رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الولادة الروحية - يوحنا ذهبي الفم ولادة أطفال روحيين القديس يوحنا ذهبي الفم إذ أن بولس الذي ولدهم جاز آلام شديدة، ليس مرة واحدة بل مرتين أختبر نفس الأوجاع فصاح قائلاً: "يا أولادي الذين أتمخض بهم أيضاً (من جديد) إلى أن يتصور المسيح فيكم" (غل 4: 19). بالرغم من أن أي امرأة لا يمكنها أبداً أن تتحمل هذا، ولا أن تجوز آلام المخاض مرة أخرى، إلا أن بولس امتثل لهذا الأمر، الأمر الذي لا يحدث مطلقاً في الطبيعة - فأي امرأة تأخذ في داخلها مرة أخرى أولئك الذين ولدتهم، ولمرة ثانية تنجو من أوجاع الولادة المُرة بنفس الأطفال. أراد بولس أن يحثهم، لهذا قال: "أنتم الذي أتمخض بكم من جديد"، وكأنه يقول: "تأسفوا وأشفقوا عليّ، لم يحدث قط أن طفلاً أجهَّد رحم أمه مرة ثانية، الأمر الذي تجبروني على تحمله". الآلام الجسدية تكون لفترة محددة ثم تتوقف، وذلك عندما ينزلق الطفل خارج الرحم. أما الولادة الروحية فعلى العكس تستغرق شهوراً كاملة. بولس حَبلَ مرات عديدة لمدة عام كامل ولم يلد أولئك الذين حبل بهم. في الولادة الجسدية، نجد أن الألم ألم الجسد، أما في الولادة الروحية نجد أن الآلام لا تعذب الرحم، بل تمزق قوة النفس ذاتها تمزيقاً. ولكي تتعلمون أن هذه الأتعاب أكثر حدَّة. أتسائل: من صلّى من قبل بدافع عطفه على خلاص أولاده الذين ولدهم بشأن استعداده أن يتحمل الجحيم من أجلهم؟ إلا أن بولس لم يكتفي فقط بطلب ذلك (تحمل الجحيم)، بل صلّى أن يكون محروماً من المسيح لكي يجعل من اليهود أولاده، ولم يتوقف إطلاقاً عن التألم من أجلهم. ولكن نظراً لأن هذه التمنيات لم تتحقق، توجع وقال: "إن لي حزناً ووجعاً في قلبي لا ينقطع" (رو 9)، وهنا أيضاً قال: "يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضاً إلى أن يتصور المسيح فيكم" (غل 4). أي بركة أعظم من الممكن أن يجلبها هذا الرحم أكثر من كونه يلد أولاداً يقتنون المسيح في داخلهم؟ أي رحم خصيب مثل هذا الرحم، الذي أعاد ولادة العالم أجمع؟ أي رحم أكثر قدرة من هذا الرحم الذي بإمكانه أن يأخذ المولودين من قبل، والكبار، مرة أخرى داخله - عندما يسقطون مثل السقط (بلا إكتمال النمو) - ويعيد تشكيلهم بالكامل من فوق؟ هذا مستحيل في الولادة الطبيعية. لماذا لم يقل بولس الرسول "يا أولادي الذين ألدهم من جديد"، بدلاً من قوله: "يا أولادي الذين أتمخض بكم من جديد"؟ حقاً لقد استخدم تعبير "يلد" في موضع آخر: "لأني قد ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل" (1 كو 15:4)، لأنه هناك أراد فقط أن يظهر العلاقة العائلية (البنوة)، أما هنا فقد رغب في تصوير التعب والمخاض. ولماذا يدعو أولئك الذين لم يولدوا بعد: أولاده؟ لإنه إن كان يتمخض بهم فهذا لأن الولادة لم تتم بعد، فما غرضه إذن من دعوتهم أولاده؟ لكي نتعلم أن آلامه الحاضرة ليست هي المرة الأولى التي يجوز فيها آلام الولادة، كان هذا الأمر كاف جداً لكي يستحثهم ويحركهم: إذ إنني قد صرت أباً لكم مرة من قبل، وبكل صبر امتثلت للأوجاع التي يجب عليَّ إحتمالها حتى ألدكم، لتصيروا أولادي للمرة الأولى والأخيرة. فكيف تجعلونني أجتاز آلام الولادة مرة ثانية؟! الآلام التي جزتها لكي أجعلكم أولادي كانت كافية المرة الأولى، لماذا تعذبوني مرة أخرى بالأوجاع؟ إذ أن تعثر المؤمنين تسبَّب له في آلام أكثر بكثير من أولئك الناس الذين لم يؤمنوا بعد. كان أمراً غير محتمل بالنسبة له أن يرى أولئك الذين أشتركوا في أسرار هكذا عظيمة قد إرتدوا إلى الإثم. لهذا السبب كان يصرخ وينوح - بشكل أكثر مرارة وإنفعال من أي امرأة – قائلاً: "يا أولادي الذين أتمخض بهم من جديد إلى أن يتصور المسيح فيكم". قال هذا مريداً أن يثبّت الشجاعة ويغرِّس المخافة في نفس الوقت. بإظهاره لهم أن المسيح لم يتصوّر فيهم بعد، ومن ثم يغرس فيهم الحزن والمخافة. ومن الجانب الآخر، يكشف لهم أنه من الممكن أن يصوّر المسيح ذاته فيهم، وبالتالي أعطاهم الشجاعة مرة أخرى. إذ أن بقوله: "إلى أن يتصور المسيح فيكم" كان يظهر كلا الأمرين، أن المسيح لم يتصور فيهم بعد، وأنه من الممكن أن يحقق ذلك فيهم، لأنه لو كان الأمرغير ممكناً لكان قوله هذا بلا غرض، منعشاً إياهم بآمال كاذبة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديس يوحنا ذهبي قاد فكر العذراء من الولادة الطبيعية إلى ما يتعداها |
يوحنا ذهبي الفم هذه هي الصداقة |
يوحنا ذهبى الفم |
يوحنا ذهبى الفم |
الشيطان - يوحنا ذهبي الفم |