بالتفاصيل .. حقيقة منظمات المجتمع المدنـي!
خلال الفترة الماضية تم القبض علي 43 متهما من جنسيات مختلفة وسط اتهامات بتلقي تمويل من الخارج وتأسيس جمعيات دون تراخيص والعمل علي تقسيم مصر.. هذا ملخص ما سمعناه مؤخرا عن منظمات المجتمع المدني في مصر والتي تواجه اتهامات عديدة في الفترة الماضية.. ولكن الحقيقة أنه ليست كل منظمات المجتمع المدني تواجه هذه الاتهامات.. فالكثير منها يعمل في العلن ولها أنشطة محترمة.. وبعضها مازال يعاني حتي بعد الثورة.. وأخري تبحث عن تمويل حتي ولو أجنبيا.. في التحقيق التالي ' الشباب ' تفتح ملف هذه المنظمات...يقول حافظ أبو سعدة - رئيس مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان -: المنظمة موجودة في مصر منذ أكثر من 20 عاما , وهي من أولي المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال تعزيز حقوق الإنسان في مصر وفقا لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و تشريعات حقوق الإنسان الدولية الأخري , واستطعنا أن نرسي قيم حقوق الإنسان بشكل كبير , واكتسبنا شهرة وانتشارا ونجاحا , ونتحدث عن الحكومة وننتقدها , ونقوم برصد حالات حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق المواطنين ومواجهة الانتهاكات سواء كان مصدر هذه الانتهاكات جهة حكومية أو جهات غير حكومية وبغض النظر عن هوية ضحايا الانتهاكات او المنتهكين , ونطالب المسئولين بأن يقوموا بمراجعة جميع القوانين والتي معظمها لا يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان , كما نطالب الحكومة بأن تتوقف عن الأعمال والممارسات التي تتجاهل الالتزامات المصرية للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية , وأسوأ شيء نواجهه هو حملات التشويه والتي لا تفرق بين المنظمات المرخصة والأخري غير المرخصة , ولكن بالنسبة لنا فنحن لدينا جمعية عمومية واشتراكات وانتخابات ورئيس للمنظمة لا يتلقي أي مقابل , كما أن كل المشاريع نرسلها لوزارة الشئون الاجتماعية حسب ما ينص القانون , وبالطبع تمر علي جهة أمنية , ولكننا لا نضر بالأمن المصري , والدليل علي ذلك استمرارنا , أما عن التمويل فمن المفترض أننا حسب القانون نرسل العقد لوزارة الشئون الاجتماعية , ويقومون بمراجعة حسابات المنظمة , وتمويلنا في المنظمة يقوم أساسا علي الاتحاد الأوروبي والتبرعات التي تتلقاها المنظمة , بجانب اشتراكات الأعضاء وهي 60 جنيها في السنة , ولكن في الغالب أي جمعية أو منظمة تريد أن تقدم أنشطة محترمة تحتاج إلي أموال كثيرة , ونحن نصرف في السنة من 600 ألف إلي 800 ألف جنيه , ولكن هناك جمعيات أخري تصرف بالملايين , مثل جمعيات رجال الأعمال التي تصرف 200 مليون جنيه .
ويقول بهي الدين حسن - مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان -: نحن منظمة إقليمية مستقلة تأسست عام 1993, وتهدف إلي دعم احترام مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية , وتحليل صعوبات تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان , ونشر ثقافة حقوق الإنسان في العالم العربي , ويتمتع المركز بوضع استشاري خاص في المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة , وصفة المراقب في اللجنة الافريقية لحقوق الإنسان والشعوب , و هو عضو في الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان , والشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية الرأي والتعبير ( ايفكس ). وحاصل علي جائزة الجمهورية الفرنسية لحقوق الإنسان لعام 2007 , وعموما المنظمات موجودة منذ 1985, وأحيانا يزيد عددها , وللأسف المشاكل تعم الجميع , فالشكل القانوني في مصر في الحقيقة معاد للمجتمع المدني , بدءا من حق ميلاد الجمعية أو المركز , فنحن دائما في حالة كفاح من أجل أن نقدم عملا جادا ومفيدا في الشارع , لأننا فعلا في خناقة , فلو قمنا بأنشطة خاصة بمحو أمية أو كفالة أيتام أو أي شيء من هذا القبيل لا نواجه بأي تعنت , ولكن لو تحدثنا عن الانتخابات يعترضون , حتي لو كانت انتخابات داخلية في المركز فيعترضون علي قائمة المرشحين , أما عن التمويل فهي أزمة ولكنها واحدة من أزمات عديدة تواجه المجتمع المدني , فالدولة ترفض التمويل , وأي جمعية يجب أن تعتمد علي التمويل حتي تستطيع أن تقدم عملا جادا , فهم يستخدمون حكاية الفلوس من أجل عدم العمل للأسف , ويجب أن يكون هناك حل لكل القوانين التي تعوق عمل منظمات المجتمع المدني .
