رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وثائق صلب المسيح كلمة صليب staurov تدل على أداة التعذيب والعقاب والإعدام المصنوعة من عمود خشبي يعلق عليه الشخص حتى يموت من الجوع والإجهاد. وقد تطور الصليب حتى أخذ الشكل المألوف في عصر الرومان فصار مكونا من عمود خشبي مثبتا في طرفه الأعلى خشبة مستعرضة لتشد عليها يدي المصلوب وتسمر بها, أو تربط بالحبال. وقد اهتم الكتاب المقدس كثيراً بالصليب فوردت كلمة الصليب 28 مرة في العهد الجديد، وورد فعل الصلب 46 مرة. طريقة الصلب يمكننا أن نتعرف عليها عن طريق الاكتشافات الأثرية فقد كشف فريق من الأثريين صيف 1968 عن أربعة قبور يهودية في "رأس المصارف" بالقرب من القدس، وكان أحدها يحتوي على صندوق به هيكل عظمي لشاب توفي مصلوبا ويرجع تاريخه إلى ما بين 7، 66 ميلادي. كما تدل عليه الأواني الفخارية من عصر الهيرودسيين التي وجدت في القبر ومنقوش على الصندوق اسم "يوحانان". وقد أُجريت أبحاث دقيقة عن أسباب وطبيعة موته، مما قد يلقي بعض الضوء على كيفية صلب يسوع المسيح. كان ذراعا الرجل مسمرتين إلى خشبة الصليب. والأرجح أن ثقل الجسم كان يرتكز عند العجز على قطعة من الخشب بارزة مثبتة إلى قائم الصليب. وكانت الساقين منحنيتين عند الركبتين إلى الخلف، والكاحلان مثبتين بمسمار واحد إلى قائم الصليب. وقد ثبت من شظية وجدت من بقايا الصليب، أنه كان مصنوعاً من خشب الزيتون. وكانت الساقين مكسورتين بضربة عنيفة مثلما حدث مع اللصين اللذين صلبا مع يسوع (يو 19: 32). ويبدو أن طريقة الصلب كانت تختلف من منطقة إلى أخرى في الإمبراطورية الرومانية الواسعة. ويبدو أن العملية كانت من القسوة والفظاعة حتى استنكف كُتَّاب ذلك العصر من إعطاء وصف تفصيلي لها، فكانت تعتبر من أقصى وأبشع وسائل العقاب. ولكن الرب وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب (في 2: 8). أهم الوثائق التاريخية لصلب المسيح (أولاً) شهادة نبوءات العهد القديم لصلب المسيح: يوجد أكثر من 47 نبوءة تتحدث عن صلب المسيح على الصليب والتي قد تحققت حرفياً في نفس اليوم الذي صُلِبَ فيه المسيح. ومن أهم هذه النبوءات هي نبوءة إشعياء النبي المذكورة في سِفْرِه الإصحاح الثالث والخمسين. وفيما يلي بعض من النبوءات التي تحققت في ذلك اليوم عينه. لاحظ الجدول ادناه إتمام هذه النبوءة مكان ورودها النبوءة متى 26: 15 زكريا 11: 12 تسليم المسيح لليهود بثلاثين من الفضة يوحنا 19: 28 مزمور 22: 15 عطشه على الصليب متى 16: 31-56 زكريا 13: 7 تركه التلاميذ وهربوا لوقا 23: 22 مزمور 22: 16 ثقبوا يديه ورجليه يوحنا 19: 23-24 مزمور 22: 18 ألقوا القرعة على ثيابه مرقس 14: 48-50 مزمور 31: 11 معارفه يقفون بعيداً عنه متى 27: 34 مزمور 59 21 إعطاؤه الخل ليشرب يوحنا 19: 34-37 زكريا 12: 10 طعنه في جنبه مرقس 15: 28 اشعياء 53: 12 شفاعته من أجل صالبيه عبرانين 9: 28 اشعياء 53: 12 حمل خطايا كثيرين يوحنا 19: 33-36 مزمور34: 20 خروج 12: 46 عظم من عظامه لم يكسر (ثانياً) شهادة الوثائق الوثنية لصلب المسيح: تلعب الوثائق الوثنية دوراً بارزاً في قضية صلب المسيح لأن: كُتَّابها لا ينتمون لأية طائفة مسيحية وهؤلاء الكتّاب كانوا يضمرون العداء للمسيحيّة أو المسيح وكانوا أقرب إلى الهزء منه إلى المديح ولا سيما في الحقبة الأولى من تاريخها. ويحق لنا هنا أن نتناول شهادات هؤلاء المؤرخين والكتّاب السياسيين بكثير من الجدية ونحلّلها على ضوء معطيات العصر والعوامل السياسية الفاعلة فيه. إن الوثائق الوثنية التي بين أيدينا يرجع تاريخ معظمها إلى القرنين الأول والثاني الميلاديين وهي تشهد لكثير من الوقائع التي جرت في حياة المسيح. ومن أبرز مؤلفي تلك الوثائق القديمة: (1) كورنيليوس تاسيتوس (55-125 م) وهو مؤلف روماني عرف بالدقة والنزاهة. عاصر تاسيتوس ستة أباطرة ولُقب بمؤرخ روما العظيم. من أشهر كتبه على الإطلاق مصنَّفيه “الحوليات والتواريخ”. يضم الأول نحو 18 مجلداً والثاني نحو 12 مجلداً. أن تاسيتوس هذا كان بحكم علاقته بالحكومة الرومانية مطلعاً على تقارير حكام أقاليم الإمبراطورية وسجلات الدولة الرسمية. وقد وردت في مصنَّفيه ثلاث إشارات عن المسيح والمسيحيّة أبرزها ما جاء في حولياته: (مقتبس من مجلداته) وبالتالي لكي يتخلص نيرون من التهمة (أي حرق روما) ألصق هذه الجريمة بطبقة مكروهة معروفة باسم المسيحيّين? ونكَّل بها أشد تنكيل. فالمسيح الذي اشتق المسيحيون منه اسمهم كان قد تعرض لأقصى عقاب في عهد طيباريوس على يد أحد ولاتنا المدعو بيلاطس البنطي. وقد راجت خرافة من أشد الخرافات إيذاء وإن كانت قد شُكمت لفترة قصيرة? ولكنها عادت فشاعت ليس فقط في اليهودية المصدر الأول لكل شر بل انتشرت أيضاً في روما التي أصبحت بؤرة لكل الأشياء الخبيثة والمخزية التي شرعت ترد إليها من جميع أقطار العالم”. يتضح من هذه الوثيقة أن المسيحية قد اشتقت اسمها من المسيح وأن بيلاطس البنطي هو الذي حكم عليه بالموت. أما الخرافة أو الإشاعة التي ألمح إليها فهي ولا شك القيامة. جاء فى كتاب " تاريخ الإمبراطورية الرومانية " الذى وضعه كرنيليوس تاسيتوس المؤرخ الرومانى الشهير (55 - 125 ميلادية) وقاضى