|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العظة علي الجبل .. تأملوا طيور السماء..تأملوا زنابق الحقل " مت 26 , 28 " بقلم مثلث الرحمات طيب الذكر المتنيح : البابا شنودة الثالث ٤ يوليو ٢٠١٥ هكذا قال الرب في العظة علي الجبل:انظروا إلي طيور السماء:إنها لاتزرع ولاتحصد ولاتجمع إلي مخازن وأبوكم السماوي يقوتها,ألستم أنتم بالحري أفضل منها..تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو ولاتتعب ولاتغزل ولكن أقول لكم,ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منهامت6:29,26. التأمل: إن التأمل موجود من القدم ولعله من الآيات التي تثبته قول الكتاب عن إسحق أبي الآباء وخرج اسحق ليتأمل في الحقل عند إقبال المساءتك24:63كذلك من جهة التأمل في الطبيعة قال المرتل في المزموربصنائع يديك أتأملمز143:5 ومن أمثلة التأمل في المخلوقات قول الكتاب اذهب إلي النملة أيها الكسلان تأمل طرقها وكن حكيماأم6:6. والتأمل علي أنواع: هناك تأمل في الطبيعة وتأمل في الكتاب المقدس وتأمل في الصلوات وفي المزامير وتأمل في الأحداث وتأمل في الله وصفاته. وحينما قال الرب:تأملوا طيور السماء وتأملوا زنابق الحقل إنما هذا جزء من التأمل في الطبيعة بوجه عام. وما أكثر الدروس التي نأخذها من الطبيعة فما هي؟ دروس من الطبيعة: 1- التأمل في الطبيعة يقودنا إلي الإيمان بالله. إنها تعطينا فكرة عن قدرة الله,وعن إبداع عمل يديه: وفي ذلك يقول المزمورالسموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديهمز19:1الأرض أيضا بما فيها من جبال وبحار ومحيطات وما عليها من أشجار وأزهار وما فيها من مناظر وتنوع الخليقة تعطي أيضا فكرة عن قدرة الخالق. قديما كانوا يدرسون علم الفلك في كليات اللاهوت ,لأن التأمل في الشمس والقمر والكواكب والنجوم والمجرات وفي عظمتها وتحركاتها وصلتها ببعضها البعض,إنما يقنع المتأمل بأن وراء كل هذه الخليقة السمائية إلها خلق فأبدع: وأذكر بهذه المناسبة أنني قرأت كتابا في شبابي المبكر اسمهمع الله في السماءللأستاذ الدكتور أحمد زكي باشا يتأمل فيه مواكب النجوم في أسلوب جميل ومشوق يعطي فكرة عن عظمة الله في خلقه. والطبيعة قد تغني بها الشعر فقال أحمد شوقي أمير الشعراء: هذي الطبيعة قف بنا يا ساري حتي أريك بديع صنع الباري إننا نري كواكب الله في السماء فهي موضع لتأملاتنا؟ لاشك أنها كذلك في هوسات تسبحة نصف الليل. 2- التأمل في الطبيعة يعطينا أيضا درسا للنظام. من أمثلة النظام العجيب في الفلك الذي ينتج عنه تتابع الليل والنهار وتوالي الفصول بنظام دقيق لايختل علي مر آلاف السنين. كذلك نظام الحرارة والبرودة والضغط والرياح,وما ينتج عن كل ذلك وأوجه القمر التي تتابع أيضا في دقة كل شهر منذ نشأة العالم حتي الآن. نظام أيضا نراه في الجسد البشري في مراكز المخ المتعددة الخاصة بالحركة والسمع والنطق والذاكرة والنظر.مع النظام في دقات القلب,وفي عمل الأعصاب بل في كل عضو من أعضاء الجسد وفي وظائف تلك الأعضاء حتي أنهم كانوا يدرسون الطب في كليات اللاهوت كما يدرسون الفلك لأنه يثبت وجود الخالق وقدرته. 3- والتأمل في الطبيعة يعطينا درسا آخر في العمل الجماعي. الكل يعمل معا وفي تعاون عجيب أكلة مثلا تأكلها:تجد أعضاء الجسد كلها تتعاون معها:اليد والفم والأسنان والجهاز الهضمي كله,وافرازات خاصة لهضم كل المواد الدهنية والسكرية والكربوهيدراتية والبروتينات..إلي أن تتحول تلك الأكلة إلي أنسجة في جسدك وإلي دم من نفس فصيلة دمك,وفيما يعمل الجهاز الهضمي يعمل القلب في ضخ الدم ويعمل الكبد وتعمل الكلي,ويشرف المخ علي العمل كله.. إنه تعاون في العمل الجماعي. نفس الوضع نجده في عمل الأشجار:الجذع والفروع والأوراق مع عمل المطر الذي يروي وتربة الأرض التي تغذي وحرارة الشمس وندي الليل والرياح التي تنقل البذور. 