المولود اعمى
الأسبوع السادس من رحلة الصوم الكبير
لم يرد في العهدين القديم والجديد تفتيح عيني مولود أعمى سوى في إنجيل يوحنا 9 ، وقد ورد في العهد الجديد عن عطية النظر للعميان كأحد أعمال المسيا المنتظر: "ويسمع في ذلك اليوم الصم أقوال السفر، وتنظر من القتام والظلمة عيون العمي" (إش ٢٩: ١٨)، "حينئذ تنفتح عيون العمي وآذان الصم تتفتح" (إش ٣٥: ٥)، كما قيل عن عبد الرب (الكلمة المتجسد): "أنا الرب قد دعوتك بالبرّ، فأمسك بيدك وأحفظك، وأجعلك عهدًا للشعب ونورًا للأمم، لتفتح عيون العمي" (إش ٤٢: ٦-٧). ويسبح المرتل الرب قائلًا: "الرب يفتح أعين العمي" (مز ١٤٦: ٨).
وكأن الإنجيليين وهم يشيرون إلى تفتيح أعين العميان، خاصة هذا المولود أعمى يعلنون تحقيق النبوات خلال شخص يسوع بكونه المسيا المنتظر، الرب الذي يفتح الأعين الداخلية للقلب مع العيون الجسمية. فيه قد تحققت النبوات، حيث تمم أعمالًا لا يمكن أن يمارسها غير الله نفسه، أو باسم الرب.
شفاء المولود أعمى يعلن عن شخص السيد أنه جاء يفتح البصيرة الداخلية، لكي يتعرف المؤمنون على أسرار الله. وفي نفس الوقت يفضح عمى القيادات المرائية المتعجرفة التي لم تستطع أن تكتشف عماها الروحي وخطاياها!
مع أهمية هذه الآية الفريدة من جهة خلق عيني مولود أعمى إلاَّ أن الإنجيلي لم يذكر لنا اسم الأعمى، ولا أورد تفاصيل كثيرة عنها إنما قدم الحوارات المتبادلة بخصوص هذه الآية، خاصة أحاديث السيد المسيح مع التلاميذ ومع الأعمى نفسه كما مع الفريسيين. فإن ما يشغل ذهن الإنجيلي ليس إبراز ما في الآية من عملٍ معجزي فائق، وإنما في تمتع البشرية بعمل المسيح الإلهي في حياتهم وأفكارهم.
لقد استخدم التراب في خلقة العينين ليؤكد أنه الخالق المخلص، أما طلبته من الأعمى أن يغتسل في بركة سلوام ليؤكد الحاجة إلى مياه المعمودية لننعم باستنارة الروح القدس خلال الميلاد الجديد. لقد طرد اليهود المتمتع بالاستنارة ليجد له موضعًا لدى السيد المسيح، مسيح المطرودين والمرذولين.
إن كان البعض من الشعب قد أدرك عماه وأيضًا كثير من الأمم فإن هذين الفريقين أفضل من الفريسيين الذين مع عماهم ادعوا أنهم مبصرون. بادعائهم هذا صاروا في غباوة بلا رجاء، أما العشار والزانية فإذ اعترفا بعماهما انفتح أمامهما باب الرجاء ليتمتعا ببصيرة فائقة وينعما بالحياة الأبدية في المسيح يسوع.
خلال هذا العمل أمكن للبصيرة أن تتدرج في معرفة شخص ربنا يسوع
إنسان يُدعى يسوع
إنه نبي
إنسان من عند اللَّه
ابن الإنسان السماوي
مستحق للسجود والعبادة بكونه الرب