القضاة فى روما والذى وضعه فى ستة عشر مجلدا ما نصه " أن الناس الذين كان يعذبهم نيرون كانوا يدعون مسيحيين نسبة إلى شخص اسمه المسيح كان بيلاطس البنطى قد حكم عليه بالقتل فى عهد طيباريوس قيصر" وكان تاسيتوس بحكم علاقته بالحكومة الرومانية مطلعاً على تقارير حكام أقاليم الإمبراطورية وسجلات الدولة الرسمية, وقد وردت في مؤلفه " الحوليات " ثلاث إشارات عن المسيح والمسيحية أبرزها قوله: " وبالتالي لكي يتخلص نيرون من تهمة حرق روما ألصقها ظلما بطبقة مكروهة معروفة باسم المسيحيين، ونكل بها أشد تنكيل. أما المسيح الذي اشتق المسيحيون منه اسمهم، فقد قتل فى سلطنة طيباريوس قيصر على يد أحد ولاتنا المدعو بيلاطس البنطي حاكم اليهودية" (2) ثالوس العالم الفلكى ثالوس هو أحد أوائل الكتاب الوثنيين الذين ذكروا المسيح. ووضع مؤلفا نحو عام 52 للميلاد عن تاريخً منطقة شرق البحر المتوسط بدءاً من حرب تروجان إلى عصره، ولسوء الحظ فإن كتاباته غير متوفرة الآن إلا ما اقتبسه عنه الكتاب الآخرون. ومن أمثال هؤلاء يوليوس أفريكانوس، وهو كاتب مسيحي دون أعماله نحو عام 221 ميلادية. يقول أفريكانوس ما موجزه: "أن ثالوس رأى أن هذه الظلمة غير طبيعية ولم تحدث نتيجة كسوف الشمس لأن الكسوف الشمسي لا يمكن أن يحدث وقت اكتمال القمر، وكان ذلك الوقت هو وقت عيد الفصح عند اكتمال القمر عندما مات المسيح." وتبين هذه الإشارة أن رواية الإنجيل عن الظلمة التي غطت الأرض أثناء صلب المسيح كانت معروفة لغير المسيحيين، وحاولوا أن يوجدوا تفسيراً طبيعياً لها. ولم يكن لدى ثالوس أدنى شك في أن يسوع قد صلب وأن حدثاً غير عادي قد ظهر في الطبيعة ولابد له من تفسير. وما شغل تفكيره هو أن يجد تفسيراً له. وثالوس (توفي 52م) وهو من مؤرخي الرومان القدامى الذين كتبوا عن موت المسيح وقد عمد هذا إلى تصنيف تاريخ منطقة البحر الأبيض المتوسط منذ الحرب الطرواديّة حتى زمانه. بيد أن هذا المصنف قد فُقد ولم يبقَ منه سوى شذرات مبعثرة في مؤلفات الآخرين ومن جملتهم يوليوس الإفريقي الذي كان مطلعاً كما يبدو على هذا التاريخ. ففي سياق حديثه عن صلب المسيح والظلام الذي خيّم على الأرض عندما استودع المسيح روحه بين يدي الآب السماوي أشار يوليوس إلى عبارة وردت في تاريخ ثللوس تدور حول هذه الحادثة قال: (مقتبس من يوليوس) “إن ثالوس في المجلد الثالث من تاريخه يعلل ظاهرة الظلمة أنه كسوف الشمس وهذا غير معقول كما يبدو لي”. وقد رفض يوليوس الإفريقي هذا التعليل (سنة 221 م) بناء على أن الكسوف الكامل لا يمكن أن يحدث في أثناء اكتمال القمر ولا سيما أن المسيح قد صُلب ومات في فصل الاحتفال بالفصح وفيه يكون القمر بدراً مكتملاً. ولم يكن ثالوس وحده هو الذي نبَّر على حدوث هذا الظلام? فقد أشار إليه كثير من القدامى كمثل فليفون الفلكي في القرن الثاني فقال: “إن الظلام الذي حدث عند صلب المسيح لم يحدث في الكون مثله من قبل” كما أشار إليه الإمام الحافظ ابن كثير المؤرخ الإسلامي في القرن الرابع عشر في كتابه •البداية والنهاية ج 1: 4182. وقد سجل الإنجيل حدوث ظلام على الأرض أثناء صلب السيد المسيح: "و كان نحو الساعة السادسة فكانت ظلمة على الارض كلها الى الساعة التاسعة، وأظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل من وسطه، ونادى يسوع بصوت عظيم وقال يا ابتاه في يديك استودع روحي ولما قال هذا اسلم الروح" (لو 23: 44 – 45). ولكن هل هناك أى دليل بخلاف الإنجيل يثبت حدوث هذه الظلمة على الأرض؟ - نعم هناك أكثر من دليل: الدليل الأول: حوالى سنة 52 م، كتب المؤرخ (ثالوس) تاريخ أمم شرق البحر المتوسط من حرب طروادة حتى هذا التاريخ، هذا المجلد الذى دون فيه التاريخ قد فُقد، ولكن هناك أجزاء من عمله ظلت باقية إلى اليوم فى صورة أقتباسات وضعها العديد من المؤرخين فى أعمالهم، منهم المؤرخ (يوليوس أفريكانوس) أحد المؤرخين الذى عاش سنة 221 م...، أثناء كلامه عن صلب السيد المسيح والظلام الذى غطى الأرض وجد مصدراً في كتابات ثالوس الذي تعامل مع هذا الحدث الكوني الفريد، يذكر فيها " غطى الظلام العالم بأكمله، والصخور تشققت بفعل زلزال، والعديد من الأماكن فى اليهودية (Judea) ومناطق أخرى طرحوا وأندثروا بفعل الزلزال" قد ذكُر هذا فى كتاب ثالوس رقم ثلاثة فى سلسلة مجلداته التاريخية. الدليل الثانى: يحدثنا التاريخ فى سيرة ديوناسيوس الآريوباغى القاضى، أنه حين حدث كسوف فى الشمس وقت صلب السيد المسيح كان ديوناسيوس يدرس فى جامعة عين شمس (أحدى الجامعات اليونانية القديمة فى مصر) علوم الفلك والهندسة والقانون والطب... إلخ. وهذا هو منهج من يتولى سلطان القاضى وهو أن يكون ملماً بجميع العلوم، وحين حدث كسوف الشمس حدث تساؤل.. فكانت الإجابة أن هناك إحتمالاً من ثلاث إحتمالات: 1- أن يكون العالم أوشك على النهاية وهذا الكسوف من أحدى الدلالات. 2- أن تكون كل قواعد علم الفلك خاطئة من أساسها. 