![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هي العقيدة وكيف نفهم أسرارها وندخل في خبرة تذوقها !!!!
![]() يُخطأ البعض حينما يظن أن العقيدة عِبارة عن أفكار وكلام وحوار وألفاظ مجردة، أو يحصرها في إطار طائفي ضيق، أو يحولها لفلسفة عقلية جدلية، لأن العقيدة المسيحية الحقيقية، لا تعتمد على مجرد فكر ومعرفة تنحصر في العقل ومتطلبات العصر، لأن أساس جوهرها وقاعدتها هو الحق، ولا يظن أحد أن الحق هنا بالمعنى الفكري للكلمة، أو أنه مجرد صدق، أو مجرد حقيقة، لأن الحق هنا مُشخص، أي هو شخص المسيح الله الكلمة المتجسد، وأي نوع من أنواع الكلام عن العقيدة غير مرتكز على الحق الذي هو شخص المسيح الرب القيامة والحياة من جهة الخبرة، فهو غريب عن المسيح ولا يصح أن يكون عقيدة !!! فما هي العقيدة التي حسب الحق وما هي أساس قاعدتها !!!العقيدة باختصار هي تعبير الكنيسة عن الحقائق الإلهية التي أعلنها المسيح الرب بفمه وأعماله، وهي مخطوطة في قلب الكنيسة بالروح القدس، وتخرج بصورة خبرة عميقة سجلها الآباء القديسين المحبين لله بأعمالهم ونطقوا بها بالروح القدس حسب الحق المُعلن في قلبهم وعقلهم المستنير بالنعمة.... والعقيدة بالطبع في هذه الحالة ترتكز على مصدر الإعلان الإلهي وتُعبِّر عن حقيقة مُعلنة من الله في المسيح، أي أنها باختصار تستعلن الحق الذي هو المسيح الرب من كلام فمه، أي ما نطق به، لأن كلمته هي أنفاسه الخاصة التي هي حياة الكنيسة .... إذن العقيدة الحقيقية في الكنيسة ليست صورة ورمز تُعبِّر عن الشعور الشخصي أو المشاعر الدينية أو تأملات الأشخاص الذين يؤلفون الكنيسة من شعب وشمامسة وكهنة وأساقفة ومطارنة وبطاركة، لأنها لو كانت مشاعر وأحاسيس وتأملات ومجرد عظات وأفكار لفقدت طبعها الدائم والمتين وأمكن تعديلها حسب ثقافة كل عصر ومتطلباته، وتختلف من شرح لشرح آخر ومن فكر لفكر آخر، بل وتدخل في صراع العقل الغير مستنير فتفقد قوتها عند الجميع وتخضع للتغيير وبالتالي تخرج عن كونها إعلان الحق، لأن الحق ثابت لا يتغير، أو ينكمش أو ينحصر حتى في فكرة ولفظة، إنما لكونه حق هو يزداد إعلان وكشف عن ذاته بلا توقف، بل يزداد اتساع وإشراق كلما مر الزمان عبر الدهور والأيام إلى أن يستعلن في كماله عند مجيء مخلصنا الصالح يسوع....والعقيدة بطبعها ممتدة ومُسلَّمة من جيل لجيل، ومع تسليمها تزداد إشراق ووضوح، ويقول إقليمس الإسكندري (تنيح 215م) [ السيد (المسيح) هو قاعدة تعليمنا، ويبقى موجَّه معرفتنا بطرق مختلفة وفي أمكنة مختلفة بواسطة الأنبياء والإنجيل والرسل المطوبين ... ] لذلك الكنيسة كواجب موضوع عليها إذ أنها مؤتمنة على التعليم، قبل إعلانها عن أي شرح او تفسير وإعلانه كعقيدة، عليها أن تتأكد – بمجمع اساقفتها وكهنتها وعلماءها الأتقياء – من ارتكازها على الكتاب المقدس أنفاس الله والتقليد الرسولي الثابت في الحق، وإلا اعتُبِرَ مضمون هذه العقيدة المعلنة مجرد رأياً لاهوتياً (Theologoumenon) فكرياً لا يُلزم المؤمنين في شيء... ويلزمان أن نعلم أن الكنيسة لم يكن في غرضها وهدفها منذ العصر الرسولي أن تعلن ألفاظاً عقائدية تقننها، بل أتى هذا التقنين عن ضرورة وضعت عليها بسبب الهرطقات التي ظهرت بسبب عدو الخير ليقلق الكنيسة ويبدد إيمانها بالمسيح الرب، ليخسر الإنسان حياته الأبدية، لأن عدو كل خير منذ البدء كان قتالاً للناس، يُريد أن الكل يهلك ولا يأتي لمعرفة الحق أبداً فيُشفى ويستنير وينحل من وثق الموت والفساد وينفك من أسره ويحيا في حرية مجد أولاد الله وينضم للكنيسة ويتذوق قوة خلاص المسيح الرب فيفرح ويبتهج ويحيا في سر التقوى ومحبة الله... فالكنيسة