منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 06 - 11 - 2014, 09:05 PM
الصورة الرمزية tito227
 
tito227 Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  tito227 غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 17
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 2,845

نهر الطاعة



القس بولس بشاى كاهن بكاتدرائية رئيس الملائكة ميخائيل بأسيوط
٦ نوفمبر ٢٠١٤
نهر الطاعة





حينما ترى شجرة مثمرة وارفة الأغصان ابحث عن عمق جذورها و قوة التربة التي نمت فيها والأنهار العذبة التي روتها بمياهها.
و حينما يبرق أمامك شخص مشرق بمواقف البطولة و الصمود أمام الصعاب و العزم الثابت على الصلاح و الإصلاح أبحث في أعماق قلبه عن الإيمان وعمقه ونقاوة السريرة و صفائها. هكذا كان إيليا, نتأمله اليوم و هو بجوار نهر كريث يرتوى لا من مياهه الضحلة بل من سواقي الله الملآنة التي لا يجف نبعها “فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تعطي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل وكل ما يصنعه ينجح فيه” (مز3:1), لقد أرسل الله إيليا حينما امتنع المطر للعيش بجوار نهر كريث وبكامل الطاعة والإيمان والتحقق من صوت الله جلس كطفل على حافة النهر ينتظر؛ بل ينظر مواعيد الله الصادقة تتحقق كل صباح و مساء في فم غراب يحمل خبزاً و لحماً.
يذكرني هذا بقصة حدثت في ألمانيا في النصف الأول من القرن الماضي عن أرملة فقيرة لها طفل وحيد لم تتمكن أن تقدم له في العشاء إلا كسرة خبز لم تشبع جوعه, لكنها قدمت معها قصة إيليا الذي قدم له الله اللحم والخبز صباحاً ومساء, ولأنه طفل فهو يمتلك إيمان الأطفال الذي قال عنه رب المجد “إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السموات”، لذلك بكل اليقين والثقة طلب من أمه ان تترك باب المنزل مفتوحاً حتى متى أرسل الله الغراب حاملاً العشاء يستطيع أن يدخل, رفضت الأم في البداية بسبب البرودة الشديدة في ذلك الوقت من العام، ولكن إيمان ابنها الصغير بكَّتها فاستجابت، وبالفعل أرسل الله ليس غراباً بل عمدة المدينة شخصياً الذي كان يمر بالبلدة يتفقد أحوالها فشد انتباهه باب مفتوح فى ليلة شديدة البرودة، فدخل المنزل ليعرف السبب فوجد أماً وطفلها يصليان إلى الله ولما عرف السبب تأثر جداً وقرر أن يسدد احتياجاتهما لا هذه الليلة فقط بل بقية أيام حياتهما؛ وهذا ما حدث بالفعل مع إيليا الملقب بالنبي الناري، ونحن نسترجع له مشهداً في موقف آخر يرصده لنا سفر ملوك أول نراه فيه وهو كطفل صغير بين يدي الله القدير يضم رأسه بين ركبتيه ساجداً صارخاً أمام الله الأب الحنون، طالباً المطر ولا يكف عن طلبته حتى يرى سحابة حجمها لا يزيد عن حجم الكف لكنها كافية بالنسبة لإيليا لكي يتأكد أن الله استجاب طلبه ولايمكن أن يزل من ألقى رجاءه هكذا بالتمام عليه تبارك اسمه.
ومن منا لا يريد أن يحيا حياة كهذه, تحوز هذه القوة مع عمق وبساطة الإيمان والنقاوة والتحمل؛ فترفع الإنسان إلى عنان السماء.. لقد استطاع إيليا أن يصل إلى هذه الحياة الفضلى من خلال فضائل تحلى بها، فكانت كأجنحة حلق بها في عمق الروحيات, من أهمها طاعة صوت الله :
أسأل أي إنسان هل لو طلب الرب منك يوما السير في طريق ما أو بشكل ما هل أنت جاهز للطاعة الفورية؟ يعتقد كثيرون أنهم لن يترددوا أن يجيبوا بنعم لو تأكدوا أن الخطة هي من الله وأن المانع الوحيد للطاعة هو عدم القدرة على التحقق من صوت الرب. لكن لودققنا في الأمر جيداً نجد أننا كثيراً ما نظن هذا لكن الواقع العملي يشهد بغير ذلك.