3- أن يكون إله الكون متألماً. و ظلت هذه الواقعة فى ذاكرة ديوناسويس إلى أن بشره القديس بولس فى أريوس بأغوس، متأكداً بأن الإحتمال الثالث هو الأوقع والأصح وهو أن يكون إله الكون كان متألماً.. لان حادث الكسوف الذى حدث للشمس الذى أستمر ثلاثة ساعات ليس بأمراً عادياً بل هو فوق مقدور البشر وفوق القواعد والتحاليل العلمية. (3) لوسيان اليوناني: كان هذا أحد مؤرخي اليونان البارزين في مطلع القرن الثاني الميلادي. وقد علق في مقال نقدي ساخر على المسيحيين والمسيح. وإذ كان ينتمي إلى المذهب الأبيقوري فقد عجز عن استيعاب طبيعة الإيمان المسيحي واستعداد المسيحيين للاستشهاد في سبيل عقيدتهم وحسبهم شعباً مخدوعاً يتعلق بأوهام عالم ما بعد الموت بدلاً من التمتع بمباهج العالم الحاضر وملذاته وأبرز ما قاله: “إن المسيحيين كما تعلم؟ ما زالوا إلى هذا اليوم يعبدون رجلاً - وهو شخصية متميزة استنّ لهم طقوسهم الجديدة وصُلب من أجلها… ومنذ اللحظة التي اهتدوا فيها (إلى المسيحية) وأنكروا آلهة اليونان وعبدوا الحكيم المصلوب استقرّ في عرفهم أنهم إخوة”. (4) رقيم بيلاطس: وهو رقيم أشار إليه جاستنيان الشهيد عام 150 م في أثناء دفاعه الأول حيث أكد أن صلب المسيح يثبته تقرير بيلاطس? كما يلمح في نفس الدفاع إلى طائفة من العجائب وأعمال الشفاء ثم يقول: “إنه حقاً قد صنع هذه ويمكنك التأكد منها من رقيم بيلاطس” وأشار ترتليان أيضاً إلى نفس هذا الرقيم. (5) سيتونيوس (120 م): ومن جملة الذين ذكروا في مؤلفاتهم ورسائلهم عن المسيح المصلوب بصورة مباشرة أو غير مباشرة سيتونيوس (120 م) الذي كان رئيس أمناء سر الأمبراطور الروماني هادريان (117-138 م) فأتاحت له وظيفته الإطلاع على سجلات الدولة الرسمية فعلم بالأسباب التي أدت إلى اضطهاد المسيحيين ومن بينها إيمانهم بصلب المسيح وموته وقيامته. وهو أحد مؤرخى الرومان وواحد من رجال وكان مؤرخاً حولياً للقصر الملكي فى عهد الامبراطور هادريان ويقول في كتابه "حياة كلوديوس" لما كان اليهود يقومون بأعمال شغب مستمرة بتحريض من المسيح، طردهم كلوديوس من روما. ويشير لوقا إلى هذا الحدث في أعمال 18: 2 وهو ما وقع في عام 49 ميلادية. وجاء فى حولياته ما نصه: لقد فرض نيرون العقوبات على المسيحيين، وهم جماعة من الناس يتبعون بدعة شريرة جديدة. وأيضا أن المسيحيين وجدوا في المدينة الملكية (أى روما) قبل عشرين عاماً من ذلك الوقت. كما أشار فى كتاباته إلى معاناة المسيحيين وموتهم بسبب عقيدتهم في أن يسوع المسيح عاش ومات وقام من الأموات حقاً. (6) بليني الأصغر حاكم بيثينيا في آسيا الصغرى. وهو من رجالات الدولة الذين عنوا بشأن المسيحيين فقد ألمح في كتابه العاشر (112 م) إلى المسيح الذي يؤلّهه المسيحيون وموقفه منهم (المصدر السابق). (7) كلسوس الفيلسوف الأبيقورى الوثنى المولود سنة 140م الذي كان من ألد أعداء المسيحية هذا أيَّد في كتابه (البحث الحقيقي) قضية صلب المسيح وإن سخر من الغرض منه وقال: “احتمل المسيح آلام الصلب لأجل خير البشرية” (قضية الغفران 109). جاء فى كتاب " البحث الحقيقيى " لكلسوس الفيلسوف الأبيقورى الوثنى (ولد سنة 140 ميلادية) متهكما على المسيح وعمله الخلاصى بقوله ما نصه: " أن أحد أتباعه أنكره والآخر خانه وأخيرا حكم عليه بالموت صلبا فأحتمله لأجل خير البشرية" (8) مارا بار - سيرابيون قال هذا في رسالة كتبها لابنه من السجن يعود تاريخها إلى بين القرنين الأول والثالث: ... وأية فائدة جناها اليهود من قتل ملكهم الحكيم لم يمت هذا الملك الحكيم إلى الأبد لأنه عاش من خلال تعاليمه التي علم بها7.. بطبيعة الحال إن مارا هذا ينظر إلى المسيح من خلال منظاره الوثني. فالمسيح في رأيه هو حكيم من الحكماء كسقراط وأفلاطون كما نمّت عن ذلك بقية رسالته. يتبين لنا من هذه الوثائق الوثنية أن كتّابها كانوا على ثقة تامة أن المصلوب هو المسيح وليس الشبيه كما يدّعي المسلمون. وهكذا سجل لنا التاريخ حقيقة دامغة على صدق الكتاب. (9) لوسيان الساموساطي جاء فى كتاب " موت بيرجرنيوت " للوسيان أشهر كتاب اليونان (ولد سنة 100 ميلادية) ما نصه: إن المسيحيين كما نعلم يعبدون إلى هذا اليوم رجلاً ذا شخصية متميزة، وقد استحدث الطقوس الجديدة التي يمارسونها والتي كانت علة صلبه.. انظر كيف يعتقد هؤلاء المخدوعون أنهم خالدون مدى الدهر، وهو ما يفسر احتقارهم للموت وبذل الذات طواعية وهو أمر شائع بينهم، وهم أيضاً يتأثرون بمشرعهم الأصلي الذي قال لهم إنهم جميعاً إخوة من اللحظة التي يتحولون فيها وينكرون كل آلهة اليونان ويعبدون الحكيم المصلوب ويعيشون طبقاً لشرائعه. (10) فليجون العالم الفلكى كتب فليجون وهو مؤرخ وثنى تاريخاً سماه " أخبار الأيام " لم يعد له وجود الآن إلا ما اقتبسه عنه الكتاب الآخرون, ومثل ثالوس فإن فليجون، يؤكد أن الظلمة خيمت على الأرض وقت صلب المسيح بقوله " وأثناء حكم طيباريوس قيصر حدث كسوف للشمس وقت اكتمال القمر" وقد علق فيلجون على ذلك بأنه لم يحدث مثله مطلقا وأن ديونسيوس زميله عندما شاهد هذا الظلام صرخ قائلا " إما أن إله الطبيعة يتألم الآن أو أن العالم أوشك على الدمار" كما أشار إلى الظلام المذكور الفيلسوف ترتليان فى القرن الثانى الميلادى. ومعلوم أن كسوف الشمس لا يحدث إلا إذا كان القمر فى المحاق ويحدث تدريجيا ولا يستمر إلا لبضع دقائق. أما الظلمة التى حدثت عند صلب المسيح فكانت معجزية لأن القمر كان بدرا وحدث فجأة واستمرت ثلاث ساعات. (ثالثاً) شهادة الوثائق اليهودية لصلب