منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12 - 08 - 2014, 03:32 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,172

الكلمة الشّافية!
الكلمة الشّافية!
الأرشمندريت توما (بيطار)
رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي دوما
وقف يسوع في موضع سهل، هو وجمع من تلاميذه وجمهور كثير. جاءوا ليسمعوه ويُشفَوا من أمراضهم (لوقا 6: 17). كم كثيرًا كان هذا الجمهور؟ خمسون، مائة، مائتان، خمسمائة، ألف...؟
لا نعرف! نعرف، فقط، في البَشرَة، أنّ مخاطبة جمهور كثير في موضع سهل يحتاج إلى أجهزة صوت قويّة. مستحيل على جمهور أن يسمع متكلِّمًا، لا مناديًا (!)، من مسافة تزيد على بضعة أمتار.
ومع ذلك، كانت الكلمة تبلغ أذن كلّ واحد من الحاضرين! حين يتكلّم الرّبّ الإله، يُعطَى السّامع أن يسمع بوضوح، وأن يفهم، إذا ما طلب أن يفهم. يَتوقّع المرء أن يكون صمت الجمهور، أو لنقل كلّ واحد من الحاضرين، عميقًا.
ونعتبر أنّ السّيّد كان يخاطب كلاً من الموجودين شخصيًّا. النّاس يكلِّمون الجماهير ككتلة، أمّا الرّبّ الإله فيخاطبهم كأشخاص. يعرف كلَّ واحد وقلبَه وما يعاني وما يحتاج إليه وما ينفعه وما يضرّه. كيف ذلك؟ دانيال النّبيّ يخبرنا لو عرفناه كإله وعاينّاه متجلًّيا:
"وجهه كمنظر البرق وعيناه كمصباحَي نار وذراعاه ورجلاه كعين النّحاس المصقول وصوت كلامه كصوت جمهور... وقال لي... افهم الكلام الّذي أُكلّمك به... من اليوم الأوّل الّذي جعلتَ قلبك للفهم ولإذلال نفسك قدّام إلهك سُمِع كلامُك وأنا أتيتُ لأجل كلامك... ولمسني كمنظر إنسان وقوّاني" (دا 10: 6، 11، 12، 18).
يعطي يسوع كلاً قدر ما يشاء ووفق الحاجة. الرّوح يُعطَى بلا حساب: مَن يطلب قليلاً يأخذ قليلاً، ومَن يطلب كثيرًا يأخذ كثيرًا. يسوع يُعطِي ذاته بالكلّيّة. "خذوا كلوا، هذا هو جسدي... اشربوا منه كلّكم، هذا هو دمي".
والكلمة تقع في كلّ كيان وفقًا لواقعه وباعتبار حاجته وما ينفعه. "أطعمتَهم طعام الملائكة وأرسلتَ لهم خبزًا مُعدًّا... يلائم كلّ ذوق... ويتحوّل إلى ما شاء كلُّ واحد"
(حك 16: 20، 21).
كانوا متعَبين. جاءوا حتّى من ساحل صور وصيداء (لو 6: 17). كانوا جوعى. والرّوح أراحهم لأنّهم كانوا إلى السّيّد. كلمته أنعشت قلوبهم وغذّتهم حتّى جسديًّا.
أما قيل: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله"؟ يكفيهم أنّهم تبعوه. كلّ حاجاتهم، بعد ذلك، مقضيّة. لا يعطي السّيّد كما نتوقّع وكما نرغب، بل ما لا نتوقّع وما ينفع لأنّنا لا نعرف، بعد، أن نطلب، ولا ما يوافقنا. هو يعلِّمنا ما ينبغي أن نكون إيّاه ونسيناه بقوّة أهوائنا، ويعطينا ما لا يخطر لنا ببال. "خبزنا الجوهريّ أعطنا اليوم...".
