سُئل الأنبا هيلاريون:
"كيف يمكن لأخ مُجتهد أن لا ينزعج عندما يرى رهباناً آخرين يرجعون إلى العالم"؟
فقال الشيخ: "دعني أسرد عليك قصة، تصوَّر كلاب الصيد وهي تطارد الأرانب الوحشية، يرى أحد الكلاب أرنباً عن بعد وحالاً يطارده، في حين أن بقية الكلاب التي معه تراه منطلقاً نحو هدف ما فتجري هي الأخرى خلفه، بالرغم من أنها لم ترى الأرنب. وتظل تجري معه لكن فقط لمدَّة معينة، وذلك عندما تُنهكها المحاولة والجهاد، فتتوقف عن المطاردة وترجع للخلف.
في حين يستمر الكلب الذي يبصر الأرنب في المطاردة وحده، ولا يسمح لأي شيء بأن يعوقه في طريقه ومساره الطويل، ويصارع لكي يتقدَّم، ويخاطر بحياته بلا كلل دون أن يعطي لنفسه أي راحة. ولا يسمح لنفسه بالتوقف عن الجري بسبب الكلاب الأخرى التي تخلفت قبله، ولكنه يجري حتى يلحق بالهدف الذي يراه ويقبض على الأرنب، وهو لا يهتم بالحجارة التي تعترض طريقه ولا بالأغصان الشائكة التي يعبر عليها، ولا حتى يهتم بالجروح التي تصيبه من جراء ذلك.
هكذا أيضاً الأخ الذي يرغب أن يتبع حب المسيح، فيجب عليه أن يُثبِّت نظره نحو الصليب، حتى يلحق ويُمسك بذاك الذي صلب عليه، حتى ولو رأى جميع الآخرين قد بدأوا بالرجوع إلى الخلف".