ذاك هو "القول الحق" الذي فيه يمتزون. قال الأستاذان مصطفي خالدي وعمر فروخ في الرد علي تفسيرنا "النصراني" الذي به فهم نصوص القرآن عن اسم المسيح "كلمة الله" : "وفي بعض الأحيان يختار المبشرون موضوعا إسلامية لها مقابل في النصرانية ثم يموهون الحقائق ويقفزون فوق الفروق. إن القرآن الكريم يسمي المسيح "كلمة الله". ومعني ذلك أن الله تعالي ألقي كلمته أي أمره (!) بأن يولد المسيح علي ذلك الوجه المعجز في التاريخ. ولكن المبشرين يأخذون "كلمة الله" ليفسروها التفسير النصراني. ووجه الخلاف أن كل شئ في هذا العالم، كما يري المسلمون، كان بأمر الله "إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون" (يس 82)، أما النصاري فيعتقدون أن التعبير "كلمة الله" تعبير خاص بالنصرانية يجب أن يفهم علي أن المقصود به عيسي ابن مريم وحده، وأنه دال علي الألوهية في المسيح. وللمبشرين أن يفهموا ذلك كما يريدون، ولكن ليس لهم أن يقولوا علي الإسلام ما لا يعلمون. إن كل موجود وكل حادث في العالم أمر يلقي من الله "إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون". وفي القرآن آيات كريمات تجعل عيسي كآدم مثلاً، وتجعل آدم يتلقي من ربه "كلمات" لا كلمة واحدة : "إن مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون" (آل عمران 59) "فتلقي آدم من ربه كلمات، فتاب عليه أنه هو التواب الرحيم" (بقرة 37).
لقد وضعنا أمام القارئ المنصف، مسلماً كان أم مسيحياً، عناصر القضية كلها ليري هل نحن في التفسير النصراني "لكلمة الله" الذي يسمي به القرآن عيسي ابن مريم، نموه الحقائق ونقفز فوق الفروق، ونقول علي الإسلام ما لا نعلم إرضاء لشهوة التبشير. بل هو قول الحق، حسب الدرس العلمي النزيه. فنصوص القرآن الكريم عن "كلمة الله" عيسي ابن مريم أقرب في مبناها ومعناها إلي انسجام حقيقي خفي بين الإنجيل والقرآن منها إلي تعارض ظاهر يتعلق به الذين لا يعلمون "وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟" قل : "إنما المسيح عيسي ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلي مريم وروح منه".