فالطّوبى لمَن يقبل ما يَتنزّل عليه من لدن الله مصحوبًا بضيقات كثيرة، كالأطفال، يتعلّم ألاّ يسأل شيئًا بل يَقبل ما يشاؤه الرّبّ له. "لتكن مشيئتك".
علينا، في كلّ حال، أن نكون مستعدّين لأن نتغيّر في اتجاه الكلمة، في اتجاه ما يجعله الرّبّ الإله في قلوبنا. والكلمة الإلهيّة هي الّتي تخلق فينا حالة اتّزان وأن نعرف:
أن نعرف أنفسنا على حقيقتها وأن نعاين الرّبّ الإله كما هو. فقط علينا أن نسمع بأذننا الدّاخليّة. كثيرون يسمعون ولا يسمعون، لذلك يسمعون ولا يفهمون. أما كان يسوع يردّد، من حين لآخر، قوله: "مَن له أذنان للسّمع فليسمع"؟ ما لم يخرج الإنسان من سماع نفسه، لا يمكنه أن يعطي انتباهًا لكلمة الله، ومن ثمّ أن يسمع.
لا تنفذ كلمة الله إلى قلبه ولا تبثّ نورًا وروحًا، بل تبقى خارجًا. كلمة الله ليست ككلام النّاس. إن استقرّت في القلب تطيِّبه بطيب سماويّ. حتّى المبتدئين، إن طلبوها من كلّ القلب، تذيقهم الفردوس، فإنّ لها خِلابتها. لذا كان علينا، بإزاء الكلمة، أن نَصمت، أن نُخرس ثرثراتنا الدّاخليّة، ثرثرات أهوائنا وأفكارنا وذكرياتنا وطموحاتنا. لا يتجلّى الرّبّ الإله في كلمته إلاّ باليقظة والانتباه الكاملَين فينا!
جاءوا ليستمعوه ويُبرَأوا. الأذن الدّاخليّة هي مطرح البرء. السّماع الأصيل هو يبرئ النّفس. للكلمة، أوّلاً، قوّة شفائيّة! إذا لم نعطِ إصغاء أحرى تَعبُر الكلمة بصورة عبد كأنّها لم تكن.
كلّ مرض، في القلب والنّفس والجسد، أصلُه أنّ الإنسان لا يسمع، والكلمة، من ثمّ، لا تستقرّ في الكيان. القلب، بالكلمة، يُشفى، لا شكّ في ذلك، والذّهن يستنير. النّفس، إذ ذاك، تتعافى. العافية نور! وأمراض النّفس كلّها تيهان في عتمة الكيان! نور الله يجمع قوى النّفس إلى واحد ويجعلها متكاملة متراصّة.
مرَضُ النّفس تَفَكُّكٌ في قوى النّفس، فإن حيِِيَتِ النّفسُ بالنّور انجمعت! تماسُك قوى النّفس من استقرار كلمة الله، في القلب، نورًا وحضرةً! القلب الخاشع المتواضع لا يرذله الله ولا يعرف مرضًا في النّفس.
أمّا الجسد فيتعافى هو أيضًا. قد يظهر هذا في انحلال المرض من الجسد. يسوع شفى النّفوس والأجساد، النّفوس بطرد الأرواح الشّرّيرة في قواها القائمة مباشرة في النّفوس، أو في قواها القائمة في الأهواء، والأجساد باستعادة الانتظام في اللّحم والدّم.
حتّى الّذين لم يُشفَوا من عللهم البدنيّة، إن استقرّت فيهم كلمة الله واستنارت أكبادُهم يتعافَون. أعظم خبرة أُعطيت للإنسان في الجسد أن يختبر العافية في المرض.
حين يتوحّد القلب والنّفس والجسد في الكلمة، في النّور، في الرّوح، يختبر الإنسان أمرًا فذًّا ليس معروفًا بين الّذين لا يؤمنون بيسوع. يختبر بُرْءًا عجيبًا. الجسد، عضويًّا، يكون معتلاً، ولا تظهر العافية جسديًّا بل في الحال الدّاخليّة المرافقة لواقع الجسد.