4- الطبيعة أيضا تعطينا درسا في الطاعة. إنها تنفذ مشيئة غيرها لا ارادتها الخاصة سواء الطبيعة السمائية التي للملائكة أو طبيعة أرضنا الكل يسير وفق نظام إلهي موضوع له,ما عدا الإنسان الذي يستخدم عقله وحريته أحيانا في التمرد علي مشيئة الله,لذلك نقول للرب في صلواتنا لتكن مشيئتك:كما في السماء كذلك علي الأرضمت6:10 مثال لهذه الطاعة ما ورد في قصة يونان النبي أعد له حوتا عظيما ليبتلع يونان فابتلعهيون1:17وأمر الرب الحوت:فقذف يونان إلي البريون2:10وبنفس الوضع سلكت اليقطينة التي ظللت علي يونان لكي تخلصه من فمه والدودة التي نفذت الأمر فضربت اليقطينة فيبست والشمس التي ضربت علي رأس يونان فذبل يون4. الشخص الوحيد في تلك القصة الذي لم يكن مطيعا هو الإنسان يونان:عقله أتعبه وكذلك إراداته..! الطبيعة الجامدة تعطي مثالا في طاعة الله وكذلك الملائكة الذين قال عنهم المزمورباركوا الله يا ملائكته الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامهمز103:20ليت الإنسان يأخذ درسات حينما يتأمل الطبيعة في طاعتها. 5- الطبيعة تعطينا درسا اخر في الحركة والنشاط. خذها مثالا من الأرض في دورانها حول نفسها مرة كل يوم وحول الشمس مرة كل عام.منذ خلقها وهي تدور لاتتوقف ومازالت تدور حتي في هذه اللحظة التي أكتب لكم فيها وستظل تدور إلي نهاية العالم,في حركة لاتنقطع لاتتذمر ولايقل نشاطها تري لو فكرت الأرض أن تستريح قليلا من هذا الدوران ماذا كان سيحدث لليل والنهار وللفصول الأربعة؟طبيعة جسدنا أيضا هي درس في الأشياء التي لاتتوقف القلب في عمله وكذلك المخ والكبد والدم.لو توقف أحد من هذه الأعضاء لتعرض الإنسان للضياع ,نفس الوضع في الشجر والنبات دروس في الحركة. مثال عجيب آخر في الحركة والنشاط هي النملة في حياتي كلها لم أر نملة واحدة واقفة هي دائما تعمل وتتصل بغيرها وتوصل رسالات! 6- الطبيعة تعطينا أيضا درسا في العطاء. الشمس تعطينا حرارة ودفئا ونورا والنجوم والكواكب والقمر تعطينا ضوءا المطر يعطينا ريا,والأشجار تعطينا ظلا الورود والأزهار تعطينا رائحة وعطرا وتعطينا فرصة للتمتع بألوانها وجمال منظرها والنباتات تعطينا طعاما وكثير من الأشجار تعطينا فاكهة وثمرا الماء من أجلنا يجري في النهار ويجري في عروق الأشجار الجبال تعطينا معادن نافعة لنا,وتعطينا أحجارا لمبانينا وتعطينا حدودا وبعضها يصلح للزرع وللسكني والهواء يعطينا ما نستنشقه لنحيا بل حتي ظلام الليل يعطينا فرصة لنغفو ونستريح. كل الطبيعة لاتعمل لأجل نفسها,بل لغيرها لأجلنا نحن,الأرض لماذا تتعب لتنتج وتثمر؟أليس لأجلنا؟إنها درس لنا بلا شك. 7- والطبيعة تعطينا كذلك درسا في إنكار الذات. ولعلني في هذا أعطيكم مثالا بالجذر الذي يحمل الشجرة كلها وهو مختف لايظهر إنه يمتص العصارة من الأرض ويقدمها للشجرة فتنمو وتزهر وتثمر ويمتدح الناس زهرها وثمرها وظلها ولاتنال الجذور شيئا من هذا المديح بل تحيا في إنكار ذات دائم هي لاتظهر ولكن تعطي للجذع في أن يعلو شامخا وللفروع فرصة في أن تمتد وأن تهتز وتعطي فرصة للزهر والثمر أن يظهر أما هي فنكرة لذاتها. والجذور لاتحسد الفروع علي علوها ولاتحسد الزهر علي ظهوره ولا الثمر علي طعمه بل هي تبذل جهدها لأجل الكل وتمتد وتتعمق في الخفاء تحت الأرض لكي تعطي للشجرة علوا إلي فوق. نفس الوضع بالنسبة إلي الأساسات في الأبنية هي أيضا تحمل البناء كله ولكنها لاتظهر وقد تري ناطحة سحاب فتمتدح علوها الشاهق وجمال ما فيها من مساكن في أحسن رونق وفي منظر وطلاء خارجي أما الأساسات فلا يتحدث أحد عنها!إنها في أعماقها منكرة لذاتها تقول عن المبني العاليينبغي أن ذاك يزيد وأني أنا أنقضيو3:30. 8- الطبيعة أيضا تعطينا درسا في الجمال وفكرة عن محبة الله للجمال. ما أعجب جمال السمك الملون وجمال الفراشات كلها بألوان عجيبة ومجموعات نادرة يصعب علي فنان أن يرسم بعضا منها,وكلها تدل علي قدرة الخالق في تنسيق وتنويع وترتيب تلك الألوان جميعها وتلك الأشكال المتعددة نراها فنؤمن أن الله هو الفنان الأول. أراني البعض باقة من ورد وأزهار صناعية وعلي الرغم من محاولة تقليدها للورد والأزهار الطبيعية إلا أنني رأيت بين النوعين فارقا كبيرا فالورد الطبيعي له الرائحة والنضرة والحيوية,وحتي اللون أيضا شتان بين الطبيعي والصناعي حقا إن الطبيعة لها جمالها. ونحن نري ذلك فنأخذ درسا أن الجمال هو الوضع الطبيعي. نضيف إلي ذلك مديح الرب إذ قال عن زنابق الحقل ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منهامت6:29.ماذا نقول أيضا عن جمال الأصوات وتنوعها في طيور السماء؟!. |
|