رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
روح المجد الباطل القديس انطونيوس
أكتب اليكم كأناس تحبون الله وتسعون اليه بكل قلوبكم, فان الله يسمع لمثل هؤلاء الناس حينما يصلون, ويباركهم في كل شئ, ويهب لهم كل ما تسأله نفوسهم حينما يتوسلون اليه, اما أولئك الذين يأتون اليه ليس بكل قلبهم, بل يكونون ذوي قلبين, والذين يعملون أعمالهم لكي يُمجدوا من الناس, مثل هؤلاء لا يستمع الله لهم في أي شئ يسألونه منه, بل بالحري يغضب من أعمالهم, لأنه مكتوب لأَنَّ اللهَ قَدْ بَدَّدَ عِظَامَ مُحَاصِرِكَ(مز 53: 5) فترون اذن, كيف يغضب الله علي أعمال هؤلاء الناس, ولا يعطيهم شيئا من طلباتهم التي يسألونها منه, بل بالحري يقاومهم, لأنهم لا يعملون أعمالهم بايمان, بل يعملونها بتظاهر, لأجل ذلك, فان القوة الالهية لا تسكن فيهم, بل يكونون ضعفاء ومرضي في كل أعمالهم, وفي كل ما تمتد اليه أيديهم. لأجل هذا السبب فهم لم يعرفوا قوة النعمة, وكيف هي تحرر من الهم, ولا يعرفون الفرح الذي تعطيه, بل تكون نفوسهم مثقلة في كل أعمالهم, ان الغالبية العظمي من أبناء جيلنا هم بهذه الحالة: أنهم لم ينالوا القوة الالهية التي تسمن النفس, وتملأها فرحا وسرورا, وتعطيها يوما فيوما تلك البهجة التي تجعل القلب مشتعلا بحرارة الهية, لأن العمل الذي يعملونه, انما يعملونه كما لو كان ليراه الناس, ولهذا السبب فان القوة الالهية لا تحل عليهم, لأن قوة الله تبغض ذلك الانسان الذي يعمل أعماله لأجل مجد الناس. لذلك يا أحبائي, الذين قدمتم ثماركم لله, جاهدوا في كل أعمالكم ضد روح المجد الباطل, لكي تغلبوه في كل الأشياء, ولكي تكون حياتكم كلها وجسدكم مقبولة أمام الله, وتسكنون في الحياة مع خالقكم, ولكي تنالوا القوة الالهية, التي هي أفضل من كل الأشياء. لأني متيقن يا أحبائي, انكم طالما كنتم تفعلون كل ما في وسعكم في الحرب ضد روح المجد الباطل, ولا توافقونه بل ترفضونه باستمرار, فان جسدكم يكون حيا. فان الروح الشرير يدخل بسرعة في معركة معه, ويغلب بعضا منهم, ويشتت ويطفئ حياتهم, وبعمله هذا فانه يحرضهم أن يتركوا طريق حياتهم الفاضلة, وأن ينشغلوا بارضاء الناس, وهكذا تتبدد حياتهم, رغم أن الناس يظنون أنهم قد ربحوا شيئا, لهذا السبب فان الله لا يعطيهم القوة الالهية, بل يتركهم فارغين, لأنه لم يجد نفوسهم مستعدة بثمرة صالحة, ويحرمهم من لاهوته العظيم. أما أنتم يا أحبائي, فاجتهدوا ضد روح المجد الباطل, في كل الأوقات, لكي تغلبوه في كل الأشياء, وذلك لكي ترافقكم القوة الالهية في كل حين. وأنا أصلي لله من أجلكم, لكي يعطيكم هذا الفرح في كل حين, فانه لا يوجد شئ آخر يجعل الانسان هكذا حرا من كل قلق. واذا حدث بعد نوالكم هذا الفرح أن رأيتم نفوسكم وقد خمدت الحرارة منها وانسحبت وتركتكم, فاطلبوها من جديد وهي سترجع اليكم, لأن هذه الحرارة هي مثل النار التي تغير الذهب وتنقله الي طبيعتها, فاذا رأيتم أن قلبكم قد صار مثقلا في أي وقت, فاحضروا نفوسكم أمامكم وراجعوها الي أن تصير حارة مرة أخري وتشتعل فيها نيران الله. لأن داود النبي أيضا حينما رأي قلبه مثقلا:فَأَسْكُبُ نَفْسِي عَلَيَّ (مز 42: 4) تَذَكَّرْتُ أَيَّامَ الْقِدَمِ. لَهَجْتُ بِكُلِّ أَعْمَالِكَ بَسَطْتُ إِلَيْكَ يَدَيَّ. نَفْسِي نَحْوَكَ كَأَرْضٍ يَابِسَةٍ (مز 143: 5 و 6) هذا ما فعله داود حينما رأي أن نفسه قد بردت وثقلت, لكيما يجعلها حارة مرة أخري, وهو قد نال الحلاوة الالهية بالنهار والليل معا فافعلوا اذن هكذا يا أحبائي وأنتم ستنمون وتتقدمون, وسيعلن الله لكم أسرارا عظيمة لا توصف . فليحفظكم الله في صحة الروح والنفس والجسد الي أن يحضركم الي ملكوته مع آبائكم الذين أكملوا الحياة الصالحة . كونوا فرحين بالرب الذي له المجد الي أبد الآبدين .. آمين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ + قام بالترجمة من السريانية للانجليزية Fr. Derwas Chitty وقام بالمراجعة Sebastian Brock + قام بالترجمة من الانجليزية للعربية : المركز الأرثوذوكسي للدراسات الآبائية + تمت المقارنة بالترجمة العربية في كتاب ?روضة النفوس في رسائل ق. انطونيوس? والفيلوكاليا |
|