الذات والله (١)

[tito227]

الذات والله (١)

مقال لنيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس - مطران البحيرة ومطروح والخمس المدن الغربية

١٨ سبتمبر ٢٠١٤

حرب الذات أحد الحروب الروحية التى تواجه الأنسان فى طريقة نحو الله وهى حرب قاسية تجعل الأنسان ينسى كل مايعملة الله لأجلة ويتذكر فقط نفسه..وقدراته..واحتياجاته..ومخاوفه.
هى حرب فيها لايستطيع الأنسان ان يرى الله او يسمعه لأنه يصبح منشغلا بذاته فقط متمركزا حول نفسه .. فيختفى الله من حياته ولايصبح قادرا ان يرى النور الذى بداخله،ومن أشهر الشخصيات الكتابية التى عانت من هذة الحروب هو إيلياالنبى ويذكر الكتاب فى سفر الملوك الأول قصة إيليا النبى هكذا”أخبر آخاب بك ماعمل إيليا وكيف أنه قتل جميع الأنبياء بالسيف فأرسلت إيزابل رسولا الى إيليا تقول هكذا تفعل الآلهة وهكذا تزيد إن لم أجعل نفسك كنفس واحد منهم فى نحو هذا الوقت غدا فلما رأى ذلك قام ومضى لأجل نفسه واتى الى بئر سبع التى ليهوذا وترك غلامه هناك ثم سار فى البرية مسيرة يوم حتى أتى وجلس تحت رتمة وطلب الموت لنفسه وقال كفى الآن يارب خذ نفسى لأنه لست خيرا من أبائى وأضطجع ونام تحت الرتمه وإذا بملاك قدسه وقال قم وكل فتطلع وإذا كعكة رغيف كوز ماء عند رأسه فأكل وشرب ثم رجع فأضطجع ثم عاد ملاك الرب ثانية فمسه وقال قم وكل لأن المسافة كثيرة عليك فقام وأكل وشرب وسار بقوة تلك الآكلة أربعين نهارا وأربعين ليلة الى جبل الله حوريب ودخل هناك المغارة وبات فيها “(1مل 19 : 1- 8 ).
وشخصية إيلياالنبى فى الكتاب المقدس هى من أعظم وأقوى شخصيات الكتاب فهو النبى الذى أستطاع بصلاته أن يوقف المطر من السماء لمدة ثلاث سنوات وستة أشهر وذلك عندما تجبرآخاب الملك وزوجته إيزابل على الرب وهو أيضا النبى الذى أستطاع بكل قوة ان يواجه الملكة إيزابل الشريرة ويقف فى مواجهة كل أنبياء البعل. إذ طلب من أنبياء البعل ان يقدموا له ذبيحة فى حين يقدم هو وكل الشعب ذبيحة للرب إله إسرائيل ، وعندما قبل الرب ذبيحة إيليا بينما رفضت ذبيحة أنبياء البعل أستطاع إيليا ان يقتل كل أنبياء البعل وكهنته
الذين بلغ عددهم 850 نبيا (امل 18: 19) يحكى الكتاب ان إيليا هذا النبى الجبار خاف “ومضى لأجل نفسه عندما هددته الملكة إيزابل !!اى انشغل بذاته ..فخاف!!
كيف تأتى حرب الذات؟
تأتى حرب الذات عندما ينسى الانسان الله ..وينسى عمله فى حياته.. فقد نسى إيليا كيف عاله الله لسنوات فكان يرسل له غراب ياتى له بخبز ولحم عند نهر كيريت ونسى كيف سمع صلاته وقبل ذبيحة أنبياء البعل ..ونسى كيف شدد الله يده ليقف أمام أخاب الملك وزوجته إيزابل..
- أما الآمر الآخر الذى تاتى بسببه حرب الذات فهو ان يضع الأنسان ثقته فى ذاته وحدة فيخاف.. ويضطرب ..جيد ان يثق الأنسان فى نفسه وان يهتم لنفسه ليكون أمينا مع نفسه ، ويهتم بنفسه ويكون هدفه خلاص نفسه .. لكن مع كل ذلك ينبغى ان يحرص الأنسان ألا تصير ذاته هى مركز كل شئ .. بل ليضع امامه وبه يستطيع ان يثق ويهتم وينجز لأن الذى يهتم لأجل نفسه أقل تجربه تقابله تخيفه فتجعله يهرب لانه لايملك سند قوى يستند إليه.
- مشكلتنا اننا نهتم بكل شئ لأجل ذواتنا !! جيد ان تهتم بكل شئ لكن لاتهتم من أجل ذاتك بل من اجل الله .. نعم أهتم بتنظيم حياتك وتدبيرها .. نعم اهتم ببيتك ..وأسرتك .. وأولادك لكن ليس لأجل نفسك ..بل من أجل الرب لينالوا أبدية سعيدة ..ويتمموا خلاصهم فيه.
قل له يارب الذى لى هو ملكك ..أولادى هم أولادك ..لذلك احرص ان يكون الله هو مركز الدائرة فى حياتك وليس ذاتك ، وفى قصة إيليا ايضا يمكننا ان نتأمل عدة أمور فى حديثه الطويل وهى:-
+ ماذا يصنع الذات فى الانسان؟!
+ وكيف يتعامل الله مع ذواتنا ؟!
+ وكيف نتخلص من سلطان ذواتنا ؟!
أمور كثيرة نتناولها فى الأسابيع القادمة وإلى اللقاء فى المرة القادمة.