رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أهربوا من الزنا _ غريغوريوس النيسي أهربوا من الزنا القديس غريغوريوس النيسي إذ يرى الرسول بولس أنّ الزنا هو مصدر لعدد كبير من الخطايا، أعطانا الأمر المشدّد بالهروب المنتصر: "أهربوا من الزنا" (1 كو 18:6) هذا الأمر يُذكرني الآن بذلك الشاب يوسف، الذ ي رفض بوقار وعفة بذاءة المرأة المصرية، وأظهر شجاعة بواسطة الهروب منها. على الرغم من أنه كانت هناك أمور كثيرة تعمل على إغوائه، مثل محبة الشهوة المرتبطة بالسن، نير العبودية، المغازلة العشقية من سيدته، الإغواء بالعلاقة الفاسقة، والتحريض على السلوك المحرم. لأن الكتاب يقول: "إنّ يوسف يوم ما دخل البيت ليعمل عمله ولم يكن إنساناً من أهل البيت هناك في البيت. فأمسكته بثوبه قائلة: اضطجع معي. فترك ثوبه في يدها وهرب إلى خارج" (تك 39). عظيمة هي قيمة العفّة، إذ أن سيدة البيت جعلت نفسها عبدة لعبدها. بينما كان يوسف يتوسل إليها، كانت السيدة تستعطفه قائلة: "اضطجع معي" لقد كان سهم الزنا ملتهباً ولكنه لم يجد داخل النفس مادّة يمكن أن تشتعل، بل انطفأ داخل ثوبه الذي أمسكت به الشهوة الرديئة وصرخت: "اضطجع معي". كانت السيدة تتأوّه من جوع الشهوة الجنسية، ولكن أذني الشاب العفيف أُغلقت أمامها. الصوت صرخ قائلاً: "اضطجع معي"، لكن عفّة الشاب أجابت بحسم قائلة: "اسهروا معي" (مت 26: 38) - عبارة تُظهر السهر واليقظة من خلال الفعل. مثل هذه اليقظة لم ترتخ بالمغازلة، وذهنه لم ينثنِ أمام التوسلات. السهر على ضبط النفس لم يغلبه النعاس، ولم يضعف من جراء الإلتماسات الملحة. لم يصر أسيراً لجمال الشكل وزينته، ولم يتأثر بمداعبة كلمات العشق. إلا أنه بالرغم من ذلك، كان صوت السيدة يتملقه بشكل لاذع قائلاً: "اضطجع معي". لقد وقف الشيطان مُستعداً ليقوده للزنا، وأرتدى ملابس زانية وتطابق معها بإحكام، ولكنه لم يعلم أنه يحارب مُصارع مُتدرب على العفّة - تلك التي تخلع عنه ثوبه. لأن الكتاب يقول: "فترك ثوبه في يدها وهرب وخرج إلى خارج". كم هو أقدس بالنسبة له أن يكون من دون هذا الثوب! وماذا فعل حنق المرأة المصرية الفاسقة؟ لقد صبَّت جام غضبها على يوسف، فركضت نحو زوجها وقالت له: "قد جئت إلينا برجل عبراني ليداعبنا. دخل إليَّ ليضطجع معي فصرخت بصوت عظيم. وكان لما سمع أن رفعت صوتي وصرخت أنه ترك ثوبه بجانبي وهرب وخرج إلى خارج". مرة أخرى يُتهم يوسف ظلماً بواسطة ثوب. لقد أخذ أخوته قديماً قميصه وأتهموه ظلماً كما لو إنّ وحشاً قد ألتهمه (تك 37). والآن ثوباً يدينه بالزنا. إن صوت الرب يتفق مع يوسف هنا: "اقتسموا ثيابي بينهم وعلى لُباسي ألقوا قرعة" (يو 19). إنّ كلام العفّة يُعدُّ كلاماً حُلواً بالنسبة للمجاهدين في طريق العفّة، إلا أنها تعتبر شاقة بسبب ضعف الجسد. كم كانت عادلة نعمة الله ليوسف! الله لم ينظر بعين الاعتبار لتجاربه الأولى، لكنه أظهر مستقبله عن طريق الأحلام - وسيلة كان يُعلّم بها منذ وقت بعيد أنه أعدّ للأبرار أمجادهم. لقد سمح الله بأن يجتاز الشاب التجارب، وسدّ أفواه الجبناء. لأنه إن لم يكن يوسف قد إجتاز التجارب، لكان الجبناء سيقولون إنّ كل ما حدث كان نتيجة لمصادفة أو فعل أعمى. يوسف يتسلط على المصريين! شاب صغير يحكم البربر! كيف يظهر ذلك الإستقامة؟ ما هو الانجاز الذي أتاح له هذا المنصب أو هذه المكانة؟ إذاً، فلكي لا يُقال ذلك عن البار، سمح له الله بأن يُجرّب حتى تشهد له هذه التجارب، ولكي تُسدّ أيضاً أفواه الجبناء. لنصدّ إذاً الرماح التي تأتي إلينا من الصور غير العفيفة، لنغلق أعيننا أمام إثارات الفجور، لنسخر من الشهوات العبثية، لتحرس العفّة أجسادنا، لتسكن في أعضائنا النقاوة، لنسحق أي فكر مُغرم بالشرور، لننير أعمالنا بأشعة النور، لنجعل حياتنا مُشرقة، لنحفظ أجسادنا هيكلاً نقياً لسُكنَى الروح القدس. ولننقش في داخلنا - كتحذير للغير عفيف - العبارة المخيفة التي تصرخ قائلة: "إن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله" (1 كو 3: 17) |
|