رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رسالة الغربة التى أسسها الرب بميلاده على الأرض
اشتقت أن أكتب إليك فى هذا العيد كمتغرب على الأرض قذ ذاق طعم الغربة، فصار أقرب من الكثيرين إلى معناها السرى الذى يحيا به الروحيون كغرباء ونزلاء يطلبون وطناً أفضل سماوياً، خاصة وأن عيد الميلاد هو عيد الغربة والمتغربين!! فالرب يسوع عانى أول ما عانى على الأرض من الغربة، إن صح أن نعتبر الغربة معاناه! وهى بلا شك كذلك على وجه من الوجوه، فهو "جاء إلى خاصته، وخاصته لم تقبله"(يوحنا11:1). فالرب يسوع ولد غريباً، حتى عن أمه وخطيب أمه، لأنهما كانا منذهلين من كل ما قيل فيه. كان ميلاده عجيباً، وكل ما أحاط بميلاده كان عجيباً. ولما ولد كان والداه على سفر، فولد فى أرض غربة، وإن كانت هى أرض أجداده، إلا أنهما لم يكن لهما موضع فى المنزل، فأضجعته أمه فى مزود البقر، فنزل ضيفاً غريباً أيضاً على عالم الحيوان. ولا شك أن هذه الأمور لم تحدث صدفةً أو عبثاً، ولكن لابد أن وراءها أسراراً وحكمة وتعليماً إلهياً يجب أن ننتبه إليه. فالخالق المبدع للكون ولد غريباً على الأرض! لماذا؟ لأن الغربة هى سلوك عابر السبيل، والغريب يستعد دائماً للرحيل، وقلبه متعلق أبداً بوطنه الأصيل، ووجهه مثبت دائماً للرحيل، وقلبه متعلق أبداً بوطنه الأصيل، ووجهه مثبت فى كل وقت نحو هدفه الجليل، لا يمكن أن يثنيه عنه عدو أو صديق، خصوصاً إذا كان على علم يقين بوطنه وبالأمجاد التى تنتظره هناك. لولا غربة الرب يسوع على الأرض لضاعت رسالته الخلاصية من أجلنا نحن البشر، إن جاز لنا أن نفترض هذا الفرض، فغربته هى التى جعلته يرفض أن يقيم ملكاً أرضياً مع أنه كان فى استطاعته ذلك بكل تأكيد. وغربته هى التى جعلته لا يطلب مجداً من الناس، ولا يبحث عن موضع يسند فيه رأسه، ولا يتوقع أن يفهمه أو يقبله الجميع، "فليس الجميع يقبلون هذا الكلام، بل الذين أعطى لهم"(مت11:19) ما أعظم رسالة الغربة التى أسسها الرب بميلاده على الأرض، ليتنا نسمو بها جيداً لكى نكرز بالغربة فى حياتنا وفى مماتنا، فى قيامنا وفى رحيلنا، لأن علامات الغربة عن هذا العالم إذا ظهرت علينا هى أعظم دليل فينا وأقوى كرازة بواسطتنا على أننا لسنا من هذا العالم وأننا بنو الملكوت. والآن كشريك لك فى الغربة على هذه الأرض، أدعوك لنفرح معاً بإلهنا الذى تغرب من أجلنا لكى يدعونا إلى أرض الميعاد، وهو الذى سيقودنا كل الطريق إليها، ويجوز بنا بخر الخطايا وبرية العالم ويهزم عنا قوة الأعداء معاندينا، ويورثنا أبواب مضايقينا، ويملكنا أرضاً لم نتعب فى زرعها، لنأكل من ثمر كروم لم نغرسها، ونسكن بيوتاً لم نشيدها، ونعيش فى مدينة أسوارها حق وأبوابها بر، وشمسها المسيح وأفراحها لا تنتهى. فمبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح أبو الرأفات وإله كل تعزية، له المجد فى الكنيسة إلى الأبد. أبونا متى المسكين |
|