الفرح بالرّبّ يختبره صاحبُه أقوى من أتعاب الجسد ومعاناته، أقوى إلى حدّ يجعل معه الفرحُ وجعَ الجسد كأنّه لا شيء. نعمةٌ خاصّةٌ تكون لمَن استقرّت فيه الحضرة الإلهيّة ولمّا تغادرْه عللُ البدن، حتّى لَيَختبر المرءُ فرحَ الرّبّ أشدَّ وأعمق من الفرح الّذي كان ليختبرَه لو شُفي من أمراض الجسد.
هذا بفضل الصّليب، صليب الرّبّ يسوع. القيامة لا تنفصل، في خبرة الكنيسة، عن الصّليب.
الصّليب، بعد قيامة الرّبّ يسوع، صار علامة الموت والقيامة في آن معًا، أو بالأحرى، علامة القيامة في الموت، واستطرادًا علامة سلام المسيح القائمة في ضيقات البشريّة لأجل السّيّد. القيامة الّتي نشترك فيها والرّبِّ يسوع، كلّ يوم، هي هذه أنّنا أُعطينا حياةً جديدة ونحن في عتاقة آدم السّاقط، أنّنا أُعطينا فرح الرّبّ ونحن في معاناة الجسد في هذا الدّهر، أنّنا أُعطينا الشّفاء ونحن نكابد علل البدن،
"حتّى كما أُقيم المسيحُ من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدّة الحياة، لأنّه إن كنّا قد صرنا متّحدين معه بشبه موته نصير أيضًا بقيامته" (رو 6: 4 ? 5).
فلا غرو إن تكلّم الرّسول المصطفى بولس بلغة لم يسبق لبشريّ أن تكلّم بها معبِّرًا عن خبرة الحياة الجديدة هذه، عن خبرة الحياة الأبديّة في الموت، عن خبرة الضّياء في الخزف، عن خبرة التّماسك الدّاخليّ في التّفكّك الخارجيّ. دونك ما قاله:
"لنا هذا الكنز في أوان خزفيّة ليكون فضل القوّة لله لا منّا... حاملين في الجسد كلّ حين إماتة الرّبّ يسوع لكي تُظهَر حياة يسوع أيضًا في جسدنا. لأنّنا نحن الأحياء نسلَّم دائمًا للموت من أجل يسوع لكي تَظهَر حياة يسوع أيضًا في جسدنا المائت"
(2 كو 4: 7، 10 - 11).
إذًا ليست الآلام الّتي يكابدها النّاس، في الحقيقة، من الله، فلا ننسبنّها إليه. الآلام هي من الانصراف عن سماع كلمة الله إلى سماع كلمة مَن جرّب آدم وحوّاء، في البدء، ولا يزال يجرّب الجنس البشريّ: إبليس! هذه هي التّجربة الّتي ترجمتُها في الإنسان أن يسمع الإنسان صوتَ نفسِه ويسلكَ فيما توحي له به من دون الله.
لم يأتِ الرّبّ الإله متجسِّدًا ليُلغي هذه الحال، بل ليبثّ كلمتَه وروحَه في قلب الإنسان، ليحوّلَ آلام الإنسان إلى هيكل للفرح بالرّبّ، والأسى الّذي ينبعث في النّفس من جرّاء هذه الآلام إلى مطرح للرّجاء، والموت الّذي تفضي به إليه هذه الآلام إلى موضعٍ ومعبرٍ للقيامة والحياة الأبديّة... منذ الآن!
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
لا تقاوم الكلمة لأن الكلمة هي كلمة النعمة أعمال 20 :32
انجيل يوحنا 1 :1في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله
قالت رحمتك الكلمة الشّافية
يسوع هو الكلمة المعاشة (الكلمة ذاتها)
في البدء كان الكلمة ... وكان الكلمة الله" يوحنا1 : 1 .


الساعة الآن 02:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024