ذنباً. حينئذٍ فرح الملك به وأمر بأن يُصعد دانيال من الجب، فأُصعِدَ دانيال من الجب، ولم يوجد فيه ضرر، لأنّه آمن بإلهه ". (دانيال 6 : 13 – 23). لن تجد أي شك بصدق الملك وبصدق محبته لدانيال، فهو اغتاظ على نفسه بسبب توقيعه القرار الذي جعل دانيال يُلقى في جب الأسود، واجتهد لكي ينقذ دانيال، وصام، ولم يطلب سراريه كالمعتاد، ولم ينم الليل، وذهب باكراً إلى جب الأسود ليطمئن على دانيال.. لكــــن.. محبته كانت عاجزة.. لا تنفع.. لا بل سلطانه وموقعه كملك، كانا أيضاً عاجزين.. ولو كان دانيال متكلاً على محبة الملك وسلطانه لكانت الأسود التهمته.. لكنه كان متكلاً على الرب.. وتقول الكلمة: فأُصعِدَ دانيال من الجب، ولم يوجد فيه ضرر، لأنّه آمن بإلهه.. بنى دانيال أمانه على أسس راسخة.. كلمة الرب ووعوده ومحبته، فنجا. وهذا ما يقوله النبي إشعياء: " إن لم تؤمنوا فلن تأمنوا " (إشعياء 7 : 9). وهذا ما فعله وقاله الملك يهوشافاط، عندما جاء عليه جمهور كبير، ممّا جعله يخاف، لكنه لم يتكبّر محاولاً الاتكال على أسس أمان مزيّفة، فلم يجهّز جيشه، ولم يتكل على تحصين المدن، كما فعل ملوك غيره، بل جعل وجهه ليطلب الرب، ونادى بصوم في كل يهوذا، وصلّى للرب، وأعطاه المجد الذي يستحقّه، وتذلّل أمام الرب، قائلاً له: لأنّه ليس فينا قوة أمام هذا الجمهور الكثير الآتي علينا، ونحن لا نعلم ماذا نعمل، ولكن نحوك أعيننا. وجاء الحل، الذي كان وسيبقى للأبد، ما قاله يهوشافاط لشعبه، ودوّنته لنا كلمة الله: " آمنوا بالرب إلهكم فتأمنوا ". وكـل مـا فعله ذلك الملك، أنّه أقام مغنين للرب ومسبحين في زينة مقدسة عند خروجهم أمام المتجردين وقائلين: احمدوا الرب لأنّ إلى الأبد رحمته. ولمّا ابتدأوا في الغناء والتسبيح، جعل الرب أكمنة على ذلك الجمهور العظيم، فانكسروا ولم ينفلت أحد (2 أخبار 20 : 1 – 24). إنّ ما فعله الملك يهوشافاط وفقاً للمفهوم العسكري، هو ضرب من الجنون.. لكن في نظر الله، وهذا هو المهم، هو ضرب من الإيمان بمحبة الله، وبذراعه المقتدرة.. ولذلك السبب حارب الرب عن شعبه، ونجّاهم، وأهلك أعداءهم، فلم ينفلت واحد منهم.. وفي العهد الجديد، وفي مواجهة الأمراض الصعبة، والقيود الشيطانية، والموت حتّى، الحل واحد: آمن تأمن. " وبينما هو يتكلم جاءوا من دار رئيس المجمع قائلين ابنتك ماتت، لماذا تتعب المعلم بعد، فسمع يسوع لوقته الكلمة التي قيلت، فقال لرئيس المجمع: لا تخف. آمن فقط " (مرقس 5 : 35). كلام حاسم، لا حاجة لأي شيء آخر: آمن فقط. وواقعة أخرى معبّرة: " يا معلّم قد قدمت إليك ابني به روح أخرس، وحيثما أدركه يمزقه فيزبد ويصرّ بأسنانه وييبس... فقدّموه اليه (أي للرب)، فلما رآه للوقت صرعه الروح فوقع على الأرض يتمرّغ ويزبد، فسأل أباه كم من الزمان منذ أصابه هذا. فقال منذ صباه، وكثيراً ما ألقاه في النار وفي الماء ليهلكه، لكن إن كنت تستطيع شيئاً فتحنن علينا وأعنّا. فقال له يسوع: بل إن كنت أنت تقدر أن تؤمن. فكل شيء مستطاع لدى المؤمن. فللوقت صرخ أبو الولد بدموع وقال: أؤمن يا سيد فأعن عدم إيماني ". (مرقس 9 : 17 – 24). وأيضاً حل وحيد قدمّه الرب شخصياً: إن كنت أنت تقدر أن تؤمن. فكل شيء مستطاع لدى المؤمن. وأخيراً.. ملخّص بسيط: تبني أمانك على أسس غير كلمة الرب ووعوده، ستكون كبيت مبني على الرمل، عندما تهب العواصف وتهطل الأمطار، سينهار وسيكون إنهياره عظيماً.. وكيف أكون آمناً ومطمئناً؟ تؤمن فقط.. بالرب وبكلمته وبوعوده وبمحبته غير المشروطة.. وإن كنت لا تقدر أن تؤمن.. إفعل كما فعل أبو الولد.. أصرخ بدموع للرب وقل له: أعن عدم إيماني.. وهو سيفعل بكل تأكيد. تواجد في محضر الرب باستمرار، إن كان من خلال خلوتك اليومية، وقراءتك للكلمة وللوعود التي تحتاجها، وإن كان من خلال حضورك للإجتماعات الروحية بصورة دائمة، وسماعك لعظات ممسوحة، وقراءتك لكتب روحية.. فهذا الجو، سيخلق وينمّي الإيمان في داخلك، وعندما تتعرّض لأي ضيقة أو لأي هجمة شيطانية، ستجد الإيمان جاهزاً في داخلك، فتؤمن وتأمن.. وأزل من حياتك المعطّل الأساسي للإيمان، ألا وهو الخطيئة التي ترحّب بها ولا تقاومها.. لأنه إن تركت في حياتك خطايا، لا تقاومها بجدية، وترحب بها، فلن تجد الإيمان أبداً في داخلك.. وأنا أدعوك بعد قراءتك لهذا التأمل، أن تزيل بيديك اليوم قبل الغد، كل أسس بنيت عليها أمانك وطمأنينتك، غير الإيمان بكلمة الرب ووعوده ومحبته، لكي لا تأتي الأمطار والعواصف، وتُسقط البيت الذي بنيته على الرمل، ولكي لا يكون سقوطه عظيماً.. فتتأذّى. آمن تأمن.. ولا حلّ آخر.. للرب كل المجد !!! |
06 - 05 - 2015, 03:12 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأسس الراسخة للأمان
ربنا يبارك حياتك |
||||
03 - 11 - 2015, 03:04 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: الأسس الراسخة للأمان
ميرسى على الموضوع ربنا يبارك فيك |
||||
11 - 11 - 2015, 06:28 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: الأسس الراسخة للأمان
ليك المجد يارب يسوع
أؤمن ياسيد فأعن عدم ايماني ربنايباركك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الوعود الراسخة |
الأسس الصحية لتغذية الرضيع |
اساسيات ث.ع | اهم قوانين الأسس واللوغاريتمات |
اسس الايمان الراسخة |
الأسس الأولى لكل تربية صحيحة |