أمّا إذا أتينا نقيض هذا فإنّنا نسيء إلى الله وقداسته، 'أي إنّ كلّ الغرباء عن إيماننا يقولون عنّا، وهم يشاهدوننا منصرفين إلى أعمال سيئة: ليسوا أهلاً لأن يكونوا أبناء الله'، كما يقول أيضًا ثيودوروس أسقف المصيصة.
لقد أوحينا أنّ موقف يسوع الذي قاده إلى الصليب هو أكمل إعلان لقداسة الله، ولعلّ هذا يكشف لنا السبيل الحقّ الذي يجب أن يسلكه المؤمنون ليقدّسوا اسم الله.
فالموت عن كلّ إثم هو نوع من أنواع الإخلاص الذي يُظهر، بقوّة، هذه القداسة. فالله، في الأخير، يُعرَف وتظهر قداسته في المؤمنين الذين لا يساومون على محبّته.
ويبقى هذا، في سياق تنازل الله، دلالة ساطعة، في التاريخ، على أن الله حيّ ومخلّص كل الذين يمجّدونه ويشكرونه، وانه قدّوس في ذاته وفي الذين يعملون بحبّهم ودمهم 'من أجل خلاص العالم'. ليأتِ ملكوتك أو ' ليأتِ روحك القدّوس'، كما يقول نصّ قديم لإنجيل لوقا. وملكوت الله هو قوّة الله ونوره وفرحه ونعمته وملكه.... ولقد بدأ حقًّا، حسب شهادات الكتب المقدّسة، في التاريخ الخلاصيّ (ولو أنّ الشرور، في كلّ وجوهها، مازالت موجودة في العالم)، وهو سيُعلَن كاملاً في اليوم الأخير، وفق الوعد الصادق. في الطلبة الأولى صلّينا ' ليتقدّس اسمك'، وتقديس اسم الله، كما بيّنا معنى العبارة في مقالة آنفة، هو الذي يحضّ المؤمنين على أن يستعجلوا حلول ملكوته كاملاً.
غير أنّ هذا لا يعني، حصرًا، أنّ إخلاص المخلصين هو الذي يدفع الله إلى أن ينهي 'أزمنة الناس'، فقد يكون العكس هو الصحيح (أنظر: لوقا 8: 18؛ متّى 24: 12)، بل إنّ حياتهم الصادقة هي، في جوهرها، كشف لهذا الملكوت العظيم وامتداد له.