رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِير في نهاية المطاف بعد سنوات طوال قضاها نبي الله موسى في مصر وارض مديان والتيه في البرية . 120 عاما ً عاشها موسى كليم الله ، يخدم الله ويعاين مجده ويقود شعبه . وها هو بعد كل تلك السنوات يجلس وحيدا ً على الجبل ، بعد ان رأى ارض الموعد من بعيد . جلس يسترجع الاحداث العظيمة التي مرت به ، والعجائب التي صنعها الله بيده وبعصاه . سرح بنظره الى اول لقاء مع الله في جبل حوريب . تذكر العليقة المحترقة بالنار . ومر شريط الذكريات ... مصر ، مذلة الشعب ، فرعون ، قسوته ، الضربات ، ثم الخروج ، الخروج المتعجل والزحام والصراخ والجري والسقوط والقيام ، وعفار الصحراء يغطي الارض والسماء ، وقعقعة المركبات وصهيل الخيل وصياح جند فرعون خلفهم وانحباسهم بين البحر وجيش المصريين . الفزع على وجوه الجميع والبكاء ولطم الخدود ، ثم خلاص الرب . بضربة ٍ واحدة ٍ من عصاه انشق البحر ، وعبر الشعب وغرق جيش فرعون . وتوالت معجزات الرب ... طعام المن والسلوى من السماء ، الماء الرطب يخرج من بطن الصخرة ، وها هو الله حتى هذه اللحظة معه كل الوقت وحتى نهاية الوقت ، وقد جائت نهاية وقته . هو الآن على الجبل يرى غروب حياته وبداية انطلاقه الى الابدية لينظم الى الله الابدي . سوف يتبع رفاق ايام شبابه وايام كفاحه اللذين دفنوا في رمال الصحراء . سيرقد بجوارهم . طال عمره عنهم بعض الوقت ، لكن لكل عمر ٍ نهاية ، ولكل وقت زوال ، حظر وقت الرحيل . سيمضي موسى وتبقى الصحراء ، سيمضي موسى وتبقى الجبال ، سيمضي موسى وتبقى الانهار ، سيمضي موسى ويُدفن في التراب وتختلط ذراتُه بذراتِه ويبقى الله الازلي الابدي . في تأملاته تلك رفع موسى صلاته في المزمور التسعين : " إِحْصَاءَ أَيَّامِنَا هكَذَا عَلِّمْنَا فَنُؤْتَى قَلْبَ حِكْمَةٍ. " ( مزمور 90 : 12 ) حكمة ان نعرف ان للوقت نهاية ، حكمة ان نعرف ان للانسان نهاية . ومن الحكمة ان نفتدي الوقت ونستفيد بساعاته ودقائقه وحتى ثوانيه . وبعد ذلك كله تأتي النهاية ، نهاية الوقت ونهايتنا لنسمع الصوت : " نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِير ِ" ( متى 25 : 21 ) ونخطو الى الخلد مع الله الخالد ، نحو الابد مع الله الابدي ، آمين |
|