القديس بولس يتحدث عن الحياة المسيحية البشرية ويصفها بالمثلث (الإيمان والرجاء والمحبة) وأعظمها المحبة. هذه الحياة تتحقق من خلال الفضاءل الثلاث (ا كور 13:13). هذه الفضائل الثلاث تكون جسدا واحدا وأساسها الإيمان ام المحبة فيه اعظمها (اكور 13:13)، وهذا ما ذكره القديس بولس في رسالته إلى أهل غلاطية "ففي المسيح يسوع لا قيمة للختان ولا للقلف، وإنما القيمة للإيمان العامل بالمحبة" (غلا 5/6).
في العهد القديم العناصر الثلاث لدعوة للشعب ترتكز على الفضائل فهم كشعب وكأعضاء:
1- مدعوون إلى الإيمان بالله الذي يكشف ذاته لهم.
2- مدعوون إلى الثقة بالله وبمعونته.
3- مدعوون إلى محبة الله بكل قلوبهم.
في العهد الجديد تعرض هذه الفضائل الإلهية الثلاثة، كجواب أساسي من الإنسان الى الله هو:
1- المسيح يدعو إلى الإيمان برسالته "حان الوقت واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالبشارة" (مر 1/15). التوبة لا تكفى وإنما التوبة بحاجة إلى الإيمان، فكل معجزات المسيح مبنية على الإيمان، وإن لم يتوفر الإيمان لم تتوفر المعجزة.
2- المسيح يدعو إلى الثقة بوعوده "لا تضطرب قلوبكم، إنكم تؤمنون بالله فآمنوا بي أيضاً" (يو 14/1). لا تحزنوا كمن لا رجاء لهم.
3- مدعوون إلى محبة المسيح "أحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك وكل قوتك" (مر 12/ 30).
في الكتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية رقم 1813 "الفضائل الإلهية هي في أساس الفعل الأخلاقي المسيحي، وهي تنعشه وتميزه. وهي التي تعطي الفضائل الأخلاقية صورتها وتحييها. ينفح الله بها نفس المؤمنين ليجعلهم قادرين على أن يسلكوا كأبنائه، وأن يستأهلوا الحياة الأبدية. إنها عربون حضور الروح وفعلهِ في قوى الكائن البشري. والفضائل الإلهية ثلاث: الإيمان والرجاء والمحبة".
الفضائل الإلهية تسمو بالإنسان المسيحي، وتدفعه إلى عمل أعمال تعزز الفضائل الأدبية. وحتى تجعل الإنسان قادر على التصرف كإبن لله وكوريث للحياة الابدية، وهي ضمان حضور الروح القدس في الحياة الإنسانية. فالفضيلة تذكر بالروح القدس، وهي تدفع وتدعم كل عمل بشري يقوم به الإنسان.
أصل وهدف وغاية الفضائل الإلهية
الأصل: هو الله نفسه، وهو منبع الفضائل ويمنحها للإنسان، وهذه الفضائل تمثل تحقيق الوحدة السامية بين الله والإنسان، فالله يعطي الفضائل للإنسان حتى يقيم وحدة بينه وبين الإنسان.
الفضائل تكشف من قبل الله "طوبى لك يا سمعان بن يونا، فليس اللحم والدم كشفا لك هذا، بل أبي الذي في السموات" (مت 16/17).
منبع الفضيلة من الله وهو مانحها، فهو الذي يقوينا بالإيمان، فبقدر إنفتاحنا على الله نكتشفها ونتعامل معها بصورة أسرع وأفضل. "الرجاء لا يخيب صاحبه، لأن محبة الله أفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي وهب لنا" (رو 5/5).
موضوعها (غايتها): الفضائل الإلهية موضوعها الله، فالله يعرف من خلال الإيمان، فالله يوثق به ويُحب من أجل ذاته. علينا أن نتوصل بأن تكون محبتنا لله بالذات، من خلال هذا الإيمان نحن نتوجه إلى الله الذي يكشف ذاته لنا. ومن خلال الرجاء إلى الله الذي يعدنا بالحياة الأبدية والسعادة. من خلال المحبة إلى الله الذي أحبنا هو أولاً.
الاتحاد مع الله ًهو Objet materiel.
وهدف التوجه نحو الله هو Objet formel.
