رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التواضع الحقيقي والتواضع المُزيف _ البابا كيرلس السادس لو تأملنا يا أحبائي في قول السيد المسيح له المجد لتلاميذه: "من أراد أن يكون أولاً فيكون آخر الكل وخادما للكل"، لأدركنا في الحال أنه يطلب منا أن نتواضع. لأن ليس محبوب عنده مثل الإنسان المتضع. لأن التواضع أفضل من كل شيء. ألم يقل السيد له المجد: "تعلموا مني فإني وديع ومتواضع .. فتجدوا راحة لنفوسكم". ولم يقل تعلموا مني الصوم والصلاة والرحمة، وأمثال هذه، لأن كل هذه الفضائل بدون التواضع لا تحسب شيئاً. قال داود النبي: القلب المتخشع المتواضع لا يرذله الله. وقال: اتضعت فخلصني. وأبضاً: أنظر إلى تواضعي وخلصني. فإذا كانت الكبرياء أشر الرذائل فيكون التواضع أعظم الفضائل. الأسرار تنكشف للمتضعين. فإذا كانت الكبرياء أسقطت طغمة من الملائكة مع رئيسهم من السماء، فالتواضع وحده قادر أن يرفع بني البشر إلى السماء. وأمامنا صورة واضحة تبين لنا التواضع الحقيقي وهو بولس الرسول الذي نال من المواهب ما يعجز اللسان عن وصفه، الذي يذكر عنه الكتاب أنه لم يحسب نفسه مستحقاً أن يكون تلميذاً. ويعتبر نفسه كالسقط الذي لا يرى الحياة. يقول عن نفسه أنه أصغر جميع الرسل. "وأنا ما أنا ولكن نعمته التي تعمل فيَّ"، وقول الرب له:"إن نعمتي في الضعف تكمل". هذا هو التواضع الحقيقي. وأيضاً داود الذي كان ملكاً عظيماً محبوباً من الله، اختاره الرب، وقال: وجدت داود عبدي حسب قلبي. كان يقول عن نفسه إنه "كلب ميت"، و"برغوث"، هذا الذي لما شُتِم، وقُذِف بالحجارة وذري بالتراب، وأراد أحد رجاله أن يفتك بذلك الشخص منعه داود وقال: "دعوه يشتم لعل الله ينظر إلى تواضعي ويرحمني". هذه صورة حقيقية للتواضع. أما التواضع المُزيف فإن صاحبه يتظاهر به، ولكن إذا حصل له أي إهانة أو احتقره أحد فإنه يغضب ويصير كأسد زائر. هذا التواضع المُزيف الذي كان يتظاهر ينقلب في الحال، ويغضب، ويتفوه بكلام لا يليق مثال أبشالوم بن داود الذي أراد أن يأخذ الملك من أبيه. كان يتظاهر بالتواضع، وعندما كان أحد يأتي للسلام عليه، كان يقوم ويقبله كأنه يقول للشعب: لو كنت مكان أبي لعملت لكم كل الخير. وأنصفت المظلوم، وغير هذه الكلمات. فكانت آخرته شر، حمانا الله. |
|