رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
لا تكن لك الالهة اخرى امامى
**************** لعل واحد منا يقرأ هذه الوصية : " لا تكن لك اَلهة أخري أمامي " فيقول : و ما شأني بها ؟ هذه الوصية يمكن توجيهها إلي الوثنيين أو الملحدين أو إلي الوجوديين . و علي العموم هي تخص الذين إنحرف بهم العلم ، أو عصفت بهم الفلسفة أو الفكر . لكنني أنا أصوم يومين في الأسبوع ، و أعشر جميع أموالي . أنا إنسان أصلي بالأجبية ، و أحفظ مردات الشماس ، و أواظب علي الكنيسة . و هذه الوصية لا تخصني . كلا يا أخي . هذه الوصية تخصك أنت بالذات ، كما تخصني أنا . و لا تخص أحد غيرنا . كل واحد منا هو المقصود يقول الرب : " لا تكن لك اَلهة أخري أمامي " . و لكن لا تظن معني عبارة " اَلهة أخري " . أن الإنسان يصنع لنفسه تمثالاً ، أو يعبد الشمس أو البحر أو النار . كلا ، فما أكثر العبادات !! هناك من يعبد القوة ،و من يعبد السلطة ، و من يعبد المناصب ، و من يعبد المال ، و من يعبد الجمال ، و من يعبد الشهوات ... كل واحد له صنمه ، و له معبوده . و الغريب أن كلاً من هؤلاء يصيح : " بالحقيقة نؤمن بإله واحد " ... و لا ندري هل يخدع نفسه أم يخدع الناس . و لو ألقينا نظرة علي الناس قديماً ، لوجدناهم عبدوا اَلهة: إما بدافع الخوف و إما بدافع الشهوة أو طلب المنفعة . و هكذا كانت لهم اَلهة خير ، و اَلهة شر ، اَلهة خير يطلبون نفعها ، و اَلهة شر يخشون بأسها ... و لهذه تلك يقدمون فروض العبادة و الولاء ، و يتحمسون لها و يتعصبون ... 1-عبادة القوة ، و الخوف : إبتدأوا يعبدون الذي يخافونه . فعبدوا الأرواح ، لأنهم يخافون من الأرواح . و عبدوا الملوك أيضاً لخوفهم منهم . فرعون كان معبوداً ، و كانوا يسجدون له ... و بنو إسرائيل في عصر القضاة عبدوا كوشان ملك اَرام ، و عبدوا عجلون ملك مواَب ( قض 3 : 8 ، 14 ) . و عبد الناس النار ، و في مصر عبد الناس النيل أيضاً : إما طلباً لخيره لأنه يعطيهم الماء ، و إما خوفاً من فيضانه . لذلك كانوا أيضاً يترضونه بالقرابين . و عبادة الخوف كانت تقود الناس إلي التملق و الرياء لاسترضاء الآلهة . و من أمثلة هذا الملق : " أغنية المحفات " التي كانوا يغنونها في أذن فرعون عندما يحملونه علي محفة . و هم ينشدون قائلين إن المحفة و فرعون فوقها أخف من و زنها وحدها ، أي أنهم من فرحهم بحمله لا يشعرون بثقله ، بل يشعرون أن المحفة أخف من ذي قبل ... إن أنواع الملق التي تقدم في عبادة القوة تدل علي صغر النفس ، و تدخل تحت عنوان الشرك بالله ، لأنها تأليه للبشر ، بأسلوب لا يرضاه الله لنفسه ، فهو لا يحب أن يتملقه عابدوه . إن الذي يعبد القوة يخالف ضميره ، و يخالف قلبه ، و يخالف وصايا الله ، و يتكلم كلاماً يعرف في أعماقه أنه خطأ . و أنه نوع من الزلفي و الرياء ، و محاولة للتقرب و الإسترضاء . مثل هذا يعبد الناس و ليس الله ، و تطارده هذه الوصية : " لا تكن لك اَلهة اخرى أمامى " ... 2- عبادة الحب ، و المنفعة : كثيراً ما يتحول الحب إلي عبادة ، و كثيراً ما تتحول الشهوة إلي عبادة . و كما يقول المثل : " دول بيحبوا بعض حب عبادة " . ألا يحدث أحياناً أن شاباً يغير دينه أو مذهبه من أجل فتاة يحبها !! هل يستطيع بعد ذلك أن يقول أنه يؤمن بإله واحد ؟ يكون كاذباً لو قال هذا . و من عبادة الحب تتفرع فروع كثيرة : هناك عبادة المال ، و عبادة الجمال ، و عبادة الأصدقاء ، و عبادة الإحسان ، و عبادة العالم و الشهوات ، و عبادة الذات ... و وسط كل ذلك يصرخ الله و يقول " أنا الرب و ليس اَخر ، لا إله سواي ... أليس أنا الرب و لا إله غيري ... ليس سواي " ( أش 45 : 5 ، 21 ) . فنرد عليه و نقول : " لا يا رب ، فيه غيرك كتير ..." !! 3- عبادة المال : المال هو أيضاً صنم يعبده الناس ، و يقف منافساً لله . لذلك قال الرب في العظة علي الجبل : " لا يقدر أحد أن يخدم سيدين ، لأنه إما أن يبغض الواحد و يحب الآخر ، أو يلازم الواحد و يحتقر الآخر . لا تقدرون أن تخدموا الله و المال " ( مت 6 : 24 ) ز إن قال أحد إذن إنه يؤمن بإله واحد ، و هو في نفس الوقت يحب المال . فهو خادع لنفسه . و لا يقصد بمحبة المال من يجمعه لينفقه علي رغباته و شهواته ، لأن المال عنده وسيلة لا غاية . أما إلهة فهو الشهوة التي ينفق عليها ماله ...إنما يعبد المال حقاً الذي يجمع المال و يكنزه دون هدف . فهو يفرح جداً بالمال ، و يبتهج قلبه عندما يضع قرشاً علي قرش ، و جنيهاً علي جنيه ، و ألفاً علي ألف ، و يظل يكنز ... و ينظر إلي المال في لذة ، دون أن يعمل به شيئاً !! و دون أن ينفق منه شيئاً . بل إنه يخرج القرش من جيبه ، و كأنه يقطع من لحمه بسكين !! كل همه ، و كل سعادته أن يجمع ، و يفرح بما يجمعه ، دون هدف ... و إن ذكر هدفاً ، يكون ذلك مجرد تغطية ... فإن سألت : " و لماذا يجمع المال إذن ؟" ، يبقي سؤالك حائراً ، لا جواب له . إنه مرض ، أو هو إنحراف ، حب بينه و بين المال ، صديق له لا يستطيع أن يفارقه ، أو بالحري أن المال تحول عند مثل هذا الشخص إلي صنم يعبده ... من أجل هذا قال السيد الرب : " لا تكنزوا لكم كنوزاً علي الأرض " ( مت 6 : 19 ) . فلا تدع يا أخي محبة المال تدخل إلي قلبك و تتمكن منك . كلما يزداد المال عندك ، إبحث عن مشروع أو عمل صالح تنفقه فيه . و ما أجمل قول الآباء في بستان الرهبان ينصح راهباً : [ إن كان لك مال فبدده ( أي إنفقه ) و إن لم يكن لك فلا تجمع ] . حكي لي شخص كبير في السن ، عن إنسان مات ، و كان في حياته يجمع مالاً كثيراً ،ويكنز ، دون أن يعرف أحد أين يخبئ ماله . ثم مرض و لازم الفراش ، و في مرضه لاحظوا عليه أنه كان يمسك في حرص بالوسادة التي يضع عليه رأسه ، و في ساعة موته كان ممسكاً بالوسادة يحتضنها في عنف ، كأنما يخشي أن يأخذها أحد منه . فتعجبوا . و بعد موته ، فحصوا الوسادة و فتحوها ، فوجدوا داخلها رزمة من الأوراق المالية . هي إله ذلك المسكين ، الإله الذي ظل يعبده حتي الموت ، حتي في ساعة إحتضاره لم تتركه محبة المال . فمات و إلهه في حضنه ...!! لم يخبئه بعيداً عنه ، لئلا يسرقه أحد أثناء ملازمته للفراش ، و إنما وضعه في الوسادة ، تحت رأسه باستمرار ، و في متناول يده ...! 