21 - 10 - 2014, 04:16 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
رسالة عطش
-
بشوق العطش للماء الحي الذي أتى في ملئ الزمان؛ بلهيب غيرة المحبة نحو شخص ربنا يسوع؛ وبدعوته الحلوة لنرتوي من نبعه الصافي ،،،
-
أكتب إليكم بنفس ذات العطش لينبوع الماء الحي لنرتوي سوياً ونتمتع بالشبع منه...
فليكن معلوماً يا إخوتي، إن روح الإنسان لها وظيفة رسمية مخلوقة على أساسها، وهي لا ترتاح إلا إذا أمسكت بها، وهي الامتداد نحو الله في حركة دائمة لا تفتُر، وأي فتور يعتريها، فأنه كفيل بأن يُصيبها بالكآبة والملل والضيق الشديد، فيمكث الإنسان في قلق بالغ وضيق وحسرة وملامة وعدم رضا عن نفسه، وغالباً لا يعرف أساسها وأسبابها أو دوافعها !!! -
ولكن يظل يخرج من أعماقه صراخ خافت من الروح تظل تطالب بحقها الإلهي؛ والنفس مهما تثقلت بالظروف المعاكسة أو حتى أُصيبت بمرض الخطية المحبط، فهي بسبب وظيفتها الأساسية المخلوقة على أساسها – أي الامتداد نحو الله – يملئها دائماً شعور بالحاجة المُلِّحة للحركة والانطلاق نحو هدفها الأسمى بل والأوحد لأنه سعيها الحقيقي والدائم.
فطبيعة النفس البشرية هي متوافقة أساساً مع موطنها السماوي، وذلك لأن طبعها الأصلي سماوي، لأنها مخلوقة في الأساس على صورة الله، فكل انتماء للعالم أو سقوط تحت تعثراته وضغوطه المادية ومطالبة حتى لو كانت سليمة وفي منتهى البراءة، هو غريب عليها، بل وقد يسبب لها الضيق والقلق وحتى يمكن أن يصل لحد الكآبة أحياناً.
وكذلك شفاء النفس من المستحيل على الإطلاق أن يكون بطرق بشرية مهما كانت صحيحة، فمحاولة إدخال الفرح الكاذب بالإيحاءات والأفكار الحسنة أو الدراسات أو التسلية أو المسرات الجسدية أو كثرة الحديث أو كثرة الصداقات، فهذه كلها تُزيد من هروب النفس واختفاؤها، ليبرز من بعدها الضيق والتعب والكآبة والحيرة بأشد مما كان !!! -
فشفاء النفس هو في حركتها الطبيعية التي خلقها الله في الامتداد في معرفته والقرب منه، والنفس الواعية لسموها الروحي ومكانتها لدى الله وعمل المسيح من أجلها، لا يُمكن بل ومن المستحيل على الإطلاق أن تؤثر فيها أي ظروف معاكسة أو أي خطية. فالعودة لله والتوبة إليه عنصر أساسي في تكوينها وحركتها المخلوقة عليه...
ويفيدنا جداً معرفة أن علاقة النفس علاقة صحيحة بالله هي مصدر الحياة للإنسان وفرحه الدائم واستمرار حياته بهدوء وسلام في أشد الظروف إزعاجاً وضيقاً، فنحن نحتاج – اليوم - لقوة متجدده فاعلة في حياتنا الشخصية، التي هي قوة المسيح الحي الذي هو أمس واليوم والغد بل وإلى الدهر، فليتنا اليوم وكل يوم نلمس بالإيمان شخصه لتخرج منه قوة ويقول من لمسني لأن قوة خرجت مني (لوقا 8 : 46)
-
ويحق لنا الآن بأصالة الوعي الروحي أن نقول: العقل السليم المستنير في النفس السليمة، والنفس السليمة هي في علاقتها الروحية الصحيحة بمصدر حياتها وخلاصها.
فالعناية – يا إخوتي – بالنفس البشرية أولى من العناية بالجسد ألف مرة، فهي سرّ صحته وعافيته وحياته. فالنفس في الإنسان أعظم من جسده، بل والنفس بعلاقتها الوثيقة بالله أعظم من الذات التي تنتمي للجسد أي روح الكبرياء والتباهي بالأعمال: " ولكن بنعمة الله أنا ما أنا، ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي" (أنظر 1كورنثوس 15: 10) -
عموما باختصار، الذي لا يهتم بنفسه ويوفر لها مطلبها الأساسي في امتدادها في الله وراحتها فيه الذي هو منتهى راحتها وصحتها، فإنه سيقع حتماً تحت عقوبتها، أي مرضها الروحي والنفسي، حتى يؤثر على الجسد نفسه بأمراض غريبة، فالنفس إن مرضت لا ترحم، ولا يعود للحياة كلها أي معنى بالنسبة للإنسان إن هي اعتزلت الحياة وأصابها اليأس والإحباط...
في الختام أقول في سرّ مع القديس مقاريوس الكبير:
[ البسطاء يسمعون الكلمة ويعملون بها عن حب للحق وشوق في قلوبهم، فينالون من الله نعمة الروح؛ أما الحكماء الذين يسعون وراء بلاغة الكلام بلا حب للحق فإنهم يهربون ... ولا يتقدمون ... ] ((من عظة 43 عن النمو)) -
وحقاً طوبى للذي يعطش الآن لأنه زمان الملء، وطوبى لمن يشرب ويمتلئ كقول الروح: "من يعطش فليأتِ، ومن يرد فليأخذ ماء حياة مجاناً" (رؤيا 22: 17)
والقادر أن يحفظكم غير عاثرين ويوقفكم أمام مجده بلا عيب في الابتهاج يملأ حياتكم بكل نعمة وبركة وسلام وافر؛ "ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا لهُ الآب والابن جميعاً" (3يوحنا 9)؛ كونوا معافين باسم الثالوث القدوس من له كل إكرام ومهابة إلى الأبد آمين
|