4- المميز الرابع لشخص الفادي هو أن يكون ملكا لنفسه حتى يستطيع أن يقدم نفسه فداء لغيره :
إن المخلوق هو بطبيعة الحال ملك لخالقه , وبالتالي فهو لا يستطيع أن يتصرف في نفسه كما يشاء لأنه لا يملك نفسه , وكل بشر دب على هذه الأرض هو أحد خلائق الله , فنحن اذاً نحتاج إلى فاد غير مخلوق ليكون ملكا لنفسه , ويقدم نفسه لفداء البشرية التي ضلت سواء السبيل لكن كيف يمكن أن يكون المرء إنساناً وغير مخلوق في وقت واحد ؟ وأين هو الشخص الإنساني الذي لم يخلق كسائر الناس ليكون ملكا لنفسه وله سلطان أن يضع نفسه عن البشر أجمعين ؟ إننا لا نجد في التاريخ شخصاً تنطبق عليه هذه المميزات سوى شخص المسيح , فهو مولود ولكنه غير مخلوق , لأنه لم يأت بطريق التناسل الطبيعي , وهو في ذات الوقت الله خالق كل الأشياء بكلمة قدرته !!
وقد يعترض معترض بالقول : إن مجيء الله في صورة إنسان يجعل من الله حادثاً , والحادث مخلوق وليس خالقاً !! لكن هذا المعترض ينسى أن الله ظهر في صورة شتى لأنبياء القدم , ومع ذلك فلم يعتبر ظهوره لهم حادثاً !! فقد ظهر الله لموسى في عليقة خر 4:3 وظهر لمنوح والد شمشون في صورة رجل قض 22:13 وظهر كذلك لإبراهيم تك 18 ولم يقل أحد يومئذ أن الله صار حادثاً , لأنه جلت قدرته قادر على كل شيء , وفي استطاعته أن يتجسد في صورة بشر وأن يكون في ذات الوقت مالئاً للكون كله , وهذا ما قاله السيد له المجد في حديثه مع نيقوديموس ((ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء الذي هو في السماء)) يو 13:3 فبينما كان يتحدث مع نيقوديموس على أرض فلسطين قال له انه أيضاً في السماء , وليس في تجسد الله أي أهدار لكرامته , بل على العكس إن تجسده يثير الحب في قلوب مخلوقاته , سيما عندما يدركون أنه تجسد في سبيل فدائهم , وإظهار حب قلبه لهم