الاعتراف المقدس
هل لاحظتم أن اللص قد تبرر بفضل اعترافه عن خطاياه؟ إن الإحساس الإلهي نحو البشر عظيم جداً. إنه لم يشفق على ابنه الخاص لكي يشفق على العبد. لقد سلم ابنه الوحيد لكي يفتدي العبيد الجاحدين وسفك دمه كثمن لهم.
يا للإحسان الإلهي أرجوكم لا تعودوا تحتجّون بقولكم: لقد أخطأت كثيراً فكيف يمكن أن أخلص. لأن ما لا تستطيعون أن تعملوه, فالله يستطيعه, وقدرته قادرة حتى إلى محو كل خطاياكم.
انتبهوا لما سأقوله: الله يمحو خطاياكم بحيث أنه لا يعود يتبقى لها أي أثر. مثل هذه الأعجوبة لا توجد في الطبيعة, فالطبيب يستطيع أن يظهر كل مهارته وحذقه كلي يعالج جرحاً, ومع ذلك لن يصل لمحو كل أثر لذلك الجرح
تخيلوا مثلاً أن رجلاً ضُرب على عينيه عدة مرات, فحتى ولو كل مرة اعتنى بجرحه فمع ذلك ستتبقى هناك ندبة (أثر الجرح) وهذه الندبة ستشهد بعد ذلك على الجرح القديم. سيبذل الطبيب قصارى جهده لكي يمحو هذه الندبة ولكنه لن يستطيع, لأنه سيصطدم دائماً بضعف الطبيعة إلى جانب محدودية علمه وأدويته. أما الله فإنه يمحو كل الخطايا ويفعل هذا بحيث لا يترك أي أثر لأية ندبة, ويحرر النفس من كل شر ويجعلها تستعيد جمالها الأصلي. وهو يقدم لها بره كله لكي يقيها كل عقوبة, وفي النهاية يجعل الخاطئ من كل الأوجة مماثلاً لمن لم يخطئ. وبالإجمال فإن الخطية تختفي تماماً وكأنها لم توجد قط, فلا ندبة على الإطلاق ولا أثر ولا شاهد ولا دليل.