رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيح يُعرِّفناعن الروح القدس 1. في مشهد غير مسبوق ظهر الروح القدس (مثل حمامة) نازلاً من السماء على الرب الصاعد لتوِّه من الأردن بعد عماده من يوحنا المعمدان، وهو الحدث الذي عرفته الكنيسة باسم: ”الثيئوفانيا“ أو ”الظهور الإلهي“ (مت 3: 16؛ مر 1: 10؛ لو 3: 22). فدخول الابن إلى العالم كان تمهيداً لتحقيق الوعد الإلهي بأن يسكب الله روحه على البشر (يؤ 2: 28-32)، وهو ما أشار إليه الرب ضمن كلماته الأخيرة لتلاميذه قبل صعوده: «وفيما هو مجتمعٌ معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه مني، لأن يوحنا عمَّد بالماء وأما أنتم فستتعمَّدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير» (أع 1: 5،4)؛ وهو أيضاً ما أشار إليه القديس بطرس في خطابه يوم الخمسين وقد تحقَّق الوعد القديم الذي سجَّله يوئيل النبي بانسكاب الروح القدس على البشر (أع 2: 14-21). 2. وقد كشف الرب لتلاميذه ولكل المؤمنين عن دور الروح القدس المساند لهم وقت اضطهادهم، لأنه روح الكرازة والقوة، وهو الشفيع والمدافع عن الإيمان، والذي ينزع الخوف عن الكارزين ويتكلَّم فيهم أمام المقاومين: «فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلَّمون لأنكم تُعطَوْن في تلك الساعة ما تتكلَّمون به، لأنكم لستم أنتم المتكلِّمين، بل روح أبيكم الذي يتكلَّم فيكم» (مت 10: 20،19)، «... لأن الروح القدس يُعلِّمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه» (لو 12: 12). 3. وفي حديثه الطويل الأخير لتلاميذه ليلة آلامه أخذ الرب يكشف لهم عمَّا سيمرُّ بهم بعد قليل، مُبيِّناً أنه لن يتركهم يتامى بل أنه سيأتي إليهم في الروح القدس المعزِّي (يو 14: 18)، وألقى الضوء على عمل الروح القدس في الكنيسة والمؤمنين ودوره في العمل الخلاصي بعد صعود الرب من مَنْح المبشِّرين بالخلاص قوة الكرازة وعمل الآيات والصمود أمام القوى المضادة، وإعداد القلوب للإيمان وقبول المخلِّص، والسلوك في حياة القداسة، وطاعة الكلمة والانفتاح على الحياة الأبدية، كما أنه روح الحق الذي يشهد ويُصدِّق على عمل الابن ويذكِّر بما قاله وعمله، آخذاً مما له وفائضاً به على الكنيسة، والذي يوحي ويكشف عن المستقبل ويعدُّ للمجيء الثاني للرب: + «وأنا أطلب من الآب فيُعطيكم مُعزياً آخر (فالمسيح هو معزِّيهم الذي سيُفارقهم بالجسد) ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه. وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكثٌ معكم ويكون فيكم» (يو 14: 17،16). + «وأما المعزِّي الروح القدس الذي سيُرسله الآب باسمي، فهو يُعلِّمكم كل شيء ويُذكِّركم بكل ما قلته لكم» (يو 14: 26). + «ومتى جاء المعزِّي الذي سأُرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي» (يو 15: 26). + «إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزِّي. ولكن إن ذهبتُ أُرسله إليكم» (يو 16: 7). + «وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلَّم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلَّم به، ويُخبركم بأمور آتية. ذاك يمجِّدني لأنه يأخذ مما لي ويُخبركم» (يو 16: 14،13). 4. فالروح القدس هو روح الآب والابن، الذي يملأ الكون منذ الأزل وإلى الأبد، والذي بواسطته تنسكب كل نعمة إلهية على الخليقة والبشر، وينال المؤمنون استحقاقات فداء الرب، ومن هنا كان التجديف على الروح القدس خطيئة كبرى تعني سبق انفصال صاحبها عن الله ومقاومته له وتخبُّطه في الظلام بإطفائه الروح فيه، فتستحيل توبته، وبالتالي يستحيل غفران خطيئته هذه. وقد كان نسْب قوة الله إلى عمل الشيطان واحدة من صور التجديف التي دانها الرب، فهو تجاسرٌ شرير لا يمكن التسامح فيه: + «لأنه أية خلطة للبر والإثم، وأية شركة للنور مع الظلمة، وأيُّ اتفاق للمسيح مع بليعال» (2كو 6: 15،14). + «لذلك أقول لكم: كل خطية وتجديف يُغفر للناس، وأما التجديف على الروح القدس فلن يُغفر للناس. ومَن قال كلمة على ابن الإنسان يُغفر له، وأما مَن قال على الروح القدس فلن يُغفر له، لا في هذا العالم ولا في الآتي» (مت 12: 32،31؛ لو 12: 10). 5. وكما بدأ الرب خدمته بإعلان الثالوث يوم معموديته، فإن كلماته الوداعية لتلاميذه ساعة صعوده جمعت معاً أقانيم الثالوث الأقدس الإله الواحد: «فاذهبوا وتَلْمِذوا جميع الأُمم وعمِّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس» (مت 28: 19). |
|