المسيح: أما الوثائق اليهودية فلها أهمية خاصة على الرغم من سلبيتها. فمن الطبيعي أن يتخذ رؤساء اليهود وقادتهم الدينيون موقفاً معادياً من المسيح? وهم الذين صلبوه إذ أدركوا أن تعاليمه الثورية تهدد معظم ما استنوه من تقاليد وطقوس فريسية تعزز من مكانتهم الدينية والسياسية. ومع ذلك فإن هذه الوثائق برهان ساطع على صحة ما ورد في الإنجيل من تفاصيل قصة الصلب. وفي هذا الجزء من دراستنا سنتناول أبرز هذه الوثائق وأولها: (1) يوسيفوس (37-97 م) هذا ذكر في كتابه “التواريخ” ما بين سنتي 90-95 م فقرة عن صلب المسيح. ويبدو أن هذه الفقرة قد أثارت حولها جدلاً بين علماء المخطوطات إذ اعتقد بعضهم أن هذه الفقرة قد تلاعبت بها أيدي بعض المسيحيين المتطرفين لما جاء فيها من تقريظ للمسيح لا يمكن أن يصدر عن يهودي. ولكن في عام 1972 نشرت مخطوطة عربية يرجح العلماء أنها ترجمة دقيقة للنص الأصلي وقد جاء فيها: “وفي ذلك الوقت كان هناك رجل حكيم يُدعى يسوع اشتهر بحسن السلوك وبالتقوى فتبعه عدد غفير من بين اليهود والأمم الأخرى. غير أن بيلاطس البنطي حكم عليه بالموت صلباً. أما الذين تبعوه فلم يتخلوا عن تلمذتهم له. وادعوا أنه قد ظهر لهم بعد ثلاثة أيام من صلبه وأنه حيّ. وبناء عليه فقد يكون هو المسيح الذي عزا إليه الأنبياء أشياء عجيبة”. إن شهادة يوسيفوس هذه قد سبقت شهادة أغلبية المؤرخين الوثنيين. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن يوسيفوس قد اشتهر بين أقرانه بالموضوعية? وأنه عالج هذه الواقعة التاريخية من خلال المعطيات اليهودية تبين لنا أن هذا النص هو نص تقريري جدير بالثقة. وضع يوسيفوس المؤرخ اليهودى الشهير عدة مؤلفات أشهرها " ضد أبيون " و" حروب اليهود " و" آثار اليهود " وأورد فى كتابه الأخير فقرة أشار فيها إلى يسوع بقوله: " كان في ذلك الوقت رجل حكيم اسمه يسوع، لو كان لنا أن ندعوه رجل، لأنه كان يصنع العجائب وكان معلماً لمن كانوا يتقبلون الحق بابتهاج. وجذب إليه الكثيرين من اليهود والأمم على حد سواء.. وعندما أصدر بيلاطس الحكم عليه بالصلب، بإيعاز من رؤسائنا لم يتركه أتباعه الذين أحبوه من البداية.. وجماعة المسيحيين، المدعوين على اسمه، مازالوا موجودين حتى هذا اليوم. (2) التلمود اليهودي التلمود كتاب مقدّس في نظر اليهود وقد جُمِع في مجلّدات ضخمة يستطيع أيّ باحث أن يطّلع عليها. يقسم التلمود إلى مجموعتين أساسيتين هما: المشنا والجمارة. المشناة: هي التقاليد الشفوية القديمة التي توارثتها أجيال المجتمع اليهودي المتعاقبة ثم تمَّ تدوينها في القرن الثاني الميلادي. الجمارة: هي حصيلة الشروحات والتعليقات على المشنا. الحلقا: إن المواد التلمودية التي تدور حول قضايا تشريعية وأسئلة قانونية والتي أثارت جدلاً بين فقهاء اليهود وعلمائهم فتدعى الحلقا. الهجَّادا: هو الجزء المختص بالأساطير والقصص والأقوال المأثورة التي استخدمت لإيضاح الأعراف التقليدية فتدعى الهجَّادا. ونقرأ في النسخة التي نشرت في أمستردام عام 1943? وفي صفحة 42 ما يلي: “ لقد صُلب يسوع قبل الفصح بيوم واحد. وقبل تنفيذ الحكم فيه? ولمدة أربعين يوماً خرج مناد ينادي: إن (يسوع) سيُقتل لأنه مارس السحر وأغرى إسرائيل على الإرتداد فعلى من يشاء الدفاع عنه لمصلحته والاستعطاف من أجله أن يتقدم. وإذ لم يتقدم (أحد) للدفاع من أجله في مساء (ليلة) الفصح. وهل يجرؤ أحد عن الدفاع عنه? ألم يكن مفسداً? وقد قيل في الأنبياء إن شخصاً مثل هذا: لا تَسْمَعْ لَهُ وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ وَلا تَرِقَّ لَهُ وَلا تَسْتُرْهُ? بَلْ قَتْلاً تَقْتُلُهُ (تثنية 13: 8 و9)”. من الواضحج أن التلمود يشهد أيضاً بأن المصلوب هو المسيح من غير أن نلمح في هذه الشهادة أي شائبة شك في شخصيته. (3) مخطوطة يهودية عن خرافه جثه المسيح وهناك مخطوطة أخرى تُدعى Toledoth Jesu وهي مخطوطة يهودية معادية للمسيحية لا تشير فقط إلى المسيح بل تروي لنا أيضاً قصة خيالية عما حدث لجسده بعد موته. فقد ادعى مؤلفها أن حواريي المسيح حاولوا أن يسرقوا جسده فعرف بذلك بستاني اسمه يهوذا. فجاء خفية ونقل جثمان المسيح من قبر يوسف الرامي إلى قبر جديد آخر حفره له. وعندما جاء الحواريون إلى القبر الأصلي وجدوه فارغاً فادعوا أنه قام من بين الأموات. ولكن حين أقبل رؤساء اليهود إلى الضريح وشاهدوه أيضاً فارغاً أخذهم البستاني إلى القبر الجديد وأراهم جثة يسوع. وهذا ما يروجون له هذه الأيام من اكتشاف قبر السيد المسيح وابنه المزعوم!! ومع أن هذا التقليد لم يُجمع قبل القرن الخامس الميلادي فإنه ولا شك يمثل تقليداً يهودياً سابقاً شاع بين الأوساط الإسرائيلية بعد قيامة المسيح (متى 28: 11-15) هذا من ناحية? ومن ناحية أخرى فإن هذه المخطوطة على ما فيها من عداء للمسيحية هي أكبر شاهد إثبات على صلب المسيح وموته وقيامته? لأنها شهادة من عدوّ موتور. قال أيضاً يوحنا بن زكا? تلميذ هليل المعلم الشهير في كتابه سيرة يسوع الناصري: “إن الملك وحاخامات اليهود قد حكموا على يسوع بالموت لأنه جدف حين ادعى أنه ابن الله... وأنه الله”. ثم قال بعد ذلك: “ولما كان المسيح في طريقه إلى الموت كان اليهود يصرخون أمامه: فلتهلك كل أعدائك يا رب”. (4) جاء فى التلمود البابلى فصل السنهدريم (المجمع اليهودى) ما نصه: " أن يسوع علق (صلب) فى مساء الفصح" ويشير التلمود البابلى إلى يسوع باسم " ابن بانديرا " أو " بانتيرا " وهي كلمة محورة للكلمة اليونانية " بارثينوس " التي تعني عذراء. وقد أطلقها اليهود المتأخرين على يسوع تهكما على تسمية المسيحيين له باسم " ابن العذراء" ويقول التلمود البابلي في موضع آخر أن مريم " سليلة الأمراء والحكام مارست البغاء مع النجارين" وهذه العبارة بالطبع هي محاولة لتفسير العقيدة المسيحية لميلاد يسوع العذراوي ويقصد بعبارة " الأمراء والحكام " سجل النسب الذي ذكره لوقا باعتباره سجل نسب مريم ويوسف النجار رجلها الذى كان ابن عم لها, والإشارة إلى النجارين هي إشارة واضحة ليوسف النجار رجل مريم. (5) جاء فى كتاب " سيرة يسوع " للحاخام يوحنا بن زكا تلميذ هلل المعلم اليهودى الشهير ما نصه أن الملك وحاخام اليهود حكموا على يسوع بالموت لأنه جدف بقوله عن نفسه أنه ابن الله. 4- جاء فى كتاب " يسوع الناصرى " للحاخام يوسف كلورنر أن أناجيل المسيحيين سجلات صادقة وأن يسوع الناصرى عاش ومات طبقا لما جاء فيها. واستطرد قائلا أن الذين ينكرون وجود المسيح التاريخى ينكرون حقيقة تاريخية ثابتة إذ أن ما وصل إلينا من تاريخ سقراط الذى لا يشك أحد منا فى وجوده لا تؤيده أدلة قوية مثل تلك التى تؤيد تاريخ المسيح. (رابعاً) شهادة الوثائق الرومانية لصلب المسيح: (1) صورة الحكم الذى أصدره بيلاطس البنطى بصلب المسيح من المعلوم ان هذا الطاغية أرسل إلى طيباريوس قيصر تقريراً ضافياً، عن صلب المسيح ودفنه وقيامته. وقد حُفظ هذا التقرير في سجلاّت رومية. وكان من الوثائق، التي استند إليها العالِم المسيحيّ ترتليانوس في دفاعه المشهور عن المسيحيّين. والرسالة التى رفعها بيلاطس البنطى إلى طيباريوس قيصر عن صلب المسيح قد عثر عليها العلماء الألمان فى روما وتم إيداعها مكتبة الفاتيكان وهذه الرسالة كانت معروفة لدى القدماء فقد أشار إليها الفيلسوف جوستينوس سنة 139 ميلادية والعلامة ترتليانوس سنة 199 ميلادية. وقد اكتشف العلماء الفرنسيون فى سنة 1280 ميلادية فى خزانة خاصة بالمتعلقات الكنسية بدير رهبان الكارتوزيان بنابولى على لوح نحاس منقوش عليه " صورة الحكم بصلب المسيح " الذى أصدره بيلاطس البنطى والى اليهودية من قبل روما بين فيه الأسباب التى بنى عليها حكمه وأسماء الشهود الذين حضروا محاكمة المسيح. وقد ذكر المؤرخون أنه عندما كان يحكم اليهود على أحد بالموت كان أحدهم يحمل لوحة مكتوب عليها الجرائم التى ارتكبها المحكوم عليه وصورة الحكم الذى صدر ضده ويسير أمامه ليقرأها العامة. (2) تقرير بيلاطس البنطى عن صلب المسيح الرسالة التى رفعها بيلاطس البنطى إلى طيباريوس قيصر عن صلب المسيح وقد عثر عليها العلماء الألمان فى روما وتم إيداعها مكتبة الفاتيكان وهذه الرسالة كانت معروفة لدى القدماء فقد أشار إليها الفيلسوف جوستينوس سنة 139 ميلادية والعلامة ترتليانوس سنة 199 ميلادية. اكتشف علماء الآثار أن بيلاطس كان قد كتب تقريرا مطولا عن مدة ولايته، وكان هذا التقرير محفوظا فى سجلات الإمبراطورية الرومانية مرفقا به الحكم الصادر بالصلب. وقد استرشد هؤلاء العلماء بما كتبه مؤرخو الجيل الأول والثاني المسيحي..الفيلسوف الشهيد يوستينوس والعلامة ترتليانوس القس. وقد كان الحكم منقوشا على لوح من النحاس الأصفر باللغة العبرية، عثروا عليه مع تقرير بيلاطس ومع رسالة يوليوس والى الجليل ضمن أقباط بقايا مدينة اكويلا من أعمال نابولي عام 1280 للميلاد، وقد أشار المؤرخان المسيحيان السابق ذكرهما الى حفظ هذه الوثائق بالذات وفيما يلي نص هذه الوثائق. واكتشف العلماء الفرنسيون فى سنة 1280 ميلادية فى خزانة خاصة بالمتعلقات الكنسية بدير رهبان الكارتوزيان بنابولى على لوح نحاس منقوش عليه " صورة الحكم بصلب المسيح " الذى أصدره بيلاطس البنطى والى اليهودية من قبل روما بين فيه الأسباب التى بنى عليها حكمه وأسماء الشهود الذين حضروا محاكمة المسيح. وذكر المؤرخون أنه عندما كان يحكم اليهود على أحد بالموت كان أحدهم يحمل لوحة مكتوب عليها الجرائم التى ارتكبها المحكوم عليه وصورة الحكم الذى صدر ضده ويسير أمامه ليقرأها العامة. نص تقرير بيلاطس البنطى حاكم اليهودية إلى طيباريوس قيصر روما: جاء فى The Lost Books of The Bible, The World Publishing Company, Cleveland and New York 1926 P. 275–277 الآتى: · فى إحدى المدن الشرقية التى تسمى أورشليم حيث أقيم فيها معبد الأمة اليهودية. تجمع كل شعب اليهود وأسلموا إلى رجلا يدعى يسوع وأقاموا ضده اتهامات لا نهاية لها. إلا أنهم عجزوا عن إدانته فى أى شىء. · لكن كان لهم اتهاما واحدا ضده وهو قوله أن السبت لم يكن يومهم الصحيح للراحة. · لقد صنع هذا الرجل كثيرا من الشفاء والأعمال الطيبة فقد جعل العمى يبصرون وشفى البرص وأقام أمواتا وشفى مفلوجين. · كما أنه عمل عملا أخر عظيما غريبا حتى بين آلهتنا فقد أقام من الأموات شخصا يدعى لعازر وكان قد مضى على موته أربعة أيام. · ثم أن هيرودوس وارخيلاوس وفيلبس وحنانيا وقيافا ومعهم كل الشعب اسلموه لى لمحاكمته ونظرا لأن