رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ربما ونحن ندخل فى عمق الآلام مخلصنا نتذكر أشهر المجربين فى الكتاب المقدس وربما فى التاريخ وفى التراث حتى لغير المسيحيين. فأيوب كما يذكر لنا سفر أيوب فى العهد القديم إنسان غنى جداً وقلبه قريب من الله.. وفجأة يسمح له الله بأن يفقد كل ثروته وأولاده وصحته. شىء مرعب وصعب فكثير منّا ينهار أمام تجارب اقل من هذه المصائب التى أصابته ولكنه صبر واحتمل إلى أن رفع الله عنه التجربة بعد سنين طويلة لدرجة إن أى إنسان عنده فضيلة الصبر يقال ان عنده صبر أيوب... وهنا أتوقف قليلاً: هل معنى أن صبرى على الألم يعنى أن أعيش فى هدوء داخلى كأن شىء لم يكن؟!! الجواب ....لا. ولننظر لأيوب نفسه كإنسان متألم يقف ويعاتب الله بكلام صعب يصل لحد الخناق معه فيقول لله: "اشكو بمرارة نفسى...كف عنى" (ايوب7) .. أى يقول لله كفاية بقى مش قادر..ويقول أيضاً "ابعد يديك عنى...اتكلم فتجاوبنى...لماذا تحجب وجهك عنى وتحسبنى عدوا لك " (ايوب21:13-25)। وبعد كل ذلك نرى الله يقول لأصحاب أيوب فى نهاية السفر "لم تقولوا فىّ الصواب كعبدى ايوب" (ايوب7:42). إذاً الله يقبل شكوانا من الألم ويقبل عتابنا على ما يسمح لنا به. فهناك فرق بين العتاب وبين التذمر..لذلك مخطىء من يقول أن العتاب ضعف إيمان و مخطىء من يقول أن كلمة "يا رب لماذا؟" تعنى تذمر و "حرام نقول كده ربنا يزعل منك" ...... إلى آخر الكلام الذى يثقل ضمير المجرب.. ولكن الله عكس ما نفكر يفرح جداً بمثل هذا العتاب الذى يصل لحد الخناق، فالعتاب هو تعبير عن الألم عن التعب عن العذاب الذى امر به .. هو مشاعر داخلية ... فلمن أخرجها؟!.. الإنسان يخرج مشاعره لاقرب الناس إليه ولذلك الله يفرح بالعتاب مهما كان ظاهره فيه قسوة منا ولكن الله بعمقه يفرح لاننا اعتبرناه اقرب شخص لدينا لذلك (بنفضفض معاه) .. أصحاب وبنتكلم مع بعض ومش بنزعل مع بعض علشان هو فاهمنا ومقدر اللى إحنا فيه هذا هو العتاب ॥ أما التذمر على الله فهو الرفض العملى لله يعنى أقول لربنا: طالما إنت سمحتلى بكده يبقى إنت من طريق وأنا هاشوف لى طريق تانى وطرق ملتوية بعيدة عنك طالما دى آخرة اللى يمشى معاك .. وانفذ كده فعلا مش مجرد كلام برطمة وخلاص.. لكن العتاب إنى أقف أصلى وأتخانق معاه. يعنى باقوله انا بحبك ومكانش العشم انك تسمحلى بكده... لكن انا لسه معاك والدليل انى واقف أصلى. يبقى سؤال اخير: هل معنى خوفى من مرورى بأى ألم ومن التجارب يعنى ضعف ايمان؟ لا...فالسيد المسيح نفسه قد علمنا فى الصلاة الربانية أن نقول "ولاتدخلنا فى تجربة" بالاضافة أنه فى بستان جثيمانى قال للآب "يا ابتاه ان امكن فلتعبر عنى هذه الكاس.ولكن ليس كما اريد انا بل كما تريد انت" (مت39:26 )। فعدم حب الألم ليس فيه ضعف إيمان وطلب رفع التجربة ليس ضعف ولا تذمر لكن بشرط ان نترك الاختيار لله فى النهاية إما أن يرفع التجربة عنا أو يبقيها و يقوينا عليها الى ان تعبر. وكما سبق فالعتاب وهو حوار حاد بين اتين اصحاب بيحبوا بعض وفاهمين بعض ॥ الله فاهمنى وحاسس بىّ وعارف ان من كتر تعبى ومن كتر عشمى باعاتبه فمش بيزعل منى ومن جهتى لازم اكون فاهم ربنا ان حكمته اكبر من حكمتى وانه مش ممكن يسمحلى بتجربة الا لمصلحتى ومش ممكن يصر على بقاء التجربة وعدم رفعها الا لو كان متاكدا ان بقائها فى صالحى ولو انا مش شايف كده او مش فاهم كده اصرخ واقول له فى اربعاء ايوب: ارفع عنى التجربة....او هبنى قوة لاحتمالها.. اكشف لى عن فائدتها لى كى اصبر عليها....او هبنى ايمانا وثقة فى فائدتها لى دون ان ارى... "وطوبى للذين امنوا ولم يروا"(يوحنا29:20) لم أجد سوى أن أقول مع المرنم بعد هذا التأمل الذى وجدته فى صندوق بريدى هذا الصباح "الرب قريب لكل الذين يدعونه الذين يدعونه بالحق" (مز 145: 18) |
|