"أنا هو الطريق والحق والحياة"
في مساء ليلة الصلب بدأ يسوع يودع التلاميذ فأقام العشاء الأخير وأعلن عن رحيله (يوحنا 13 : 33 - 36، 14 : 2 - 3). وعند إعلانه عن رحيله قال "وتعلمون حيث أنا أذهب وتعلمون الطريق" (14 : 4) فقال له توما "ياسيد لسنا نعلم أين تذهب فكيف نقدر أن نعرف الطريق ؟" أراد توما أن يوضح الموقف لأنه لم يتمكن من فهم ما قاله المسيح. وقد أعطي هذا المسيح فرصة لكي يوضح لهم ما قاله ولذلك قال "أنا هو الطريق والحق والحياة" "لا أحد يأتي إلي الآب إلا بي" (14 : 6) وبالرغم من غموض هذه الأقوال إلا أنها تشتمل علي ثلاثة أمور هامة عن المسيح : هو الطريق - هو الحق - هو الحياة.
يقول أولاً "أنا هو الطريق" ومرة أخري نري نوعاً من التخصيص فالأمر مقصور عليه هو فقط ولا يمكننا أن نغفل ذلك. ولأن يسوع يشير إلي ذهابه إلي بيت الآب (عدد 2) "وليس أحد يأتي إلي الآب إلا بي" (عدد 6) يمكننا أن نري هنا أنه لا يتحدث عن طريق أخلاقي ولكن عن طريق الخلاص الذي يقود إلي الآب. فهو يقول بكل ثقة أنه ليس واحد من الطرق الكثيرة التي تقود إلي الله ولكنه "الطريق الوحيد". وهذا القول القوي والواضح يضرب في الصميم ما يؤمن به مجمعنا من تعدد طرق الوصول إلي الله. وهو بذلك يحطم بكل قوة أفكار الإنسان الغير حقيقية للإقتراب إلي الله ويؤكد انفراده بهذا الطريق. إن موته النيابي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بكونه هو الطريق. فبهذا الموت تصالح البشر الخطاه مع الله.
ثانياً : "أنا هو الحق". وهذا يوضح صدقه الكامل والاعتماد الكلي عليه. فكل ما قاله وكل ما فعله نؤمن به ونثق فيه لا لأنه يقول الحق بل لأنه "هو الحق" فهو كلمة الله المتجسد (1 : 1، 14). وقال "كارسون" "إن يسوع هو الحق لأنه بجسد رؤية الله ذاته" (1 : 18) وهو وحده الذي قال وفعل كل ما أعطاه الآب. "والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً ..." (يوحنا 1 : 14).
"أنا هو الحياة" ويعلق "موريس" بالقول : "إن هذه الكلمات تذكرنا بما قاله المسيح "أنا هو القيامة والحياة" ونلاحظ هنا أن يسوع مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحياه. إن له حياة من نوع خاص ووجوده الذاتي هو من وجود الله (5 : 16). إنه هو الحياه بل ومصدر الحياه للأخرين. (3 : 16). إن يسوع هو الطريق الوحيد إلي الله وقد قال كل الحق الذي لم يقله أي شخص آخر.