كثيرين أثاروا فتنة ضدى فقد أمرت بصلبه. · وبينما كان يصلب كانت ظلمة على الأرض كلها واحتجبت الشمس بالكلية وأظلمت السماء رغم أنه كان لا يزال نهارا حتى أن النجوم ظهرت.. كما أن القمر الذى كان كالدم لم يسطع طول الليل رغم أنه كان بدرا.. · وفى أول الأسبوع (ليل الأحد الذى يبدأ من الساعة السادسة مساء السبت) حوالى الساعة الثالثة من الليل (أى نحو الساعة التاسعة من مساء السبت بتوقيتنا الحالى ويوافق الحادية عشر بتوقيت جرينش) توهجت الشمس كما لم تتوهج من قبل وصارت كل السماء لامعة وكما يأتى البرق فى عاصفة كذلك ظهر فى الهواء رجال ذو هيئة علوية وفى صفوف جميلة وقد كللهم مجد لا يوصف ومعهم جيوش لا تحصى من الملائكة وهى تنادى قائلة المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة. · وعند سماع أصواتهم تحركت الجبال والتلال (أى حدثت زلزلة عظيمة) وتشققت الصخور وحدثت فجوات فى كل الأرض (تفتحت القبور) وفى وسط هذا الرعب شوهد الموتى يقومون ثانية. وهذا ما أشار إليه إنجيل متى (متى 27: 51 - 53) بقوله: "والأرض تزلزلت والصخور تشققت والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من القبور بعد قيامته". صورة الحكم الذي أصدره بيلاطس على يسوع الناصري بالموت صلبا: فى السنة السابعة عشرة من حكم الإمبراطور طيباريوس الموافق لليوم الخامس والعشرين من شهر آذار، بمدينة أورشليم المقدسة فى عهد الحبرين حنان وقيافا، حكم بيلاطس والى ولاية الجليل الجالس للقضاء فى دار ندوة مجمع البروتوريين، على يسوع الناصري بالموت صلبا، بناء على الشهادات الكثيرة البينة المقدمة من الشعب المثبتة أن يسوع الناصري: 1- مضل يسوق الناس الى الضلال 2- أنه يغرى الناس على الشغب والهياج 3- أنه عدو الناموس 4- أنه يدعو نفسه ابن الله 5- أنه يدعو نفسه ملك إسرائيل 6- أنه دخل الهيكل ومعه جمع غفير من الناس حاملين سعف النخل فلهذا يأمر بيلاطس البنطى كونيتيوس كرينليوس قائد المئة الأولى أن يأتى بيسوع الى المحل المعد لقتله، وعليه أيضا أن يمنع كل من يتصدى لتنفيذ هذا الحكم فقيرا كان أم غنيا. (3) كرنيليوس تاسيتوس جاء فى كتاب " تاريخ الإمبراطورية الرومانية " الذى وضعه كرنيليوس تاسيتوس المؤرخ الرومانى الشهير (55 - 125 ميلادية) وقاضى القضاة فى روما والذى وضعه فى ستة عشر مجلدا ما نصه " أن الناس الذين كان يعذبهم نيرون كانوا يدعون مسيحيين نسبة إلى شخص اسمه المسيح كان بيلاطس البنطى قد حكم عليه بالقتل فى عهد طيباريوس قيصر" وكان تاسيتوس بحكم علاقته بالحكومة الرومانية مطلعاً على تقارير حكام أقاليم الإمبراطورية وسجلات الدولة الرسمية, وقد وردت في مؤلفه " الحوليات " ثلاث إشارات عن المسيح والمسيحية أبرزها قوله: " وبالتالي لكي يتخلص نيرون من تهمة حرق روما ألصقها ظلما بطبقة مكروهة معروفة باسم المسيحيين، ونكل بها أشد تنكيل. أما المسيح الذي اشتق المسيحيون منه اسمهم، فقد قتل فى سلطنة طيباريوس قيصر على يد أحد ولاتنا المدعو بيلاطس البنطي حاكم اليهودية" (4) صورة رسالة يويليوس والى الجليل الى المحفل الروماني: أيها القيصر شرازينى أمير رومية، بلغني أيها الملك قيصر أنك ترغب فى معرفة ما أنا أخبرك به الآن، فإعلم أنه يوجد فى وقتنا هذا رجل سائر بالفضيلة العظمى يدعى يسوع، والشعب متخذه بمنزلة نبي الفضيلة، وتلاميذه يقولون انه ابن الله خالق السموات والأرض وبهما وجد ويوجد فيهما. فبالحقيقة أيها الملك أنه يوميا يسمع عن يسوع هذا أشياء غريبة.. فيقيم الموتى ويشفى المرضى بكلمة واحدة. وهو إنسان بقوام معتدل ذو منظر جميل للغاية له هيبة بهية جدا حتى من نظر إليه يلتزم أن يحبه ويخافه، وشعره بغاية الاستواء متدرجا على اذنيه، ومن ثم الى كتفه بلون ترابى إنما اكثر ضياء. وفى جبينه غرة كعادة الناصريين. ثم جبينه مسطوح وإنما بهج، ووجهه بغير تجاعيد بمنخار معتدل وفم بلا عيب. وأما منظره فهو رائق ومستر وعيناه كأشعة الشمس ولا يمكن لإنسان أن يحدق النظر فى وجهه نظرا لطلعة ضيائه. فحينما يوبخ يرهب ومتى أرشد أبكى، ويجتذب الناس الى محبته. تراه فرحا وقد قيل عنه أنه ما نظر قط ضاحكا بل بالحرى باكيا. وذراعاه ويداه هى بغاية اللطافة والجمال. ثم أنه بالمفاوضة يأثر كثيرين وإنما مفاوضته نادرة، وبوقت المفاوضة يكون بغاية الاحتشام، فيخال بمنظره وشخصه أنه هو الرجل الأجمل ويشبه كثيرا لأمه التى هى أحسن ما وجد بين نساء تلك النواحي. ثم أنه من جهة العلوم أذهل مدينة أورشليم بأسرها لأنه يفهم كافة العلوم بدون أن يدرس شيئا منها البتة. ويمشى حافيا عريان الرأس نظير المجانين، فكثيرون إذ يرونه يهزأون به، لكن بحضرته والتكلم معه يرجف ويذهل. وقيل أنه لم يسمع قط عن مثل هذا الانسان فى التخوم. وبالحقيقة كما تأكدت من العبرانيين، أنه ما سمع قط روايات علمية كمثل ما نعلم عن يسوع هذا. وكثيرون من علماء اليهود يعتبرونه إلها ويعتقدون به، وكثيرون غيرهم يبغضونه ويقولون أنه مضاد لشرائع جلالتك، فترى فى قلقا من هؤلاء العبرانيين الأردياء، ويقال أنه ما أحزن أحدا قط بل بالعكس يخبر عنه اولئك الذين عرفوه واختبروه أنهم حصلوا منه على انعامات كلية وصحى تامة. وإنى بكليتي ممتثل لطاعتك ولإتمام أوامر عظمتك وجلالتك (خامساً) شهادة الوثائق الغنوسية لصلب المسيح: الغنوسيّة كلمة معربة عن اللفظة اليونانية gnosis ومعناها المعرفة. والغنوسيّة حركة دينية فلسفية تجمع تحت مظلتها فرقاً شتى تتباين في بعض مبادئها وتتفق في بعضها الآخر. وقد جعلت هذه الحركة المعرفة الأساس الذي بنت عليه عقائدها الدينية. أن تعليم الشبه في الغنوسية كان يرمي إلى غرض يختلف عما كان يرمي إليه آخرون. فالغنوسية أو بعض فرقها على الأقل رأت أن المسيح وهو إله متجسِّد? لا يمكن أن يتعرّض للصّلب لأن جسده يغاير أجساد البشر. لهذا يتعذر أن يكون المصلوب هو جسد المسيح. بينما الآخرون فلا ينكرون عملية الصليب ولكنهم ينكرون أن المصلوب كان المسيح , ليس على أساس طبيعة جسده إنما على أساس أن المسيح لم يصلب إطلاقاً بل رُفع إلى السماء بقدرة الله قبل أن يتمكن أعداؤه من القبض عليه وأوقع الله شبهه على آخر فحلّ محله. أن دراستنا للآثار الدينية والأدبية للحركة الغنوسية توفِّر لنا أدلة أخرى على صحة رواية الإنجيل عن صلب المسيح وقيامته ولا سيما ما ورد في المؤلفات الغنوسية الأولى كمثل إنجيل الحق (135-160 م) وإنجيل يوحنا الأبوكريفي (120-130) وإنجيل توما (140-200 م) ومع أن هذه الأناجيل غير موحى بها من الله فإنها كلها تتحدث عن الكلمة? وأن المسيح هو إله وإنسان. ونجد هذه الفقرة في إنجيل الحق: “كان يسوع صبوراً في تحمله للآلام... لأنه علم أن موته هو حياة للآخرين... سُمِّر على خشبة? وأعلن مرسوم الله على الصليب هو جرّ نفسه إلى الموت بواسطة الحياة... سربلته الأبدية. وإذ جرّد نفسه من الخرق البالية فإنه اكتسى بما لا يبلى مما لا يستطيع أحد أن يجرده منه”. ونطالع أيضاً في كتاب غنوسي The Secret Teaching of Christ وهو مؤلف من القرن الثاني ما ترجمته: “ فأجاب الرب وقال: الحق أقول لكم: كل من لا يؤمن بصليبي فلن يخلص? لأن ملكوت الله من نصيب الذين يؤمنون بصليبي. (سادساً) شهادة الوثائق المسيحية لصلب المسيح: الوثائق المسيحية دينية كانت أم أدبية أم تاريخية? هي سجل دقيق تعكس عمق إيمان آباء الكنيسة الأولى بكل ما تسلَّموه من التلاميذ من تعاليم وأخبار? إما عن طريق التواتر بالإسناد الموثق أو عن طريق الكلمة المكتوبة. كذلك هي إثباتات قاطعة على صحّة ما ورد في الأناجيل من أحداث وعقائد ولا سيّما ما يختص بموت المسيح وقيامته. وكما أن هذين الحدثين يشغلان حيزاً كبيراً من العهد الجديد فإنهما أيضاً كانا المحور الأساسي في مؤلَّفات آباء الكنيسة الأولى. يقول جوش مكدويل? وهو أحد كبار المختصين بالمخطوطات المسيحية: “لا يوجد كتاب في الدنيا تدعمه المخطوطات الكتابية القديمة كما هو الحال مع الكتاب المقدس. وقد شاءت العناية الإلهية أن يتم العثور على مخطوطات البحر الميت التي أثبتت? بما لا يدع أي مجال للشك صحة الكتاب المقدس وصدقه ولا سيما نصوص العهد القديم وبالأخص سفر إشعياء”. وبالطبع فإن هذه المخطوطات تنص على النبوّات المتعلقة بموت المسيح وقيامته كما هو الحال في الكتاب المقدس الذي بين أيدينا. وأكثر من ذلك إذا رجعنا إلى مؤلفات آباء الكنيسة منذ العصر الاول الميلادي وجمعنا مقتبساتهم من العهد الجديد لوجدنا أنه يمكن إعادة كتابة العهد الجديد بكامل نصه باستثناء سبع عشرة آية فقط. وهذه النصوص لا تختلف عما لدينا من نصوص العهد الجديد الحالي ومن جملتها كل ما جاء عن لاهوت المسيح وموته وقيامته. (1) رسالتان من تأليف اكليمندس أسقف روما. (2) رسائل قصيرة من تأليف أغناطيوس كان قد بعث بها إلى الأفراد والكنائس في أثناء رحلته من أنطاكية إلى روما حيث استشهد. جاء فى رسائل أغناطيوس (50 - 115 ميلادية) التى بعث بها إلى الأفراد والكنائس في أثناء رحلته من أنطاكية إلى روما حيث استشهد بقوله ما مضمونه أن المسيحية هي الإيمان بالمسيح ومحبته، والإيقان بالميلاد والآلام والصلب والقيامة وبأن المسيح ذاق الموت بالجسد. (3) رسالة بوليكارب تلميذ الحواري يوحنا إلى أهل فيلبي (110 ميلادية) تحدث فيها عن السيد المسيح بأنه " أحتمل الموت لأجل خطايانا، ولكن الله أقامه ناقضا أوجاع الموت.. وأن الله أقام ربنا يسوع من الأموات وأعطاه مجدا وعرشا (4) الديداتشي أو تعليم الرسل? وهو كتيب مبكر يدور حول أمور عملية متعلقة بالقيم المسيحية ونظام الكنيسة. (5) رسالة عامة منسوبة إلى برنابا وفيها يهاجم بعنف ناموسية الديانة اليهودية? ويبين أن المسيح هو تتمة شريعة العهد القديم. (6) دفاعيات جاستيان الشهيد (150 ميلادية) وقد أورد فيها طائفة من الحقائق الإنجيلية المختصة بشخص المسيح وحياته الأرضية وصلبه وقيامته, وقد أشار جاستيان الشهيد فى دفاعه الأول إلى أن صلب المسيح يثبته تقرير بيلاطس. (7) جاء فى كتابات كوادراتس وهو من أشهر المدافعون عن الإيمان المسيحى وكان معاينا للرب فى الجسد ما يثبت أن ما جاء فى الأناجيل عن حياة السيد المسيح وأعماله كانت متواترة من شهود عيان كثيرين بقوله ما نصه: “إن منجزات مخلصنا كانت دائماً أمام ناظريك لأنها كانت معجزات حقيقية? فالذين برئوا والذين أقيموا من الأموات لم يشهدهم الناس عندما برئوا أو أقيموا فقط بل كانوا دائماً موجودين (معهم). لقد عاشوا زمناً طويلاً. ليس فقط في أثناء حياة المسيح الأرضية بل حتى بعد صعوده. إن بعضاً منهم بقوا على قيد الحياة إلى وقتنا الحاضر.