الفضائل في علاقة متبادلة والمحبة هي التي تمثل حلقة الوصل. فالإيمان الذي تنقصه المحبة يعتبر ايمانا ناقصا، والرجاء الذي تنقصه المحبة يعتبر رجاءا ناقصا. إن أحببت الله يكون إيمانك كاملا، وإن خفته يصبح إيمانك ناقصا. الفضائل في علاقة متبادلة فيما بينها وتشكل المحبة حلقة الوصل والاساس. فالإنسان الذي ينال الخلاص عنده إيمان مع محبة، الشيطان أيضاً عنده إيمان بالله ولكن إيمانه ناقص لأن إيمانه لا يحتوى على محبة.
الإنسان الخاطىء يخاف من الله لأن إيمانه ناقص، فالمحبة ليست شكل خارجي للفضائل ولكن هي المحرك وغاية الفضائل.
الإيمان هو مهم لأنه يشكل Objet formel quo (كل الفضائل الأخرى تصبح فائقة الطبيعة من خلال الإيمان).
بدون إيمان تصبح محبتنا بشرية، فجذور الحياة المسيحية هي الإيمان، المحبة هي الأساس أما الجذور فهي الإيمان. الإنسان يريد في النهاية أن يتحد بالله.
ما الفرق بين الفضائل الإلهية والفضائل الأدبية؟
الفضائل الأدبية الفضائل الإلهية
موضوعها الخير البشري والشرف والنبل. موضوعها الله
تقدم لنا وسائل لتحقيق هدفها وموضوعها. توجهنا الى الله كغاية فائقة للطبيعة
ليس بالضرورة أن تكون مباشرة من الله أو الإيمان. مفاضة من الله
قادرة أن تصبح فائقة الطبيعة بقوة الفضائل الإلهية. فائقة الطبيعة
فيها إعتدال. لا يوجد فيها إعتدال بل نمو وتكامل
الحياة المسيحية المبنية على الفضيلة تشمل كل مجالات الحياة المسيحية وتضعها تحت تصرف الروح القدس.وتقودها الى درجات سامية في حياة الوحدة مع الله.
قال القديس بولس يا رب نحن نؤمن ولكن زدنا إيماناً وهذا ما عبر عنه القديس توما الأكويني عندما قال بأننا "لا نستطيع أن نكون قد آمنا أكثر مما يجب أن نكون".
العهد الجديد يحتوى على ثلاثة أناشيد تتكلم عن الفضائل الإلهية.
الإيمان (روما 10: 4-21)
غاية الشريعة للمؤمن هو المسيح، فالقديس بولس يغني رسالته إلى أهل رومة بنشيد عن فضيلة الإيمان، إذ يقول: "قد كتب موسى في البر الآتي من أحكام الشريعة: إن الإنسان الذي يتمها يحيا بها. وأما البر الآتي من الإيمان فيقول هذا الكلام: لا تقل في قلبك: من يصعد إلى السماء؟ (أي لينزل المسيح) أو: من ينزل إلى الهاوية؟ (أي ليصعد المسيح من بين الأموات) فماذا يقول إذا؟ إن الكلام بالقرب منك في فمك وفي قلبك، وهذا الكلام هو كلام الإيمان الذي نبشر به....." (رو 10/4- 21). لهذا يجب أن ننادي بالإيمان في شخص يسوع المسيح.
الرجاء ( روما 8: 19-30)
لقد تحدث القديس بولس الرسول عن الرجاء في رسالته إلى أهل رومة أيضاً إذ يقول: "الخليقة تنتظر بفارغ الصبر تجلي أبناء الله. فقد أخضعت للباطل، لا طوعاً منها، بل بسلطان الذي أخضعها، ومع ذلك لم تقطع الرجاء، لأنها هي أيضاً ستحرر من عبودية الفساد لتشارك أبناء الله في حريتهم ومجدهم، فإننا نعلم أن الخليقة..." (رو 8/19 - 30).
المحبة ( 1كور 13: 1-13، 8: 31-39)
يتحدث القديس بولس عن المحبة بصورة واضحة في رسالته إلى أهل قورنتس إذ يقول: "لو تكلمت بلغات العالم، ولم تكن لي المحبة، فما أنا إلا نحاس يطن أو صنج يرن. ولو كانت لي موهبة النبوءة وكنت عالماً بجميع الأسرار وبالمعرفة كلها، ولو كان لي الإيمان الكامل فأنقل الجبال، ولم تكن لي المحبة، فما أنا بشيء... فالآن تبقى هذه الأمور الثلاثة: الإيمان والرجاء والمحبة، ولكن أعظمها المحبة". (1 قور 13/1 - 13).