إن كثيرين اعتقدوا هذا ثم تراجعوا حتى بعد التأكد من صوت الله. وقف مرة شاب أمام الرب يسوع وسأله “ماذا أعمل لتكون لي الحياة الأبدية… قال له يسوع إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك واعطِ الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني، فلما سمع الشاب الكلمة مضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة” (مت19: 16-23 ) ومع أن الشاب أنطونيوس سمعها بعد قرون وعلى فم شماس الكنيسة إلا أنه استطاع أن يعانق الله بطاعته. كم من مرة وقفنا بين يدي الرب يسوع متجسداً في وصيته وسمعنا نداءه إلينا ومضى كل منا حزيناً مثل هذا الشاب الغني, فمثلا نسمعه يقول “هاتوا جميع العشور.. وجربوني” (ملا10:3) فنمضي لأننا محبون لأموالنا . أو يقول “احفظ نفسك طاهراً” (1تى22:5) فنمضي لأننا نخبىء مشاعر خاطئة ولا نريد أن ننزعها من قلوبنا. أو ينادي قائلاً:”لا تكن زينتكن الزينة الخارجية من ضفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب بل.. زينة الروح الوديع الهادىء الذي هو قدام الله كثير الثمن” (1بط3:3) فلا سامع ولا مجيب بسبب التعلق بالحياة الباطلة. وأين نحن من تعليمه “اغفروا يغفر لكم” (لو37:6). أسألك وأجب نفسك بصراحة أين نحن كمؤمنين من وصية الرب الصريحة جدا “إذا صنعت ضيافة فادع المساكين الجدع العرج العمى فيكون لك الطوبى” (لو13:14).
عزيزي إننا كثيراً ما نضل أنفسنا ونعلل تمردنا على الوصية بحجة أننا غير واثقين في إرادة الله من جهتنا, ماذا لو كنت مكان إيليا وسمعت صوت الله يقول “اذهب اختبىء عند نهر كريث” هل كنت ستطيع كما أطاع إيليا بدون نقاش أم كنت ستبدأ في الرفض ولكن بصورة مستترة وراء أسئلة من نوعية من الذي يكلمني؟ وماذا سأفعل والنهر آخذ في الجفاف لانعدام المطر؟ وكيف سيكون رد فعلك عندما بدأ النهر يجف والماء قارب طين القاع؟ لقد ظل إيليا في مكانه لم يذهب هنا أو هناك ولا حتى أعاد التفكير في تقييم صوت الله من جديد ذلك لأنه يعرف صوت الله جيداً.
ولكن قد يرى البعض أن صوت الله لإيليا كان مؤكداً بمعجزة قوية؛ فقد كانت الغربان تأتي إليه بالخبز واللحم صباحأ و مساء كوعد الله له، وهذا دليل دامغ على أن الله الذي يعوله بالغربان هو نفسه الذي دبر له هذه الخلوة المباركة بجانب قاع النهر المبتل, وهل مع هذه العلامة الواضحة يمكن للإنسان أن يخطىء التقدير؟! مع الأسف ممكن وهذه حقيقة, فنفس المعجزة حدثت قديماً مع شعب إسرائيل حين أشبعهم من المن كل صباح لا من فم غراب بل من السماء مباشرة، ورواهم لا من نهر طبيعي بل أخرج لهم ماءً من صخرة صماء ولكن شهوات العالم كانت متملكة في القلب، فصموا الآذان الروحية عن سماع صوت الرب، ولم يطع صوت الرب إلا اثنان فقط من كل الشعب يشوع ابن نون و كالب ابن يفنة, بل والمؤلم أكثر أن الشعب تعامل مع وعد الله كأنه وهم أو خيال فبينما هم يستيقظون كل صباح ليجمعوا المن ليأكلوا ويشبعوا؛ صنعوا لأنفسهم عجلاً ذهبياً وعبدوه فماتوا في البرية ولم يروا أرض الموعد.. فما أجمل الخضوع لوصية الرب الذي يريح القلب ويرفعه كما رفع إيليا إلى السماء.


رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
في حبك أشق عصا الطاعة
الطاعة
الطاعة
2 - الطاعة
الطاعة


الساعة الآن 03:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024