(أى حتى عهد هادريان 117 - 138 ميلادية). "يوسابيوس القيصرى " تاريخ الكنيسة " ص 182" وكذلك مخطوطة راعي هرمس وقد دعيت بهذا الاسم نسبة إلى أبرز شخصيات الكتاب. أما فحوى المؤلَّف فينطوي على مجموعة من الأمثال والأوامر المختصة بالعقيدة. (سابعاً) شهادة تاريخ الكنيسة لصلب المسيح: (1) الرسوم والنقوش وشعار الصليب يوفر لنا تاريخ الكنيسة أيضاً بيّنات هامة على اعتقاد مسيحيي القرون الأولى الوثيق بصلب المسيح وموته وقيامته?و هو شعار الصليب , وهذا دليل مادّيّ، لا يجوز لأحد أن ينكره، لأنّ لكلّ دين شعاره كالنجمة السداسيّة لليهود، والهلال للمسلمين. وإشارة الصليب عُرِفَت من أقدم عهود المسيحيّة، وقد نقشها المسيحيّون الأوائل على أضرحة الموتى وفي السراديب التي كانوا يجتمعون فيها سرا في زمن الاضطهاد خوفاً من جواسيس الحكومة الرومانية الوثنية. لقد عمد المسيحيون إلى نقش شعار الصليب على أضرحة موتاهم تمييزاً لها عن أضرحة الوثنيين. فلو لم يكن هؤلاء المسيحيون على ثقة أكيدة من صلب المسيح لما أخذوا الصليب شعاراً لهم? ولا سيما أن الصليب كان رمز عار عند اليهود والرومان على حد سواء. أما الآن بعد صلب يسوع المسيح البار عليه أصبح رمز فخر وإيمان. لو لم يكن الصليب حقيقة متأصلة في إيمان هؤلاء المسيحيين لما تحملوا من أجله كل اضطهاد واستشهدوا في سبيله. وبعض هؤلاء كانوا شهود عيان لصلب المسيح? والبعض الآخر تسلموا هذه الحقائق من الحواريين أو مما وصل إلى أيديهم من الأناجيل والرسائل المكتوبة التي أوحى بها الروح القدس. (2) الممارسات العقائديه الممارسات العقائديه وبالأخص الأفخارستيا التي مارسها السيد المسيح في الليلة التي سلم فيها ذاته فقد احتلت مكانة مرموقة في ممارسات الكنيسة على مر العصور. وترجع أهمية هذه الممارسه العقيدية إلى أنها تعني سفك دم السيد المسيح وصلبه لأجل خلاصنا ومن الملاحظ أيضاً أن سر المعموديه يمنحنا بركات موت المسيح فداءً عنا ويعطينا ميلادا جديدا من الماء والروح وقد حض السيد المسيح تلاميذه على القيام به (إنجيل متى 28: 19) لنوال هذه النعمه , قد مارسه التلاميذ أنفسهم تطبيقاً لوصية المسيح بالذات. وما برحت الكنيسة تمارسه إلى هذا اليوم. (ثامناً) شهادة الأدلة المادية لصلب وقيامة المسيح: (1) الكفن المقدس لا شك أن الكفن المقدس المحفوظ بتورينو بإيطاليا يقدم برهان لا يضحد على قيامة المسيح. لأن كل الذين كفنوا ظلوا فى أكفانهم. الكفن الوحيد الذى قام صاحبه حقا هو كفن الرب. ولو أن التلاميذ سرقوا جسد المسيح أو الشبيه ألم يكن من المنطقى أن ينقلوه بأكفانه. والواقع أن الأبحاث العلمية على الكفن المقدس أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الكفن خاص بشخص مصلوب ظهرت صورته ثلاثية الأبعاد على الكفن بطريقة إعجازية أثارت حيرة العلماء وأنتهوا إلى أنها نجمت عن تفجر الضوء فى لحظة قيامة الرب وخروجه من الكفن دون أن يحله, وبذلك قدم الكفن شهادة بموت السيد المسيح كما قدم شهادة بقيامته. وقد أظهرت التحاليل والأشعة وجود آثار دماء من فصيلة غير معروفة فى أماكن الجراحات فى الرسغين والقدمين والجنب كما بينت آثار الجلد وجراحات إكليل الشوك. فإثبتت التحاليل والأشعة صحة رواية الإنجيل عن جراحات المسيح كما قوضت قصة الشبيه لأنه لو كان المصلوب شبيها بالمسيح لكانت دماءه من فصيلة بشرية معروفة. أما وحيث بينت الأبحاث أن دم المسيح لم يكن من فصيلة بشرية معروفة فإن هذا يثبت أن المصلوب هو المسيح لأنه وحده الذى ولد بدون زرع بشر لهذا كان دمه هو الدم الوحيد الذى بلا عيب ولا دنس إذ لم يؤخذ من زرع بشر بل من الروح القدس. (2) القبر الفارغ المحقق أن اليهود لا ينكرون صلب المسيح ولكنهم ينكرون قيامته وذلك رغم القبر الفارغ الذى يشهد إلى اليوم بقيامة المسيح. فالختوم التى ختم بها رؤساء اليهود قبر المسيح والحراسات الرومانية التى أقاموها حوله لم تستطع أن تحول وإعلان القيامة بل على العكس أثبتتها إذ لم يستطيعوا أن يقدموا للعالم جثة المسيح فزعموا أن تلاميذه جاءوا ليلا وسرقوه رغم الختوم والحراسات. فإذا كان الذى صلب هو شبيه للمسيح فأين جثته ولماذا صار القبر فارغا. هل قام من الموت أم سرقت جثته. فإن كان الذى صلب ودفن وسرقت جثته ليس هو المسيح فنور من الذى يشرق من القبر سنويا فى ذكرى القيامة المجيدة. (3) إنطلاق النور من قبر المسيح فى سبت النور من كل عام يشهد بحقيقة القيامة المجيدة إنبعاث النور من قبر المسيح بأورشليم عند الإحتفال بهذه الذكرى فى سبت النور سنويا. (4) إخراج الشياطين باسم الرب يسوع المسيح يشهد بحقيقة الصلب أيضا قوة الصليب وتأثيره على المعترين بالشياطين والأرواح النجسة. (5) ظهورات العذراء فى مختلف أنحاء العالم ويشهد بصحة الإيمان المسيحى الظهورات المتكررة للعذراء مريم فوق قباب الكنائس الرسولية فى مختلف أنحاء العالم. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
موضوع كامل عن معمودية رب المجد يسوع المسيح |
موضوع كامل عن الفِطريات |
موضوع كامل عن تاريخ علم التشريح |
موضوع كامل عن الحشرات |
موضوع كامل عن خلق الإنسان وسقوطه وفدائه |