20 ألف دولار التمويل في السنة من جهة أمريكية .. هذا ما اعترف به جوزيف إبراهيم - رئيس المركز المصري للتنمية وحقوق الإنسان - والذي يقول : نعمل في مصر منذ 2007, كشركة مدنية غير هادفة للربح , ونحمل بطاقة ضريبية وحسابا في البنك , وعندما تقدمنا للحصول علي ترخيص لجمعية تابعة للشئون الاجتماعية تم رفضها برغم أن المادة 11 من قانون الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني ينص علي رفض أي جمعية تقوم علي أساس تشكيلات عسكرية أو أساس طائفي أو سياسي , ولكننا جمعية لحقوق الإنسان , كما قدمت علي جمعية لتقديم دعم للمعاقين والمرضي النفسيين بالتنسيق مع الشئون الاجتماعية , وقدنا حملة لاستخراج بطاقات رقم قومي للمرضي النفسيين في 2010, ونجحنا في ذلك , فنحن بعيدون عن السياسة ومع ذلك يتم رفضنا , أما عن ميزانياتنا فنحن نرسل مشاريعنا للجهات المانحة وترد بالموافقة أو الرفض , وهناك جهة اسمها MBI في أمريكا وهي الصندوق الوطني , ونتعامل معهم وحصلنا علي 20 ألف دولار في السنة لأنشطتنا , ولكن غير ذلك فنحن نعمل علي الجهود الذاتية , ولكننا في حاجة إلي أموال كثيرة حتي نقوم بمهامنا .
لا نحصل علي تمويل لا من الداخل أو من الخارج وكله من جيوبنا .. هذا ما أكده خلف بيومي - رئيس مجلس إدارة مركز الشهاب - والذي قال : نحن نصرف علي أنفسنا من جيوبنا , وكلنا متطوعون , ولكن التمويل يجب أن يكون له حل , حتي نستطيع أن نقوم بدورنا دون أي شبهات , فالشركات الوطنية يجب أن تمول المنظمات الحقوقية وتغنينا عن التمويل الخارجي إذا كانوا يعتبرونه مشبوها , كما أن أزمة التراخيص يجب أن تحل , فنحن بدأنا في 2004, وتقدمنا للشئون الاجتماعية ولكن تم رفض الترخيص , ولذلك هربنا من ذلك عن طريق إنشاء شركة قانونية وأشهرنا المركز علي أنه مركز حقوقي بعد الثورة , وطوال الوقت كنا نتعرض للاستجواب من أمن الدولة التي كانت تستدعينا دائما لتسألنا عن عملنا , ولكنهم لم يمسكوا علينا أي شيء , ونحن نعمل في مجال الدعم القانوني في قضايا المتظاهرين والتدريب والتثقيف , بجانب حقوق المرأة والطفل والطلاب , وميزانياتنا تأتي عن طريق اشتراكات الأعضاء , ولكن هذا قليل جدا , فلدينا 240 عضوا , والاشتراك 60 جنيها في السنة , فنعتمد أيضا علي تبرعات أخري , علي الرغم من أنه كان أمامنا منظمات أخري تدفع للفرد الذي يراقب 300 جنيه في اليوم , ولذلك يجب أن يجدوا لنا حلا إذا كانوا يريدون مجتمعا مدنيا محترما في مصر .
ويقول هيثم أبو خليل - مدير مركز ضحايا حقوق الإنسان -: نعمل في مصر منذ عام 2007, وتقدمنا أكثر من مرة للحصول علي ترخيص ولكن أمن الدولة كان يرفض ذلك , فعملنا شركة بسيطة , وأبلغنا الضرائب واستأجرنا شقة , ولكننا فوجئنا بأمن الدولة يقتحم المقر , ثم هددوا صاحب الشقة وطلب منا الخروج منها , ولكننا بعد الثورة عدنا بمقر في الإسكندرية , ورفضنا أي دعم أو تمويل من المنظمات الأجنبية التي تفرض أجندة معينة , كما أن جماعة الإخوان أخذت موقفا منا , لأنهم يريدون كل شيء تحت سيطرتهم , وأنشطتنا تتركز في حقوق الضحايا والشهداء , ولدينا كوكبة من الحقوقيين , ونقيم ندوات وأنشطة لدعم الحقوق , ولدينا ملفات نعمل عليها مثل أطفال الشوارع وحقوق الشهداء , ولكننا نعمل بأقل التكاليف , ونجمع تبرعات من الأعضاء , ومصاريفنا قليلة بسبب قلة الدعم , فمن الممكن أن نصرف 1500 جنيه فقط في الشهر , وهذا لا يمكن أن يحقق شيئا في المجتمع المدني , فقانون الجمعيات يجب أن يراعي ذلك حتي ولو كان التمويل تحـت رقابة الدولة .
