رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يبدو الطريق المؤدي الى الخلاص لكل مؤمن طويلاً وشاقا ، فكيف يستطيع أن يبني نفسه روحيا لكي يرتقي الى درجة القداسة ، لأن بدونها لا يمكن أن يعاين وجه الله . فما هو المطلوب من كل مسيحي لكي يضمن حياة الأبدية ؟ الجواب وبكل بساطة نجده في قول الرب يسوع الذي يريد من كل مؤمن الأمانة والأخلاص . وبهذه الأمانة نستحق الدخول الى نعيمه وحسب قوله ( نِعماّ أيها العبد الصالح والأمين . كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير . أدخل الى فرح سيدك ) " مت 21:25" . لنتأمل بهذا القول لكي نفهم المقصود والمطلوب منا . هذا المثل يتناول الأمانة المادية لكن القصد لا يقف عند هذا الحد ، بل يشمل كل تصرفات الأنسان ، أبتداءً من أمانة الجهاد ضد الخطيئة والألتزام بوصايا الله والكنيسة المقدسة فنكون أمناء في طبيقها وصولاً الى نقاء الضمير والنية من أجل الطهارة ، وهكذا يعضدنا الله للوصول الى نهاية الطريق ببساطة ، ولا أحد يستطيع الدخول الى فرح سيده بدون مفتاح الأمانة . أما حدود هذه الأمانة ، فيقول عنها الرب ( كن أميناً الى الموت فسأعطيك إكليل الحياة ) " رؤ 10:2 " فما يقصده الروح بعبارة ( الى الموت )المقصود هو ، الحد الذي يبذل فيه الأنسان ذاته فينكر نفسه ويضع مصلحة الآخرين فوق مصالحه لكي يكون أميناً . أنه الجهاد المقدس ، جهاد روحي مستمر من أجل الأمانة . تحدث عنه الرسول بولس قائلاً ( لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطيئة ) " عب 4:12 " المقصود بحتى الدم هو حتى الشهادة ، بهذا نقول ، بأن كل الشهداء كانوا أمناء في علاقتهم مع الخالق . والأمان مع الله هو أن لا نخونه حتى الموت . قلب الأنسان هو ملك لله وجسده هو سكنى لروحه القدوس ، فعلى الأنسان أن لا يفتح قلبه لأعداء الله أي للخطيئة , فيخطىء الى الله . فعندما نضع الله في حياتنا فوق كل شىء ، حينئذٍ نعرف حدودنا فنتصرف بغيرة أيمانية قوية كما تصرف يوسف الصديق أمام زوجة فوطيفار فقال ( كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطىء الى الله ) " تك 9:39 " هكذا وضع يوسف الله فوق مصلحة وأمانة سيده فوطيفار . لهذا لم يقل كيف أخطىء الى سيدي فوطيفار الذي أئتمن بي ووضعني في قصره مع أمرأته ، بل وضع الله أولاً أمام عينيه . لهذا فعندما خطىء النبي داود مع بتشابع ، أعترف الى لله قائلاً ( لك وحدك أخطأت والشر قدامك صنعت ) " مز 50 " علماً أنه أخطأ في حق أوريا الحثي ، لا وبل أرسله الى الموت أيضاً . الخطيئة لا تقتصر بنجاسة الجسد فقط ، بل في الكذب والتعدي والسرقة والرياء والنفاق والكبرياء وغيرها . لهذا عندما دعانا الرب الى الأمانة ، فالأمانة تتوسع معانيها لتصبح شاملة . قال الرب يسوع ( فمن هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه سيده على خدمهِ ليعطيهم العلوفة في حينها ؟ طوبى لذلك العبد الذي إذ جاء سيده يجده يفعل هكذا ! بالحق أقول لكم أنه يقيمه على جميع أمواله ) " لو 12: 42-44" . فالأمين في خدمة رسالة الرب يتمثل بالرسل الأطهار الذين شهدوا للرب بكل أمانة في سلوكياتهم وتبشيرهم فكانوا قدوة في التضحية والأمانة في نشر الكرازة التي أوصلوها الى العالم أجمع " مز 19 " والله القدير يعترف بالأنسان الأمين كما شهد وأعترف بموسى قائلاً( أما عبدي موسى فليس هكذا بل هو أمين في كل بيتي ) " عد 7:12 " وهكذا يشعر الأنسان الأمين على وزنات الرب كما شعر الرسول بولس فقال ( وأنا أشكر المسيح يسوع ربنا الذي قوّاني ، أنه حسبني أميناً ، إذ جعلني للخدمة ) " 1 تي 12:1 " . وهكذا كتب عن أمانة تلميذه تيموثاوس الذي قال عنه ( هوأبني الحبيب والأمين في الرب ) " 1 قو 17:4 " . كيف نشعر نحن بأننا أمناء مع الله ؟ نشعر عندما نكون أمناء مع البشر الذين نعيش معهم وإن كانوا أعدائنا ، وذلك بالكلام البناء أو بالقدوة في العمل الصالح . أو في روح المساعدة والتعاون ، هكذا نكون ملحاً للأرض " مت 13:5" وكذلك نكون أمناء في التصرف والمعاملة مع الآخر وأمناء في العمل الذي نكلف به . وأمناء في حفظ أسرار الناس . كما نجاهد لكي نكون أمناء مع ذواتنا من جهة التوبة والمصالحة ونبذ الخطيئة والعودة دائماً الى الله . فنصبح أمناء مع الله والبشر ومع ذواتنا وخاصة وقت التجربة والله الذي يحبنا يقوّينا ولا يدخلنا في التجربة التي لا نطيقها ( ولكن الله أمين الذي لا يدعهم يتجربون فوق ما يستطيعون ، بل سيجعل مع التجربة أيضاً المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا ) " 1 قو 13:10 " فعين الرب على الأمناء في الأرض كما يقول صاحب المزمور " 6:101" ( عيناي على أمناء الأرض لكي أجلسهم معي ....) . وهكذا يصل الأنسان الأمين الى الكمال الأزلي ويرى وجه الله |
|