رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لا نستطيع أن نُجرد سلطان المغفرة ونعزله عن الكنيسة وكأنه سلطان مستقل مُعطى لفرادى، لأن هذا السُلطان اُعطى للكنيسة كجماعة مجتمعه في شركة مع الله بحضور المسيح الرب بشخصه وسط الكنيسة [ فأجاب يسوع وقال له: طوبى لك يا سمعان بن يونا أن لحماً ودماً لم يُعلن لك لكن أبي الذي في السماوات .... لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة بإسمي فهناك أكون في وسطهم ] (متى 16: 17؛ 18: 20)، وهذه الكنيسة المُعلن فيها مجد الله في المسيح يسوع هي التي تتخذ قرارها بالروح القدس قائدها بحسب أمر الله لها بهذا السلطان، الذي قَبِلَ توبة التائب حسب وعده ونعمته المجانية، بالحِل للخاطئ التائب ليستطيع أن يعود ليُمارس حياة الشركة في وسطها من خلال التقدم لسرّ الإفخارستيا، والله في السماء يؤيد ويُعطي الشرعية للقرار بسبب هذا الإجماع والاتفاق بين الجماعة المقدسة، وهذا ما نراه في السياق الذي أعطى فيه الرب للرسل سلطان الحِل والربط الذي لا يُعطى لفرد منفرد وحده بمعزل عن الجماعة المقدسة ككل أي الكنيسة، إذ يقول كما راينا سابقاً: [ أن اتفق اثنان منكم على الأرض في أي شيء يطلبانه فإنه يكون لهما من قِبَل أبي الذي في السموات، لأنه حيثما اجتمع أثنان أو ثلاثة باسمي فهُناك أكون في وسطهم ] (متى 18: 19و 20). فحكم الكنيسة بالحِل والغفران هو طاعة أمر الله الحاضر بروحه وسط الجماعة العظيمة المقدسة المجتمعة والمتحدة بالروح القدس، أي المتحدة بمشيئة الآب، وهذا ما نجده واضحاً في صلوات التحليل في الكنيسة عموماً، والصلاة على المعترف تكون دائماً باسم المسيح الرب لأنه مات من أجل خطايانا وهو الذي يحلنا ويفكنا منها بشخصه، لذلك لا يضع الكاهن يده على راس المعترف، بل يضع الصليب على رأسه قائلاً: [ ... وعبدك الذي أحنى رأسه تحت يدك، أرفعه في السيرة، زينه بالفضائل... الخ ] عموماً في الكتاب الثامن من كتب المراسيم الرسولية نجد صورة مبدعة لممارسة اعتراف التائبين بخطاياهم أمام الجماعة المقدسة أي الكنيسة في النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي، وصلاة الكنيسة كلها من أجلهم، ثم صلاة الأسقف العامة عنهم، والتي هي بمثابة صلاة التحليل لهم، وهي ترينا ممارسة هذا السر العظيم، سر التوبة وسلطان الحلّ في وحدة اجتماع الكنيسة معاً، فنقرأ في كتاب المراسيم الرسولية [ الكتاب الثامن: 9: 1 – 11 ] ما يلي: [ 1 – وبعد هذا يقول (الشماس): 2 – صلوا أيها الذين هم في التوبة، ولنطلب جميعاً بحرارة من الله الرحيم، من أجل إخوتنا الذين هم في التوبة، لكي يُظهر لهم طريق التوبة، ويقبل رجوعهم، واعترافهم، ويسحق الشيطان تحت أرجلهم سريعاً، ويُحررهم من فخ إبليس، ومكيدة الشياطين، وينزع منهم كل كلمة بطالة، وكل عمل في غير موضعه، وفكر ردئ, 3 – يصفح عن كل زلاتهم التي فعلوها، سواء بإرادة أو بغير إرادة. ويمحو الصك الذي عليهم، ويسجلهم في سفر الحياة. ويُطهرهم من كل دنس الجسد والروح، ويوحدهم مع قطيعه المقدس (الكنيسة) بعد رجوعهم. 4 – لأنه يعرف جُبلتنا، فمن يفتخر بنقاوة قلبه؟ أو من يتجاسر فيقول إنه طاهر من الخطية؟ لأننا جميعاً تحت التأديبات. 5 – فلنتوسل من أجلهم بأكثر حرارة، لأنه يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب. لكي يرجعوا من كل عمل بطال، ويلتصقوا بكل عمل صالح. لكي يتقبَّل الله محب البشر طلباتهم سريعاً وبرضى، ويردهم إلى رتبتهم الأولى، ويمنحهم فرح الخلاص. ويثبتهم بروح مدبَّر، فلا تزل خطواتهم بعد. بل يصيرون مستحقين أن يكونوا شركاء مقدساته الطاهرة، وشركاء الأسرار الإلهية ليظهروا مستحقين التبني، ونوال الحياة الأبدية. 6 – لنقل بحرارة من أجلهم: يا رب ارحم، خلصهم يا الله وأقمهم برحمتك. قفوا واحنوا رؤوسكم لله بمسيحه لتتباركوا. 7 – عندئذٍ يُصلي الأسقف بهذه الكلمات: 8 – يا الله الأبدي، ضابط الكل، رب الكل، خالق الكائنات ومدبرها، الذي أظهر الإنسان بالمسيح زينة العالم، وأعطيته ناموساً طبيعياً، وناموساً مكتوباً، ليحيا حسب الناموس كخليقة عاقلة. وعندما أخطأ أعطيته صلاحك عربوناً للتوبة. أطلع على أولئك الذين احنوا عنق نفوسهم وأجسادهم، لأنك لا تشاء موت الخاطئ بل توبته، لكي يرجع عن طريقه الرديء ويحيا. 9 – يا من قبلت توبة أهل نينوى، ويا من تُريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون. يا من قبلت بأحشاء أبوية الابن الذي دمَّرَ ثروته في حياة الخلاعة من أجل توبته. أنت الآن أيضاً، اقبل توبة طالبيك. لأنه ليس أحد بلا خطية أمامك. لأنك إن كنت للآثام راصداً يا رب، يا رب من يثبت. لأن من عندك المغفرة. 10 – رُدَّهم لكنيستك المقدسة، ولرتبتهم وكرامتهم الأولتين بالمسيح إلهنا ومُخلصنا. الذي به لك المجد والسجود في الروح القدس إلى الآباد آمين. 11 – يقول الشماس: أمضوا أيها التائبون. ] |
|