قال الرسول بولس ( ولكن لما جاء ملء الزمان ، أرسل الله أبنه مولوداً من أمرأة تحت الناموس ) " غل 4:4 " ، بهذا تمت نبؤة النبي أشعياء " 14:7" ( ها العذراء تحبل وتلد أبناً وتدعو أسمه عمانوئيل ) ، لكي يصالح البشر لنفسه " 2قو 18:5 " ولد الرب يسوع من عذراء مخطوبة ليوسف وأسم العذراء مريم " لو 27:1 " وقد أكد الأنجيل عذراويتها ليعلن أن المسيح ليس من ذرية آدم . هذا ما وضحه لنا النبي حزقيال عندما تحدث عن الباب الشرقي " حز 44 :1-2" الملاك جبرائيل كان قد بشر مريم ودعاها " الممتلئة نعمة " وأن كانت مخطوبة للقديس يوسف ، لكنها قد سبقت تلك الخطوبة ، وخطبت نفسها لله ، لأنها قد أعلنت عفتها وكرست نفسها لله لكي تصبح عروس للروح القدس وبعدها أم الكلمة المتجسد . وكما أعدت نفسها لله ، فالله أيضاً أعدها لنفسه فصارت هيكلاً مقدساً له ، فحل روحه عليها ، وقوة العلي ظللها ، لذلك القدوس المولود منها دعى (أبن الله ) " لو 35:1 " . أنه من المذهل أن يحل ملء اللاهوت في بطن العذراء ، أنه تنازل ألهي من أجل خلاص البشر فولدت العذراء مشتهى الأمم ، قدوس بلا عيب ، فتأهل أن يحمل خطايا العالم على الصليب . أما العذراء فنالت أعظم تكريم فصارت أماً لأبن الله القدوس . ونلنا نحن البشر بنوتنا لله بالمعمودية وبالفداء العجيب . لهذا نزل من السموات وتجسد لكي يفتقدنا ويصالحنا مع السماء . الأنسان لا يستطيع الصعود الى السماء لكي يصالح الله ، لهذا نزل من السماوات وتجسد لكي يصالحه بأبنه الموعود . وبهذا النزول أخلى ذاته ، وأخذ شكل العبد ، وصار في (الهيئة كأنسان ) "في 2: 7-8 " . لم يشأ أن يرهب الأنسان بلاهوته ، أنما كسبنا بتواضعه ومحبته وبأعماله المعجزية التي أعطت للبشرية بعداً آخر . ميلاده في حضيرة الحيوانات كان درساً آخر في التواضع والبساطة العجيبة ، لم ينزل بمواكب الملائكة وأنما ولد من عذراء يتيمة يرعاها نجار بسيط . ولد الرب في مذود ولم يعرفه أحد . لكن أعلن ذاته لبعض الرعاة ولثلاث ملوك مجوس يمثلون الأمم . أي أعلن ذاته للفقير والغني لأن الخلاص هو للجميع ، وهذه الولادة البسيطة علمت بني البشر للأبتعاد عن العظمة والمظاهر الزائلة ، هذا الطفل المولود في المذود هو الملك الذي سيملك على بيت يعقوب الى الأبد ولا يكون لملكه أنقضاء " لو 33:1" . عاش الطفل الألهي طفولة مجهولة بعيدة عن الشهرة ، لا وبل كان في بدايتها مهدداً بالقتل من قبل هيرودس ، فهرب مغترباً في أرض مصر فباركها . عاد الى أرض الوطن لكي يعيش قصة الأتضاع وحب الفقراء . جاء لكي يبشر المساكين ويعصب منكسري القلوب وينادي للمسبيين بالعتق ، وللمأسورين بالأطلاق " أش 1:61 " .
طفل المذود علم البشرية الأتضاع وأخلاء الذات والأبتعاد عن مجد العالم ، هذا الذي لم تسعه السماء والأرض ، يتضع ويعيش حياة البساطة والحب معنا حتى دعانا نحن التراب أخوة له " رو 29:8 ، عب 17:2 " بل شركاء في الميراث الأبدي " أف 6:3" . أخيراً نقول لمن نفتخر بأسمه القدوس . مبارك هو يوم ميلادك ، وليت الجميع يحتفلون ليس بيوم تجسدك فحسب بل بصفاتك ويعملون بكلامك الألهي فتتجسد فيهم ، بل تولد في قلوبهم ، فيكون لهم الخلاص . ليشع نور ميلادك المجيد في ظلمة القلوب البعيدة عن رسالتك الألهية المقدسة . ولك كل المجد .