27 - 02 - 2015, 04:24 AM
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
+
كتبت المفكره الدكتوره وفاء سلطان :
***
( من لا يجيد قراءة التاريخ عليه أن يعيده )
لا أدري إن كان المسيحيون في سوريا قد فشلوا في قراءة التاريخ !
ربما لهذا السبب عليهم أن يعيشوه من جديد …
في الشهر الرابع من هذا العام تمر الذكرى المئوية للمجزرة التي إرتكبتها جحافل العثمانين المدججين بثقافة الغزو والسبي والغنائم بحق أكثر من مليون ونصف أرمني [ إضافة من سام بابيشا: و سبع مائة ألف آشوري ونصف مليون يوناني جميعهم مسيحيين ] .
اليوم تمتد أياديهم الغاشمة لتفتك بما تبقى من المسيحيين في سوريا !
لم يبق من سوريا سوى مسيحييها ، وبالقضاء عليهم ستُمحى سوريا من على سطح الأرض ...
هم سوريا وسوريا همٍ …
ليس في سوريا حيّ نظيف إلا ما يقطنه المسيحيون …
ليس في سوريا خلق حميد إلا ما أورثنا إياه المسيحيون …
ليس في سوريا مدارس لا تعلم الحقد والكره إلا مدارسهم …
ليس في سوريا معبد جميل إلا معابدهم …
ليس في سوريا درس محبة إلا ما يُتلى في بيوتهم وكنائسهم …
أجمل الأعياد التي احتفلنا بها وأكثرها بهجة كانت أعيادهم …
هم ملحنا ، وسكرنا ، وطحين خبزنا ، وأزهار حدائقنا ...
لولاهم لكانت الحياة في سوريا قبيحة للغاية وقاحلة للغاية …
دمّرت جحافل البدو تراثهم ولغتهم وتاريخهم ، وحاولت أن تستبدلها بثقافة الصحراء التي تتبنى مبدأ « لا تأخذكم بهم رأفة » ، لكنهم ظلوا أوفياءاً لتعاليم إلههم :
فأحبوا من عاداهم لأنهم لا يعادون …
وأحسنوا إلى مبغضيهم لأنهم لا يبغضون …
وباركوا لاعنيهم لأنهم لا يلعنون …
يصادقون ولا يغدرون …
يسامحون ولا يحقدون …
يعطون ولا يطالبون ...
من على منابر المساجد شُتموا ولُعنوا وكُفّروا وظل أولياءاً للوطن ولأخوتهم في الإنسانية …
ليس لي عليهم محمل ، بإستثناء أنهم أداروا الخد الآخر …
بالغوا في تسامحهم كما بالغ المسلمون في حقدهم …
ظنوا أن تسامحهم سيحمي ما تبقى منهم ، دون أن يدركوا أن الآخر لا يفهم إلا لغة العنف لأنهم رضعوها في حليب أمهاتهم !
لستُ من دُعاة الإنتقام ، لكنني لست في الوقت نفسه من دعاة « الخد الآخر » !
لذلك ، أراهم اليوم ملزمين بالدفاع عن « الخدين » ، فعدوهم جلف ولا يستحق إلا النار والحديد …
أخاف عليهم لأنني أخاف على سوريا …
أخاف على سريانيتهم وآشوريتهم وفينيقيتهم من الإندثار ، لأنني على ثقة باندثارهم ستندثر سوريا …
أخاف عليهم لأنني أخاف على المحبة من بعدهم …
أخاف عليهم لأنني أخاف على الله من بعدهم …
هم هويتي ، هم وطني ، وهم أهلي …
هم بإختصار تراثي وحاضري ومستقبلي …
سأبوح بسرّ لم أبح به من قبل …
أمي من عائلة هرمز …
وجذور العائلة تمتد إلى الآشوريين في تل هرمز الذي تحاصره جحافل محمد اليوم …
لم أكن أعرف ذلك ، حتى إعترف لي صديق آشوري بأن أحد أجداد عائلته فر يوما إلى الساحل واستوطن هناك ،
وصعقتني أوجه الشبه بينه وبين أخوالي …
لذلك ، أبكي اليوم على أهلي في الحسكة كما بكيت على أهلي في اللاذقية …
ولذلك ، أبكي اليوم على سوريا كلها من بابها إلى محرابها ، وأتضرع إلى الله :
آبانا الذي في السموات
ليتقدس إسمك
ليأتِ ملكوتك ...
لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض …
آبانا الذي في السموات …
نجي سوريا من الشرير
****
الدكتورة وفاء سلطان طبيبة نفس وكاتبة سورية
التعديل الأخير تم بواسطة morcos20 ; 27 - 02 - 2015 الساعة 04:30 AM
|