رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل الغفران مصالحة كلمة الغفران هي ذاتها كلمة المصالحة. بالخطيئة انفصلنا عن الله وابتعدنا... بالتوبة نعود إليه، فيقبلنا: "... وكان لم يزل بعيداً إذ رآه أبوه فأشفق عليه وأسرع إليه فألقى بنفسه على عنقه وقبّله طويلاً" (لوقا 15، 20). الله الغني بالمراحم لا يغلق قلبه امام أي كان من أبنائه. انّه ينتظرهم جميعاً، لا بل يذهب في طلبهم، وينزل إلى قعر هاوية رفضهم وعزلتهم وانقساماتهم، ويدعوهم إليه، لا بل يحملهم على كتفه فرحاً، ويرجع بهم إلى البيت العائلي ويُجلسهم إلى مائدته، ويدور يتردد في خدمتهم. انّها فرحة الغفران والمصالحة تتحقق كل يوم في الكنيسة في سرّ التوبة. (راجع لوقا 15/ 3-7 ، 12/37). هكذا الله يغفر. غفرانه، ليس "محو الخطيئة" او غض النظر عنها، كأنها لم تكن بل خلق جديد كياني، واعادة علاقات جديدة، علاقات محبّة مع الله ومع الأخوة. هذه هي المصالحة الأولى، العظمى، الينبوعية، كما وصفها البابا يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي "المصالحة والتوبة" (2/ 12/ 1984) عدد 4: عن هذه المصالحة تكلم الكتاب المقدس داعياً الناس إلى بذل كل الجهود الممكنة في سبيل تحقيقها (2 قورنتس 5 / 19-20). فهي عطيّة رحمة الله (روما 5/ 11). وتاريخ الخلاص كما وتاريخ البشريّة وتاريخ كلّ إنسان هو تاريخ هذه المصالحة العجيبة (قولسي 1/ 20). الله الآب شاء أن يصالح كل موجود بدم ابنه على الصليب، فيخلق لنفسه شعباً جديداً "عائلة المصالحين". وكي تتحقق، تفترض هذه المصالحة التحرر من الخطيئة واستئصالها من بذورها. فلا مصالحة دون ارتداد القلب والعودة إلى الله من الصميم بالتوبة. بـاختصــار نقــول: 1- التنقية من الخطيئة هي فعل باطني، فعل عودة إلى الله بملء الحرية والرضى. هذا الارتداد يفترض الإيمان والمحبة والرجاء، كما وانه يقتضي قبول سر التوبة الذي رسمه الرب في كنيسته لغفران الخطايا: "خذوا الروح القدس، من غفرتم لهم خطاياهم تغفر لهم..." (يوحنا 20/ 22). 2- اعمال التوبة عديدة، لا بل كل عمل من اعمالنا يمكن عيشه بروح التوبة، باسمنا الشخصي وباسم الكنيسة، لا بل باسم البشرية جمعاء، فنكمّل بجسدنا ما نقص من آلام المسيح لأجل جسده الذي هو الكنيسة. (قولسي 1/ 24). فهنالك الأعمال الإلزامية وتلك الاختيارية: أ- أعمال التوبة الإلزامية : انها ملازمة عيشنا اليومي، نابعة من قيامنا بواجبات حالتنا، وحملنا ثقل النهار وحرّه. (متى 20/ 12): احتكاكات واصطدامات، ازعاجات وجهود، اوجاع وأمراض، واخفاقات وأحزان وهموم... ب- أعمال التوبة الاختيارية : بوسع كل إنسان مسيحي، لا بل يلزمه بروح السخاء والمحبة، ان ينتقي بعض الأعمال والممارسات، وإن لم تكن متوجبة عليه إلزاماً، فيقوم بها بنية المساهمة مع الربّ بسرّ فداء البشر. نعم انها اقل اهمية من الأعمال الإلزامية انما لا تستطيع النفوس المكرسة السخية اهمالها والتغاضي عنها : افعال سيطرة على الذات ولجم الحواس الباطنية والخارجية، والعقل، والإرادة، والذاكرة، والمخيلة، النظر والسمع والشمّ وكل متطلبات الجسد الأنانية، من شراب وطعام وملبس ونوم واستراحة... 3- التوبة ليست ليوم بل لكل يوم، وليست لإنسان واحد بل لكل الناس: "من منكم دون خطئية؟"... (يوحنا 8/ 7)، "ما من احد بار... ضلّوا جميعاً وفسدوا" (روما 3/ 10). والإصلاح لن ينتهي، يدوم ما دامت الحياة، كما ان خطر السقوط يهددنا في كل لحظة: "من كان واقفاً فليحذر الا يسقط". (1 قورنتس 10/ 12) لا بل "البار يسقط سبع مرات في النهار" (امثال 24/ 16). الحياة المسيحيّة إذاً هي حياة توبة دائمة. والكنيسة ورغم انها مقدّسة، تحوي في حضنها الخطأة، وعليها أن تتطهر دوماً جادّة باستمرار إلى التوبة والتجدد. (دستور عقائدي في الكنيسة عدد 8). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لنطلب الغفران من سيد الغفران |
مصالحة.. أم هدنة؟ |
مسامحة الجندي |
لا مصالحة مع الخونة |
مصالحة |