خطت العقيدة وشرحتها بتدقيق شديد ونحتت ألفاظها وقننتها باختيار الروح في المجامع المقدسة، وهي على يقين أن التعبير البشري عاجز عن الإحاطة بسرّ الله الغير محصور لا في فكر ولا في كلمة أو لفظة أو جملة أو حتى في مؤلفات كتب العالم كله... يقول القديس هيلاري أسقف بواتيه (المشهور بأثناسيوس الغرب، وهو من الآباء المعتبرين أعمدة في الكنيسة) وهو من القرن الرابع وقد اشترك في أعمال المجمع المسكوني الأول (325): [ إن شرّ الهراطقة والمجدفين يُرغمنا على القيام بأمور مُحرمة: أن نتسلق القمم المحظور تسلقها، أن نتكلم في مواضيع لا يُنطق بها، وأن نُقدم تفاسير ممنوعة. كان علينا أن نكتفي بأن نُتمم بالإيمان وحده ما أُمرنا به، أعني أن نسجد للآب وأن نُكرم الابن معه وأن نمتلئ من الروح القدس. ولكننا مُرغمون على أن نُطبق كلماتنا المتواضعة على الأسرار الأبعد من الوصف. إن خطيئة الآخرين تقودنا إلى خطيئة أعظم (وهي): التعبير عن الأسرار التي كان يجب أن نحويها في ديانة قلوبنا بقصور اللغة البشرية ] (في الثالوث 2: 2)فيا أحباء المسيح الذين يسعون إليه بكل قلوبهم لكي يدخلوا في حياة الشركة مع الثالوث القدوس، أدخلوا للعقيدة لا من مدخل الانحصار في اللفظ ولا من جهة إحياء الطائفية والتعصب وأننا الأفضل، بل أدخلوا إليها باستنارة الذهن وبقلب ممتلئ حب لله القدوس الحي، طالبين ملئ الروح القدس لكي يفتح لكم كنز أسرار الله ليُستعلن في قلوبكم الحق الذي هو الله بشخصه، فتروا ما لا يُرى وتنضموا للآباء متحدين معهم في سر رباط الروح الواحد، روح الإلهام والنبوة وروح إعلان أسرار الله للحياة والمجد والفرح والمسرة، وتتميم مقاصد الله بإرادة صالحة، وأعلموا ان كل من دخل في معرفة الحق كنور وحياة فأنه يدخل في حرية مجد أولاد الله:
فيا إخوتي الأحباء في كنيسة الله الحي، أعلموا أننا في الأزمنة الأخيرة، وأن يوم استعلان ربنا قريب، وان لم ننتبه لحياتنا فأننا سريعاً نضل عن الحق الذي هو شخص المسيح الحي، وسنبتعد عن شركة الثالوث القدوس حتماً، فكثيرون اليوم يدَّعون التعليم والمعرفة الروحية واللاهوتية، وكثيرون يكتبون ويتكلمون بشهادات غريبة عن روح الإنجيل، لأنهم ضلوا عن الحق وتغربوا عن الله بأفكارهم الخاصة، وعدو كل خير خدعهم وجعل لهم صورة التقوى وشكلها المبهر الخارجي ولكن بدون أصل، لأنهم لم يستقوا من التسليم الرسولي الظاهر في العقيدة التي فيها الحق مُعلن، وإذ ضلوا أضلوا ورائهم الكثيرين الذين لم يحظوا بعد بخبرة الشركة مع القديسين في النور ولم تُبنى حياتهم على التسليم الرسولي في الحق، لذلك لا تنخدعوا وتصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح مُميزين التعليم على ضوء الكتاب المقدس لأنه كلمة الحق الفاحصة كل شيء وكل من يخالفها لا تصدقوه ولو كان يصنع المعجزات، لأن الله لم ولن يخالف نفسه ولن يخالف ما أعلنه، بل ممكن أن يُعطيه إشراق أكثر فأكثر في كل زمان وعلى امتداد الأجيال، ولكن لن يكون معاكس أو مُنافي لما كان !!! واعلموا أن ليس كل من يقول الرب قال لي هو في الحق يعيش، أو أن الرب قال شيئ قط على خلاف ما قد أعلنه الرسل بالروح القدس، لأنه لن يكون هناك إنجيل آخر ولا رسائل رسولية بخلاف ما كُتب لأنه لم يظهر رسل لله قط في أي زمان آخر كما يتكلم البعض غير واعين للإنجيل، أو كما يروج البعض لأنفسهم كأنهم رسل عارفي الحق ويدركون أشياء لم تظهر ولم تأتي في الإنجيل ولم تقبلها الكنيسة كلها على مر العصور، فيا إخوتي انتبهوا جداً لهذا الموضوع واطلبوا من الله تمييز وإفراز حتى لا تضلوا كما انخدع الكثيرين وضلوا وراء الباطل ظناً منهم أنه هو الحق... |
|