4 - عبادة الاحسان : ما أكثر الذين يعبدون من يحسن إليهم ، كما قال الشاعر : أحسن إلي الناس تستعبد قلوبهم فطالما إستعبد الإنسان إحسان أو علي رأي المثل : " إطعم الفم تخزي العين " . فإن أشفق عليك أحد ، أو ساعدك ، أو قدم لك معونة أياً كانت ، حينئذ تعبده . و إن تكلم عليه احد ، تدافع عنه ، مهما كان الذي قيل فيه حقاً و صدقاً . و إن غلط تبررها له ، و تبتلعها ، دون فحص . و إن قال لك في يوم : " أنا غلطان في الموضوع الفلاني " ، تقول له : " العفو . لا غلطان و لا حاجة . غلطان إزاي ؟ إللي زيك ما يغلطش أبداً " . و هكذا تقع في التملق و الرياء . إن مثل ذلك الشخص يخلط بين الوفاء و الرياء . العرفان بالجميل شئ ، و عبادة الناس شئ اَخر . و لا يصح أن فضيلة تضيع فضيلة أخري . كن وفياً حسبما تقدر نحو من أحسن إليك ، و لكن لا تتحول إلي الزلفي و الرياء و التملق ، و تفقد كرم أخلاقك مقدماً إياه محرقة لإرضاء من أحسن إليك ، حتي عندما يسئ إلي الله و الناس ...! يشبه هذا النوع من العبادة ، نوع اَخر ، هو : 5- عبادة المجاملة : إنسان له صديق ، يدافع عنه بالحق و بالباطل ، يخطئ ذلك الصديق خطأ مرعباً - و قد يكون خطأ عاماً ضد الكنيسة أو المجتمع أو الدولة - و تقول أنت : " لا يصح أن يحدث هذا " فيرد عليك ذلك المجامل الذي يعبد صديقه " و ماله . فيها أيه ؟! ما حصلش حاجة غلط " ! تناقشه بالمنطق تجده لا يعترف بالمنطق مطلقاً في حديثه ، و إنما كل همه أن يدافع ، و أن يبرر الموقف مهما كان الخطأ واضحاً و شنيعاً ! المهم أن يخرج صاحبه برئياً ، و لتنقلب الأوضاع و المبادئ في سبيل ذلك كيفما شاء لها أن تنقلب ... و عين الرضا عن كل عيب كليلة و لكن عين السخط تبدي المساويا " عين الرضا كليلة " يعني تعبانة ، عمياء ، ضعيفة ، لا تري الخطأ ما دام الرضا يغطيه ... و علي رأي المثل : " حبيبك يبلع لك الزلط " . و في ايامنا هذه توجد معدات كثيرة اعتادت بلع الزلط ...! لا مانع أن نلتمس للناس بعض الأعذار أحياناً . و لكن الذي لا يمكن قبوله ، أن الإنسان في سبيل دفاعه عن غيره موازين الحق قلباً . و يصور الباطل علي أنه حق. و الحق علي أنه باطل ... من أجل سياسة في ذهنه ، لتأييد شخص ما ، بطريقة تبدو فيها عبادة الناس . و تبدو اَلهة أخري . كونتها لتأييد شخص ما ، بطريقة تبدو فيها عبادة الناس . و تبدو اَلهة أخري . كونتها الصداقة الخاطئة و المجاملة علي حساب الحق . بينما يقول الكتاب : " مبرئ المذنب ، و مذنب البرئ ، كلاهما مكرهة الرب " ( أم 17 : 15 ) . لا يصح أن تحب إنساناً أكثر من الله و لا يصح أن تجامل إنساناً علي حساب الحق ، و الحق هو الله لأن ربنا يسوع المسيح يقول : " أنا هو الطريق و الحق و لحياة " ( يو 14 : 6 ) . إن جاملت إنساناً علي حساب الله ، فأنت تعبد هذا الإنسان و ليس الله ! و إن أطلعت إنساناً أكثر من الله . فأنت تعبد هذا الإنسان و ليس الله . و نحن نريد أن نعبد الله بضمير مستريح . لا نعبد البشر ، و نحن لا نستطيع أن نرضي الناس ، إذا تعارض إرضاؤهم مع وصايا الله . و في ذلك يقول بولس الرسول : " أفا ستعطف الآن الناس أن الله ، أم أطلب أن أرضي الناس ؟ فلو كنت بعد أرضي الناس ، فلست عبداً للمسيح " ( غل 1 : 10 ) . إنسان يخطي في تصرفه ، و يسألك رأيك في هذا التصرف : إن قلت له : " أنت غلطان" ، يستاء منك و قد يغضب . فهل تقول له إذن : " لا ، دا أنت عال ، و أنا معجب بك جداً في هذا الموضوع " ! إن هذا التملق الذي تقتل به ضميرك ، إنما تقتل به هذا الإنسان أيضاً ، و تكون كمن يعبد الناس و ليس الله ... و المفروض في الإنسان أن يسلك بضمير صالح سليم : لا يتملق أحداً و لا يرائي أحداً ، و لا يكسب محبة أحد . علي حساب محبة الله ، و لا يجامل أحداً علي حساب الحق مخالفاً ضميره ...يا أخي أين تهرب من هذه الوصية : " لا تكن لك اَلهة أخري أمامي " ؟ اعبد الله ، و الله وحده . لا تطلب ربحاً مكن احد ، فملعون من يتكل علي ذراع بشر . و لا تخف أحداً كقول المزمور : " الرب عوني فلا أخشي . ماذا يصنع بي الإنسان " ( مز 117 : 6 ) . إن هذا الشخص الذي تتملقه ، و تعبده مفضلاً إياه علي الله : إما أنك تعبده لأنه إله خوف ، و إما لأنه إله خيرات . أما إنك خائف منه ، و يسبب هذا الخوف تضيع حقوق الله . و إما أنك تريد أن تنال منه شيئاً أو تكتسب منه شيئاً ، و في سبيل هذا المكسب تضيع حقوق الله . و أنت في كلا الحالين تعبد إنساناً و لست تعبد الله . و لعل هناك نوعاً يشبه هذه العبادة في النتيجة ، و إ، كان يختلف في النوع ، و ياخذ مظهر بر ، و هو : 6-عبادة المرشدين و الآباء : لقد قال لنا الكتاب " اطيعوا مرشديكم و اخضعوا ، لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم " ( ع 13 : 17 ) . و لكنه لم يقل " أعبدوا مرشديكم " ... لأنه ههنا يواجهنا سؤال له خطورته في الحياة الروحية ، و هو : ماذا إذا إنحراف المرشد ؟ هل يلزم الخضوع لها ؟ لأنه قد ينحرف المرشد أو الآب الروحي ، إما في عقيدته ، كما إنحرف اَريوس و كان قساً ، و كما إنحراف كثير من الأساقفة الأريوسيين و النساطرة ، و كما إنحرف اوطاخي و كان رئيساً لدير ... و لا بد أن هؤلاء جميعاً كان لهم أبناء في الروح قبل إنحرافهم . فهل كانت تلزم لهم طاعة وهم فيتلك الحلة من الإنحراف العقيدي ؟! كلا بلا شك ... هنا تقف أمامنا اَية هامة تحسم الموقف و هي : " ينبغي أن يطاع الله اكثر من الناس " ( أع 5 : 29 ) . الواجب إذن أن يطيع الإنسان مرشده و أباه الروحي ، و لكن لا يطيعه أكثر من الله ! لأن كل طاعة روحية هي طاعة داخل طاعة الله و ليس خارجها . و لا يجوز استبدال الطاعة الواجبة نحو الله بطاعة لإنسان ، مهما كان هذا الإنسان . و لكي يوضح الكتاب أن الطاعة اللازمة للأبوة هي طاعة داخل طاعة الله ، سجل إحتياطاً واضحاً جداً في قوله : " أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب " ( أف 6 : 1 ) (1) الواجب علي الآ[ الروحي و الآب الجسدي ، كليهما ، أن يقود أبنائهما إلي الله . فإذا خرجا عن هذا النطاق ، لا تكون لهما طاعة . و لا ينطبق هنا جميع الوصايا الخاصة بالطاعة و جميع القصص المتعلقة بها . إن كان الأب الروحي يربطك بنفسه و ليس بالله ، لا يكون أباً حقيقياً ، و لا تلزم له طاعة . و إن كانت طاعة الأ الروحي تخرجك عن طاعة الله ، فأنت غير ملتزم بها ، بل هنا يعد الإلترام بهذه الطاعة خطية ... لذلك كن مطيعاً لأبيك ، و لك " في الرب " . و في كل إرشاد تأخذه ضع أمامك الوصية الإلهية ، و تذكر قول الرسول يوحنا الحبيب : |
|