رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قطار التربية السليمة الأب سامي حلاق اليسوعييسير على سكّتيّ المزيد والمحبّة البصيرة بوجه عام، لا يعرف الإنسان عن نفسه إلاّ القليل. ومعرفته الناقصة لذاته تجعله يسعى إلى غاية محدودة. حين يبلغها يكفّ عن التطوّر مدّعياً أنّه لا يستطيع أن يكون غير ذلك. لكنّنا نرفض هذا المبدأ، ونحثّ المتربّين عندنا على "المزيد". ونقصد بكلمة "المزيد" تلك الحركات المستمرّة في انطلاقة مندفعة مستديمة بلا كلل ولا ملل، من أجل تمجيد الله وخدمة البشر بازدياد لا حدّ له. فالمزيد مسيرة نحو الأفق. يتقدّم فيها المرء نحوه باستمرار دون أن يبلغه. وفي أثناء تقدّمه، يكتشف كم لديه من طاقات وإمكانات دفينة كان يجهلها. أمّا "المحبّة البصيرة"، فهي القدرة على حبّ الأشياء باعتدال ومنطقيّة، والتعامل معها بوعي. بالمحبّة البصيرة يستطيع المرء أن يختار ما هو أفضل بالنسبة إليه في هذا الوضع وبموجب هذه الظروف وبمقتضى هذه الأحوال. ويغيّر اختياراته مع تغيّر تلك العناصر أو بعضها. ويفرض اتّباع أسلوب "المحبّة البصيرة" علينا ألاّ نحتمي وراء القانون أو القرار، بل أن نستثني بعض الأشخاص نظراً إلى أوضاعهم وظروفهم، حتّى وإن بدا الأمر للعامّة سلوكاً مستهجناً نفضّل فيه أناساً على آخرين. إنّنا نسعى، في جوّ من "المحبّة البصيرة"، إلى ضبط المندفعين وحثّ البليدين وإثارتهم. وهذا يضفي على عمليّتنا التربويّة ديناميكيّة خاصّة، ويحثّنا على تطبيقها بأسلوب شخصيّ. فـ"المزيد" هدفنا، و "المحبّة البصيرة" وسيلتنا. لأنّ المزيد يجمع بين ما هو مطلق ونسبيّ. مطلقيّة الهدف ونسبيّة تحقيقه. أمّا "المحبّة البصيرة" فتجمع بين ما هو نسبيّ ومطلق. نسبيّة الوسائل المستخدمة ومطلقيّة السعي في سبيل "المزيد". وهكذا، يستمدّ "المزيد" من "المحبّة البصيرة" روح المحبّة الّتي تحرّك العمليّة التربويّة وتلهمها، وتستقي "المحبّة البصيرة" من "المزيد" حيويّته وسعيه الدؤوب نحو ما هو أفضل وأعظم وأثمن. وحقيقة نهجنا التربويّ تكمن في تفاعل هذين القطبين وتضافرهما وتوحيدهما جدليّاً: لا "المزيد" وحده، ولا "المحبّة البصيرة" وحدها، بل كلاهما في آن واحد. |
|