نحصل علي 25 ألف دولار في المشروع ونعمل علي وجود حملات ضغط .. هذا ما قاله شريف هلالي - المدير التنفيذي للمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان - ويقول : شكلنا القانوني منذ بداياتنا في 2006 هو شركة مدنية بسبب وجود مشاكل في قانون الجمعيات , وحتي في حالة الترخيص كجمعية سنجد مشاكل في المراقبة علي مجلس الإدارة والجمعية العمومية , بجانب صعوبة الحصول علي الموافقة علي المنح , فهم يرفضون دائما سواء بسبب الأمن أو جهات أخري , ونحن في المؤسسة مهتمون بفكرة المنظمات والنقابات , ونقوم بعمل تدريبات حول تفعيل تطوير خبرات المهنيين , ونفهمهم معني الرقابة , ونعقد دورات وورشا في المحافظات المختلفة , والتعرف علي العوائق التي تحول دون العمل في النقابات والمنظمات , كما أن التوعية السياسية تعتبرجزءا من أنشطتنا , كما أننا نقوم بعمل حملات ضغط داخل النقابات , واكتساب الشباب للخبرات اللازمة .
أما عن التمويل فيقول : نعتمد علي المؤسسات الدولية والعربية غير الحكومية , والتي تهتم بأنشطة حقوق الإنسان في مصر مثل ' الوقفية الأهلية الأمريكية ', وغيرها , فلو تلقينا منحا من مؤسسات لها وضع قانوني في مصر القانون ينص علي إخطار الجهة الإدارية فقط , أما لو كانت مؤسسات دولية ليس لها مقر في مصر فيجب الحصول علي الموافقة ولكن من غير موعد محدد أو معايير , وهذا يعني رفض التمويل , لأن أمن الدولة كان يرفض , كما أننا كنا نعلم أن الاعتماد علي تمويل رجال الأعمال في مصر لن يفيد لأنهم يأتمرون بأمر النظام السابق , كما أننا نحصل علي التمويل غير المشروط , فنقدم لهم أفكارنا والميزانية , وهم يقومون بمراقبتنا من خلال تقارير فنية عن النشاط , وحصلنا علي تمويل قيمته 25 ألف دولار في السنة , وهذه المبالغ تأتي كمنح مرتبطة بأنشطة ومشروع معين , ويراقبون ذلك .
وتقول د . ماجدة عدلي - مديرة مركز النديم -: في المركز لدينا نظام نسير عليه , ونعرف الناس كيف يدافعون عن حقوقهم , ونعمل منذ 19 عاما , ونعمل علي مناهضة كل أشكال العنف والتعذيب والعنف المنظم , بغض النظر عن جنس أو جنسية أو عمر الضحية , وأيا كان الجاني , وسواء كان العنف جماعيا أو فرديا , جسديا أو نفسيا أو جنسيا , بجانب مساندة ضحايا العنف والتعذيب بكل السبل الممكنة , وفقا لاحتياجاتهم واحتياجات أسرهم , بجانب مساندة المدافعين عن حقوق الإنسان ومناهضة كل أشكال انتهاكاتها , والمركز عضو في الشبكة الدولية للمراكز العاملة في تأهيل ضحايا التعذيب IRCT, والجمعية العالمية للطب النفسي , وشبكة المنظمات العاملة في تأهيل ضحايا التعذيب في الشرق الأوسط وشمال افريقيا ' أمان ', ومجموعة ' سلمي ' العربية لمناهضة العنف ضد النساء , وليس لدينا أزمة في حكاية التمويل , كما أن لدينا مراقبا للحسابات ونتمتع بالشفافية في كل شيء , ومعنا تراخيص , ولكن المشكلة في حملات التشويه المتعمدة من أيام مبارك وحتي الآن , وفي نفس الوقت أستغرب اعتراض الحكومة علي دعم أنشطة خاصة بحقوق الإنسان علي الرغم من أنها تحصل علي معونات , ولكنهم يتعاملون مع منظمات المجتمع المدني علي أساس أنها إذا قامت بدور الحكومة لا تقوم به في العديد من الخدمات فليس لديها مانع , ولكن أن تنتقد وتقول إن الناس يجب أن يحصلوا علي حقوقهم فهذا عيب !!
بوابة الشباب