رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الليتورجيا تحتفل بالسرّ عن طريق الرموز 1- لماذا الرموز؟ إن الانسان بوصفه كائنا جسدياً وروحياً، يعبر عن الحقائق الروحية ويدركها عبر علامات ورموز مادية. وبوصفه كائناً اجتماعياً يحتاج إلى علامات ورموز تواصلية، (اللغة، الحركات، الأعمال...)، وهذا شأنه أيضاً في علاقته مع الله. والله يخاطب الإنسان بواسطة الخليقة المرئية. فالعالم المادي يتراءى للذهن البشري ليقرأ فيه آثار خالقه: النور والظلمة، الريح والنار، الماء والتراب، الشجر، الطبيعة، تتحدث عن الله وترمز، في آن واحد، إلى عظمته وقربه. هذه الأشياء الحسية المخلوقة، يمكن أن تصبح أداة للتعبير عن عمل الله الذي يقدس البشر، وعمل البشر الذين يؤدّون لله عباداتهم. (الغسل والمسح، كسر الخبز وتقاسم الكأس...)، تعبر عن حضور الله المقدِّس وشكر الإنسان لخالقه. 2- الرمز الليتورجي: الرمز الليتورجي هو ظاهرة تجمع في وحدة بين حقيقتين: واحدة حسية مرئية، وأخرى خفية تتجاوز الأفق البشري خارج متناول الحواس. تتجلى هذه الحقيقة الخفية في الحقيقة الحسية المرئية وتتجسد في الرمز الحسي. إذن، لا يمكن الفصل بين الشكل الظاهر والحقيقة الخفية. - الفرق بين الرمز والعلامة: إن العلامة هي أداة معرفة، أي إنها تعرِّف بحقيقة خارجة عنها، تشير إلى حقيقة غير حاضرة فيها، منفصلة عنها. فالعلامة لا تحمل في ذاتها وبنيتها الحقيقة التي تشير إليها فيها، ليست تجسيداً لها. الرمز الليتورجي يضعنا في حضور السر: هو "الخفي" يعتلن في "الظاهر"، وهو "الظاهر يقود إلى "الخفي". هذه الحركة المزدوجة، داخل الوحدة الذاتية (الرمز بحد ذاته)، هي التي تجعل الرمز الليتورجي يظهر "ظهور سر". تدخل الكلمة على الرمز فيصبح سراً. من هنا نقول بأننا "لا نؤمن بما نرى، بل نرى شيئاً ونؤمن بحقائق أخرى". نقول "حقائق أخرى" لأن من إحدى صفات الرمز هي "التجميع" (عندما نرى مياه المعمودية: نؤمن بأن الله أحب شعبه ويجدده منذ العهد القديم بماء الطوفان، وباجتيازه للبحر الأحمر ليخلصه من عبودية الشر؛ يلد الإنسان لحياة جديدة، يطهره ويغسله من آثار الخطيئة... ونؤمن بأن يسوع المسيح ابن الله مات على الصليب ثم قام، ونحن تعمدنا بدمه الغافر وقمنا معه؛ لبسنا المسيح؛ أخذنا الروح القدس؛ أُعيدت إلينا صورة الله ومثاله؛ رفضنا الشيطان وأعماله؛ استنرنا؛ أصبحنا أعضاء في جسده الحي والسري؛ لنعيش معه إلى منتهى الدهر فنتنعّم معه بالسعادة الأبدية...). فالرمز في السر يحوي حقيقةً وواقعياً الحقيقة التي يرمز إليها. إنه يُظهِر الحقيقة المقدسة للذين يفهمونه ويخفيها عن الذين لا يفهمونه. (أرى المسيح المصلوب، فأُعجَب فوراً بحبه للبشر: هكذا يقول من يؤمن، أما من لا يؤمن يقول: إن هذا جنون)، (الماء ? المعمودية)...؛ الرمز يُظهِر ويخفي في ذات الوقت. ومن هنا ضرورة شرح الرموز الليتورجية، وإلا لن يكون هناك دخولٌ كامل في عمق السر، وبالتالي في القداسة. هكذا تُفهم الليتورجيا بأنها: "مجموعة الرموز المحسوسة، الفاعلة، لتقديس الكنيسة وأدائها العبادة". ففي الاحتفال الليتورجي (الرتبة)، تدخل الكلمة على الرمز فتُجسِّد تلك الحقيقة المقدسة الخفية فيه وتجعله سراً. وكل احتفال بهذا المعنى، هو احتفال بالسر الفصحي. |
|